تعال خالة علاوي أنتَ بعدك إزغير

فمن أسرى بكَ إليَّ حيَّاً ..؟!

هكذا انشقت السماء وهي تسمع قلبه يتفطر دماً

وينقّطُ غيومها بأسماء من قتلوا ..

ففي كل غيمة أُمٌ ونواحٌ وتمطرُ

والمدى يتصدّعُ أحمرَ أخضرَ

فمازال دمُ نبعةِ الريحان طرياً

والشهداءُ لم يبلغوا سنَّ الرشدِ ..

فلا وقتَ للأنتظار ،

والعراقُ صريعاً يتلوى بينَ شدّقي أَسدٍ

والبنادق تطحنُ أَجسادهم وأَرواحهم

والسماءُ تمدُّ يدها وتلملمُ ما تبقى منها

في دار السلام ، لتضرب وجوه القتلة ..

عنْ أَيِّ سلام يتحدث هذا المجنون

 الواقف في بركان اللّيل المتلاطم ،

وتضربُ علّهم يبصرون ولا يبصرون ،

وأرواحهم ترفرف في قمرها علّنا نرى ..

ولا نرى ....!!

فلقد فقدنا البصرَ والبصيرةَ يوم خرجنا

من غيابةِ الجبّ عشاةً

نتوسل الآلهة وهي تخرج من صناديق الاقتراع

في زيّ مختشع لله زميّت ..

والملائكةُ توزعهم على الوزارات كلُّ حَسْبَ نوره

فتعترينا رعشةٌ من البرق اللامع في جباههم ..

بعدها صارَ البرقُ رماداً ..

وادلهمَّ وجه العراق ودخلنا اللّيل المسدودَ

واكتظت المدن بالأشباح ..

تخطف

ثمَّ تخطفُ ..

ولمْ يعد لطشارنا والٍ ولا نصير ،

فمن أينَ جاؤوا ..!!

وكيف حصلَ هذا في غمضة عينْ ..؟!

أَضع جنوني في سلة ،

وأُوزعهُ بالتقسيط المريح على العقلاء الطائرين

على بساط السكتة الطائفية ..

(وأُقبض فلوسك من دبشّ)

هكذا قال لي الشيخ الجليل كعيك بن جريك البخصمي

وهو يذوبُ أسى ولوعة في وليمة زُبيد بنَ حَليب القيمري

فتركتَ له السلةَ والصايةَ والصرماية ،

وخبأت جنوني ،

فالخبال الأبيض ينفعُ في اليوم الأسود ..

وجاء الزلزال ،

فنبعةُ الريحان لنْ تتخلى عن نبعة الرّيحان

وهي ترى الأحزاب الحاكمة واضعة مصالحها

في أَول القائمة ..

تاركةً العراق والعراقيين

 يقفزون من جهنم الى أُخرى ،

واللّعنةُ تطاردهم في حلّهم وترحالهم ،

فهم يدورون خارجَ المجرّة ، وما لأحدٍ من نعمةٍ ،

فالكتل الكونكريتية تتنكبُ أَسلحتها

واضعةً إصبعها على الزنادِ قربَ خزائنهِ ومخازنهِ ،

وهازءةً بالصيد المصاليت ..

فيا نبعة الريحان أَنّى لكِ هذا وانتِ تقفينَ كنهرٍ

من الأسود وبقوةِ مليون شهيد أمامَ منْ ؟

يقتلون العراقيين بدمٍ باردٍ

ويسرقونَ أَموالهم بدمٍ بارد

ويلوثون أَنهارهم بدمٍ بارد

داعش لا تأتي الى سوحِ التظاهرات ،

لأنَّكم لم تتركوا شيئاً لها ،

لقد قُمتم بواجبها على خير ما يرام

وزدتم عليه مأجورين ،

فيا وطني لقد دفنوا نصفك المحترق

 في نصفك الحيّ ، وأَنتَ تمسك دجلة والفرات..

ولمْ تكُ تدري أّنَّ نهراً ثالثاً من الدماء سيجري بينهما..

وتقسمُ بهما ليطمئن الفقراء ..هما شارباك

وما زالت سنابك خيلِ الكتل الكونكريتية تَطحَنُ قلبكَ

فاللّيلُ قاتمُ في ذي قار وطام في بابل ودامٍ في البصرة ،

وهكذا دواءٌ لك في المدن كلّها

والآلآف بينَ قتيلٍ وجريح ..

والصجم يخبزُ الشباب في بغداد

والقناص يضربُ بالكصة لو ينطيه بالعين ،

فهل نَفَخَ في الصور ..؟!

ومتى تُطيبُ بالخير أَوقاتُنا يا عادل سلوم ؟

وهل هي أَوقات أَيّها الصادحُ المحكيُّ

أَمّ إنها نواعيرٌ تدورُ بنا في بزول جهنُّم وقيعانها

وتسلمنا تسلوم يد الى خزنتها الذين تعرفنا عليهم

في الدنيا قبل أَنْ نصلَ إليهم في الآخرةِ..

طفلةٌ حافيةٌ ترقصُ تحتَ وابل من الرصاص

في الطريق الى المدرسةِ وهي تجرُّ خلفها

 حقائباً من الأسى ،

وكان أسمها زيتونةً وقلبها ينبضُ كالغصن

 يميل مع الرصاص يميناً وشمالاً

ولا يسمعُ جرسَ الدرس الأول

فيعود منكسراً الى قفصه ..

لقد أحدودبت ظهورُ أطفالنا

وأعشوشبَ الضيمُ في صدورهم

فهم يكاتبونَ الله بدموعهم

وما من بلدةٍ طيبةٍ ومسؤولٍ كريم ..

حسناً أيّها السادة ..

اتركوا القصور التي بناها الطاغية الأغبر

 من قلوبنا ،

وتنازلوا عن امتيازاتكم الألهية ولو لشهرٍ واحدٍ

وأسكنوا ما طابَ لكم المقامُ

أَنتم وعوائلكم في خيم المهجرين ،

وقرروا من يصلح ومن لا يصلحُ

وانتم الصالحون ..

أَنتَ تطالب بمحاسبة من أَطلق الرصاص

على المتظاهرين ، وأَنتَ منْ أَمرَ باطلاقهِ ،

بوركت أَباً كريماً قلبهُ قلبُ سمكة

يقتل في الثمانين ويكذبُ بالثمانين

ويصادق في السرّ كلَّ شيطان رجيم

وما جدوى أنْ تعرف ..

أَعد إليهم أرواحهم التي مازالت ترفرف حيّةً

فوق رؤوس أمهاتهم ..

ولماذا لمْ تكنْ أَنتَ وأولادكَ بينَ القتلى

ما دمتَ ترغبُ في أَنْ ترى العراق معافىً

ياسيدي الثعلب ..؟..

أيّها السادة .. ألا تبصرون دماء الشهداء

تنزُّ من رقابكم ،وعيونهم تجدح

 في مراياكم وانتم تقلعون بالهيم

فسائل الشهداء من أرحام أُمهاتهم ..

(شنو وراكم راح يصير يوم القيامة)

إنَّ دماءهم تخط في وجوه أَطفالكم

وفي أسِرَّةِ نومكم واَنتم المبصرون ،

وأرجو اَنْ يطيل الله أَعماركم

لتسمعوا أَنينَ خصيانكم التي علقتموها

احتجاجاً عمّا أنجزتموه ..

يا نبعة الريحان أنا الولهان الذي لَمْ تحنّي عليه

وأَسأل أنّى لكِ أنْ تكوني ماسةً تكص أيادي الفاسدين

ومسناً يكسرُ الماسةَ التي يقطع بها الطغاة نياط قلوبنا ،

ومازالت يدك بيضاء من غير سوء

وأنتِ تحملين العلم العراقي

الذي يبتسم في يديك طويلاً

وأَنا الولهان الظميءُ الى حنانك

وما عندي كل ذنوب الاّ هوه المحبوب

فكم كان عودك عصياً على القتلة ..

(ممنوع إلقاء الأطفال هنا)..!؟

لافتة تلمّعُ بالذباب ملطوشةٌ على صندوق قمامة

تحفُّ به القطط والكلاب التي يصعب وصفها ،

فيا أَيّها السادة الصابرون الصادقون المجاهدون

إفتونا مأجورين عن الأماكن التي تليق بأطفالنا

الذين ما زالوا في أرحام أُمهاتهم ..

فإلى أَيّ جحيم ستهبطُ بنا الكتل الكونكريتية

الجاثمة على خوانيك البلد ..

(هدني يمعود دخيلك خلّ أموتْ )

لقد جئتم الى العراق حفاةً عراةً

كصةمجوية وثلاثة محابس

وها أَنتم تجرون الدنيا ..

فارحموا من كان السبب في كلِّ ما تملكون الآن ،

إِقرأْ باسم حزبك الذي حكم

دفع العراق الى العدم

صلى وسبّح ، ثمَّ صيَّر كل ثروات العراق الى رمَم..

إِقرأْ المتظاهر وتأكد مِنْ صدقهِ وعراقيتهِ

واستدرجه بما شئت من دُرر الكلام

بعدها قُدهُ الى الذبحِ قوداً جميلا ..

سكينٌ في رأس الثدي الأيسر

وثانيةٌ في العينين

وثالثةٌ في الشفتين

ولا تقل لهُ أُفٍ ولا تنهرهُ

وأطفيه طفياً جــميلا ..

ودَع الضوء يأتلق في الفضائيات

واتركهُ ينضجُ على تكبيرةٍ صاخبةٍ

وبشّرِ الرؤساء الشاربين دمِ الشباب

والذين ولدتهم أُمهاتهم عندَ سدرة المنتهى

قريباً من العرش الألهيّ ،

فلا تأخذوا من وقتهم فهم في رحلات مكوكية

بين الأرضِ والسماء ، لأصلاح الأخطاء

 التي تحصل هنا وهناك ،

 فإلى أَيّ جحيمٍ ستقذفُ بنا الكتل الكونكريتية

التي تهرسُ صدورنا مبسملةًمحوقلةً

ولا ضوء سوى قطيع من الذئاب

التي يجدحُ الشررُ في نيوبها

للشهر العاشر أَو العام العاشر

لَمْ تصلني رسالةٌ من أَخي الغائب

الذي (طكوهجتاف) .. حلوه هايطكوهجتاف ..

فهي تفيض بالرقة والشفافية ،

وإلى آخرهِ من الخرط الذي لم نكن نسمعه قبل 2003 ،

المهم (طكوهجتاف) هيه ياهو الحلوة

(طكوه) لو (جتاف) .. وهو في طريقه الى البيت

ونقلوه بسيارة مظللة حفاظاً على بَشَرَتِهِ

الى مكان لا يعرفه إلاّ الراسخون في القتل

وكانوا ثلةً من الملثمين المؤمنين

الذين تضيءُ السكاكين وجوههم

وعندما سألت عنه أَجابني المسؤول

بشفافية تُذهلُ كلَّ مرضعة عمّا أَرضعت

عفواً سيدي .. وكان يلقبُ بالمدثّر

ماكو هيج كليجة

فأخوك مات غريقاً في بحر إيجه

وسنحصل قريباً على رقم الموجة

التي قتلتهُ..

لَمْ نُقصّر مع المتظاهرين ..

فقد أَعددنا لهم ما يَسرُّ الناظرين

من أَطباق الجبروت الوحشي والعنف البربري

وهيأُنا لهم الوجبات السريعة

التي تلائم الفصول كلّها حفاظاً على سلامتهم

ولكي لا تعود المقابر الجماعية ،

فنحنُ نشعر بالقلق على ما تبقى من العراقيين ..

صجم بالموت الحرّ ..

قَنِص بالتنور ..

مقلوبة بالرصاص الحيّ

قنابل سريعة الأنفجار مع السكاكين المُكَسِرة للضلوع..

تشريب تواثي مع دلّفري ..

ستصلُ حَسَب الطلب الى بيوتهم ،

وقد حرقنا الخيم عليهم

من أجل تعقيمها وتعفيرها ،

فلمان في طلقة واحدة ..

إِقرأْ وحزبكَ الأوحد

الذي خَرَّبَ بالبلد

وأَكثر أهلنا ضبعٌ وذيبُ

وقد قتلوا فتية كمصابيح السماء

وكانوا يغنون في نجومها ..

يا ألهي إِنهم خلاصة قرن كامل من التجاريب

لَمْ يبلغوا سِنَّ الرشد ، لكنهم خلقوا لنا عراقاً

يفيضُ بالنور والأمل ..

شبابٌ والله مكتهلون في شبابهم

منحنية اصلابهم في اللّيل على أجزاء العراق

كلما سمع أَحدهم أَنينَ نخلةٍ

بكى شوقاً إليها ..

واذا مَرَّ أَحدهم بذكر طاغية ، وما أكثرهم !!

شهقَ شهقةً وكأَنَّ زفير جهنَّم بين أًذنيهِ

إنَّ جائحة كرونة أَرحم بكثير من فايروس ولووونه..

وإِن كنتم في شكٍّ من قولنا

فتأكدوا من عدد القتلى والجرحى عند الطرفين ،

وطرق القتل المتنوعة ..

وفي آخر صيحاتها عند ولووونه ..

همْ لَمْ يتظاهروا عليكم من وراء الحدود

كما كنتم في السرّ تفعلون ..ولم يسعّروا تضحياتهم

 كما سَعَّرتُم وأَخذتم أّضعافاً من الغنائم والكراسي ،

وما زلتم في السوء ترفلون ..

وإِنما جاؤوكم بصدور عارية ،

ما زالَ حليبَ أُمهاتهم يتلألأُ فيها ،

وهم يحملون الوطنَ المثخّنَ بالجراح على أَكتافهم

والرصاص يسّاقط عليهم من كلِّ حدبٍ وصوب ..

يريدون وطناً ، وأَنتم تدفعون به الى قاعٍ في جبِّ جهنَّم

رفساً ودفراً وحرقاً ..

يُريدونَ وطناً لا منصباً .. فلماذا يقتلون ..؟..

وفي رقبةِ مَنْ ستتقد دماؤهم جمراً فتياً

يَرنُّ باللّهبِ الذي سينطق في الرقاب كلّها ..

أَمنْ نطفةٍ كلّ هذا الحقد الأسود ،

أَمنْ نطفةٍ انجزتم النهر الثالث 

الذي يجري دماً هادر من منبعه الى مصبهِ

ويسقي العراقيين أصواتَ أناس يقتلون

وجففتم دجلة والفرات ،

والقناص يزرف قلوب الأمهات برصاص

مستوردٍ من جهنم ،

والأسعاف تنقل الجرحى الى السجون ..

يمّه ..

آنه إكبال استئناف الرصافة ،

وذئاب الديمقراطية تعوي بالغازات السامة ،

وأَنا ظميء لوجهك وبَيضّتَهُ كما كنت تريدين

واريد أَنْ ابوس راسج قبل أَنْ أُقتلَ،

فالرصاصة تحرق كتفي الأيسرَ

وقد ثنّى عليَّ القناص بأخرى

إخترقت رأسي من جهة اليمين،

أَتسمعينَ صفيرها ..؟؟

فمن أينَ جئتم بكلّ هؤلاء القتلة ..؟!

إيصير احنه طلعنالكم ورث

أَمْ إِنَّ بريمر وفي وليمة فسنجونية

قال لكم خذها إليك أَبا الخلفاء الى يوم القيامة ..

إبهذا الأمر الألهي تقتلون المتظاهرين ..!!

ولماذا كان الردُّ مدوياً في سوح التظاهرات

ولم يكن كذلك حين علّقَ الأغرابُ العراقيات

والعراقيين في كنارة النخاسة ..

سبايا في مهب الريح ، وباعوهم بثمنٍ بخس ،

ومازال الآلآف منهم يفوحون في بحر الظلمات ،

وما من بوصلة تشير إلى العراق ..؟

ولماذا لم يكن مدوياً يوم ضيعتم ثلاثة أرباع العراق

في ليلةٍ واحدةٍ .. وسلّمتم الجَمَلَ بما حَمَلْ ..!!

أَلَمْ يكن الذي زارَ ثمَّ أَقعى

فأجتمعت حولَهُ الأسودُ ساجدةً

 موجوداً في تلك اللّيلة ..؟

ولماذا لم يكن مدوياً في سبايكر ..؟

وهل أستأجرتم نفس القتلة للمتظاهرين ..؟

أخاف أحجي وعليّه الناس يكلون..

إشيكولون ..

تدرون إشيكولون ..

إشيكولون ..

شباب وصار مجنون ..

فيا مرحباً بالجنون الذي سأحتفظ به لنفسي

ولن أّبيعهُ بالتقسيط المريح على العقلاء .

**********

ـ (ما بين القوسين مقتبس بتصرف من خطبة لأبي حمزة الخارجي).

عرض مقالات: