نشرت جريدة طريق الشعب في صفحة أدب شعبي / العدد 34 / الصادر في 24 /12 /2020، نشرت مقالة للأستاذ ظاهر العيد بعنوان: (قراءة في ديوان للريل وحمد) للشاعر الكبير مظفر النواب، وقد كانت المقالة إسهامة سدّت فراغاً في ساحة الشعر الشعبي، لأنها أضاءت بشرح واضح معنى كل مقطع من مقاطع قصيدة النواب الذائعة الصيت (للريل وحمد)، ولذلك كان من الأولى أن يكون عنوان المقالة: (قراءة في قصيدة للريل وحمد)، لأن القراءة اقتصرت على القصيدة وحدَها، ولم تكن قراءة في الديوان كلّه، والمقالة تستمد أهميتها من شرحها للقصيدة شرحاً يزيل الكثير من الغموض الذي يحيط بالقصيدة لقارئ لا يفهم المعنى اللغوي لمفرداتها العامية الجنوبية، وهذه مسألة ستخدم كثيراً الأجيال القادمة التي ستنقطع الصلة بينها وبين معاني العامية التي كتبت بها القصيدة، وهذا الشرح سيخدم كثيراً غيرَ العراقيين من عرب وغيرهم يجهلون دلالات معاني الألفاظ العامية العراقية الجنوبية، وقد لاحظت أن الاستاذ ظاهر العيد شرح قول النواب:

يا ريل...

جيم حِزن...

أهل الهوى امجيمين... فالعيد قد قرأ الجيم السومرية الفارسية في فعل الأمر (جيمْ) التي نكتبها بثلاث نقاط من الأسفل، ونلفظها كلغة (CH) في الانكليزيّة، قد قرأها جيماً بنقطة واحدة، مأخوذة من (الصدأ) (الزنجار)، والحقيقة هي أن اللفظة لم تكنْ بمعنى الصدأ، ومعناها مأخوذ من (الجيمة)، وهي مجموع الحطب الذي يوضع في التنور ويُشعل استعداداً للخبز، مع العلم أن لفظة (جيم) بمعنى الصدأ، لا يستعملها أهلنا في الجنوب، خصوصاً في زمن الخمسينات، وهو زمن كتابة القصيدة النوابية، وربما أخذ الاستاذ ظاهر العيد هذا التفسير من كتاب للسيد اسماعيل شبر تناول فيه شرح مقاطع من القصيدة، ففسر (جيم) بـ(الصدأ)، كما أخطأ في تفسير مقاطع أخرى من القصيدة، وقد تناولت هذا الموضوع في مقالة سابقة نشرت في طريق الشعب بعنوان (الدارمي نبض العاطفة الشعبي).

ومما جاءَ في مقالة الاستاذ العيد في شرح قول النواب:

(يجفلني برد الصبح  وتلجلج الليره...)، فالنواب أسند الفعل (يجفل) الى برد الصباح، وعطف عليه بالواو ألق الشمس (الليرة) التي تتألق أشعتها عند شروقها، وهذه صورة مجازية جميلة إذ إنه جعل الشمس ليرة، ووجه الشبه غير خاف لوناً واستدارة، فهي الشمس الليرة السماوية التي بشروقها يتنبه ويستيقظ كل نائم خصوصاً في الريف ليمارس كلٌ واجبه في العمل في الحقل أو بالخروج لرعي الحيوانات (الحلال)، وأما قول النواب:

(كظبة دِفو يا نهد

لمَلمك برد الصبح

ويرجفنّك فراكين الهوى... يا سَرِحْ)، فالعيد يفسر: (يا سرح): (تقصد قلبها..) الذي (كان صريحاً الى حد البلاهة...)، وأرى أن النواب يصف النهد في (لَملِمك...) و: (يرجفنّك...) وكذلك: (يا سرح...)، والسرح كما هو معروف ومفهوم، المنساب المسترسل والشاعر يريد بهذا الوصف الرقةَ والنعومة التي يصف بها النهد.

ان ما استدركته على الاستاذ ظاهر العيد لا يقلل من أهمية مقالته، تلك الأهمية التي أشرت إليها في مطلع مقالتي هذه.

عرض مقالات: