فن الخشابة البصرية هو أحد الفنون التقليدية التي تعكس عمق الثقافة الشعبية في منطقة البصرة، وتحديداً في أبو الخصيب.
هذا الفن لم يكن وليد البحر أو حياة البحارة كما يظن البعض، بل نشأ بين العمال البسطاء في بساتين النخيل وصناعة الخشب.
هؤلاء العمال كانوا يقومون بحفر ونجر الخشب لصناعة آلة "الخشبة" التي يعزف عليها، ولهذا سمي هذا الفن "الخشابة".
الشخص الذي يعزف على هذه الآلة كان يعرف بالكاسور، وهو قلب الفرقة ومحورها، والفرقة نفسها كانت تعرف باسم "الشدة".
نشأة وتطور فن الخشابة
دأ هذا الفن في أبو الخصيب على يد العمال البسطاء الذين كانوا يعملون في النخيل والخشب.
الآلة الأساسية كانت مصنوعة من الخشب، قبل أن تدخل آلة الفخار لاحقاً لسهولة صنعها.
الكاسور كان الشخصية الأهم في الفرقة، حيث أن وجوده كان ضرورياً لقيام الفرقة.
من أشهر الكواسير الذين تركوا بصمة في هذا الفن: محمود قريش، الملّا عدنان، حسين بتور، محمد بتور، محسن الصانع، خلف السعيد، ربيع ومعتوق (الأخوة)، ستار الحجي، وسعد اليابس الذي يُعتبر أشهرهم بسبب نقله هذا الفن إلى العالمية.
انتشار الفن من البصرة إلى الخليج
على الرغم من أن فن الخشابة بدأ في البصرة، إلا أنه لم يكن معروفاً في مناطق الخليج قبل انتقال مجموعة من الزبيريين الذين تعلموه في البصرة إلى الكويت وباقي دول الخليج، حيث انتشر وأصبح جزءاً من التراث الموسيقي لتلك الدول.
هيكل الفرقة (الشدة)
تتكون الشدة أو الفرقة من عدة عناصر، لكل منها دوره الخاص:
- الرئيس: ليس بالضرورة أن يكون عازفاً، بل قد يكون الأكبر سناً.
-الجاووش: المنسق للفرقة والمسؤول عن التحضيرات والاتفاقيات لإقامة الحفلات.
- قارئ المقام: الشخص الذي يؤدي المقامات الموسيقية.
- الكاسور: الشخصية الأهم وعازف آلة الخشبة.
- مغني البستات: الشخص الذي يؤدي الأغاني الشعبية.
- اللوازيم (الطبالة): الأشخاص الذين يعزفون على الطبول.
- عازف العود: الشخص الذي يعزف على آلة العود.
- الراقص: الشخص الذي يضفي حيوية على الأداء بحركاته الراقصة.
أشهر مطربي الخشابة
من بين الأسماء اللامعة في سماء فن الخشابة:
- حميد الياسر
- عبد الرحمن أبو عوف
-حميد مجيد
-علي الغوينم
-أبو صَلب
-سليمان السحلي
- ظمحسن الصانع
- صالح الحريبي
دور كريم العيسى في توثيق هذا الفن
كان للصديق الخلوق كريم العيسى أبو عادل دور محوري في توثيق هذا الفن ونشره. من خلال قناته، جعل فن الخشابة مرئياً ومسموعاً على نطاق عالمي، مما ساهم في الحفاظ على هذا التراث الثقافي ونقله للأجيال القادمة.
خاتمة
فن الخشابة البصرية ليس مجرد لون من ألوان الفنون الشعبية، بل هو جزء من التراث الثقافي الذي يعكس حياة الناس البسطاء في البصرة.
من أبو الخصيب إلى المسارح العالمية، استطاع هذا الفن أن يعبر القارات ويصل إلى قلوب الناس في كل مكان.
بفضل الكواسير والفنانين الذين حملوا رايته، وأشخاص مثل كريم العيسى الذين عملوا على توثيقه، يبقى فن الخشابة رمزاً للأصالة والجمال.