توطئة /إن صانعي القرن العشرين (كثيرون) منهم هتلر ستالين بيكاسو أنشتاين أنور السادات نجيب محفوظ وأم كلثوم وإلى " جورج أورويل " ولكن قلّة هم من عبروا عن ضمير القرن العشرين وعلى رأسهم الروائي والكاتب والمفكر" جورج أورويل " مقتبس من كتاب شخصيات لها تأريخ للكاتب السوري جلال أمين.

فعلا فتح لنا هذا الكتاب مقاربات تأريخية ببصمات قامات سياسية وأدبية وثقافية وفنية في السفر العربي والعالمي وبخط وأنفاس كاتب ومؤلف يحمل من الوطنية وعشق الأنسنة والحرية والكلمة الحرّة.

من أقوال المفكر المتنبي " جورج أورويل " : السياسيون في العالم كالقرود في الغابة ، إذا تشاجروا أفسدوا الزرع وإذا تصالحوا أكلوا المحصول ، عامة الشعب مخلوقات هشّة جبانة لا تتحمل الحرية أو مواجهة الحقيقة ، لابد من حكمها وخداعها بشكل منهجي عن طريق آخرين يكونون أكثر قوّة ، لم يكن البقاء على قيد الحياة هدفا للمرء بل البقاء أنساناً ، الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة لا يعتبر ضحيّة ، بل شريكاً في الجريمة ، إن اختيار البشر محصور بين السعادة والحرية ، ومعظم الناس يختارون السعادة ، لغة السياسة تمّ تصميمها لتجعل الكذب يبدو صادقاً والقتل مباحاً ، أسوأ أعدائك جهازك العصبي .

تحية أعجاب لجورج أوريل (متنبي الغرب) وعاشق الحرية وعدو الاستعباد.

جورج أورويل Georg Orwell  1903 – 1950 صحفي وروائي ومفكر بريطاني ، تتميّز كتاباتهُ بخفة الدم والذكاء والوضوح ، كان م الحديث عن التحذير من غياب العدالة الاجتماعية ، ومعارضة الحكم الشمولي ، وكتب في النقد الأدبي والشعر والخيال والصحافة الجدلية ، وأنهُ يتعاطف مع الكادحين ، ويدافع عن المظلومين ، والانحياز إلى الفقراء ويؤمن بالمساواة ، ويكره ألغاء الآخر ، ويمقت الكراهية والعنصرية ، ويحبذ أنتشار الديمقراطية واللبرالية في كل مكان سواءً كانت في الديمقراطية الغربية أو ديمقراطيات الاشتراكيين السوفييت مع شيء من التحفظ ( حسب نتاجاته الأدبية ) .

وسوف أبدأ باستعراض أفكاره الإنسانية كمفكر يساري أولاً وثمّ كروائي لاحقا من خلال كتابيه المشهورين:

- تحية لكاتالونيا 1938 والذي يحكي اشتراكه الفعلي في الحرب الأهلية الإسبانية ومعايشة خنادقها كمراسل حربي موفد من قبل حزب العمال  الماركسي البريطاني اليساري كمتطوع وهو القائل جئت إلى هنا لأقاتل الفاشية الفرانكوية ، وهو عبارة عن بحث ضخم في السياسة والأدب واللغة والثقافة ، ونقد الفقر والنظام الطبقي الإنكليزي ، والاشتراكية التقليدية ،  حيث وضعته صحيفة التايمز البريطانية في قائمة أعظم 50 كتاب بريطاني منذ عام 1945 يصف فيه ممارسات الحكم الاستبدادي والشمولي والتي انتشرت تأثيراتها الثقافية الحداثوية في الثقافة البريطانية والعالمية مثل الحرب الباردة ، وجريمة الفكر ، وشرطة الفكر ، وهذه الاصطلاحات السياسية كلها من ابتكاراته ( ويحكي الكتاب حياة كاتب بريطاني يرتدي جلباب التقدمية والدفاع عن آدمية البشر في تجليات التطوّع الشخصي لمحاربة الفاشية ألا هو " جوج أورويل " المتواجد في كاتالونيا تلك البقعة الساخنة ليصرح بوضوح الحرف { أني جئتُ لأحارب فرانكو وأعوانه } ، وأنظم " أورويل " لاحقاً إلى ثكنة لينين الأكثر سخونة في برشلونه واخترقت رصاصة قناص عنقه وحينها أفقدت صوته ، وعولج في مشفى الأحزاب الشيوعية في جبهة ( أراغون ) ، وكانت لهُ صلات وعلاقات ودية لتلك المشتركات والمقاربات الفكرية اليسارية الثورية في محاربة الفاشية ودحر التعصب الإثني ،وشهدت له خنادق سرسقطة ولوس مناجروس بمنطقة أراجون ، شمال شرق أسبانيا من عام 1936 .

- وخلدتهُ روايته" 1984 " التي شخصت هويته وعنوانه لأنه وضع فيها سيناريو مرعب عن تغلغل الأنظمة الدكتاتورية على حياة وواقع الأنسان، ووصلت شهرته في تبني قضايا الأنسنة وحقوقها أن يصبح مصطلح (الأورويلية) تنسب لهُ، وهي بدت تعني النضال والكفاح ضد العنف والاستبداد والشوفينية والعنصرية بكافة أشكالها.

في سنة 1946 ألف روايتهُ الأخيرة " 1984 " التي أحدثت دوياً قويا لا بل شديداً عند صدورها على كافة المستويات الأدبية والفكرية والسياسية لأنها مرافعة قوية ضد الطغيان واحتجاج صارخ ضد أهدار كرامة الأنسان وسلب حرياته ، وأثبت " أورويل " أنه ليس فقط روائي وكاتب بل "مفكر" سياسي يؤكد بعد 38 سنة مستقبلية قادمة يتنبأ بنبوءة زمكنية متكاملة مذهلة لما سوف تؤول أليه الحياة بسوسيولجية جمعية سوداوية ظلامية مشؤومة بحكومات الطغيان والاستبداد، محتقرة للعقد الاجتماعي لروسو، والحيثيات القانونية للمجتمع الدولي ، وفعلا عاش العراقيون جمهورية الخوف ومحارق الحروب القسرية العبثية ، والمقابر الجماعية وأحواض التيزاب، الحكم البعثي الشمولي ، ولم تكن البلاد العربية أحسن حالا بل عانت المزيد من الظلامية وكم الأفواه، وأحسن من وصف هذا العهر السياسي العربي هو شاعر الياسمين والسكين " نزار قباني "

مواطنون --- دونما وطن

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن

مقتلعون نحنُ كالأشجار من مكاننا

عيوننا تخافُ من أصواتنا

مسافرون في سفينة الأحزان

وشيخنا قرصان

مسافرون خارج الزمان --- والمكان

وخبزنا مبلل بالخوف والدموع

معتقلون داخل النص الذي يكتبه حكامنا

معتقلون داخل الدين كما فسره أمامنا

مراقبون نحن في المقهى --- وفي البيت

وفي أرحام أمهاتنا

يا وطني كل العصافير التي تحترف الحرية

فهي تموت خارج الأوطان

عرض مقالات: