تحلّ اليوم في الثلاثين من نيسان الذكرى الـ 22 لرحيل الشاعر السوري الدمشقي المتفرد الجميل نزار قباني، شاعر الأبجدية، شاعر الحُبّ والمرأة والسياسة بلا منازع، وشاعر التغيير والثورة الاجتماعية الثائر المتمرد على التقاليد الاجتماعية والظواهر المعتلة.
هذا الصوت الصافي العذب الأكثر تأثيرًا في النفوس، عاشق الياسمين، شاغل الناس، ومالئ الدنيا، الذي نزف شعرًا وجدانيًا نابضًا، ما زال الشاعر الأكثر قراءة وتألقًا في الوجدان الشعبي بقصائده الغزلية والعاطفية والاجتماعية والسياسية.
إنه الشاعر الحقيقي المتمرد الحالم العاشق المتوحد باللغة، الذي حفر اسمه في مجلدات التاريخ والوعي الجمعي والذاكرة الجماعية، وتفرغ للشعر، فغنى للمرأة والحب والسياسة والحرب، وأشتهر بأشعاره الرومانسية والسياسية الجريئة، التي تحولت إلى دواوين بين أيدي المثقفين وقلوب المحبين والعشاق، وأغانٍ بأصوات كبار المغنين والفنانين العرب.
عاش نزار حياة رغيدة، وحياة دلال من أمه، تعلق بالعراقية الجميلة بلقيس الراوي، التي شغفته حُبّا، وتزوجها بعد أن ألقى قصيدة تعبر عن حبه لها في مهرجان المربد في بغداد، قال فيها :
مرحبًا يا عراق جئت أغنيك
وبعض من الغناء بكاء
أكل الحزن من حشاشة قلبي
والبقايا تتقاسمها النساء
كتب نزار أروع وأجمل القصائد في الحب والعشق والمرأة، التي أنصفها، ومصرع زوجته بلقيس جعلت منه متمردًا على الحرب. ومما قاله:
سأقول في التحقيق.. إني قد عرفت القاتلين
بلقيس.. يا فرسي الجميلة.. إنني من كل تاريخي خجول
هذي بلاد يقتلون بها الخيول سأقول في التحقيق.. كيف أميرتي اغتصبت
وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب ... سأقول كيف استنزفوا دمها..
وكيف استملكوا فمها.. فما تركوا به وردا .. ولا تركوا به عنبا..
هل موت بلقيس.. هو النصر الوحيد في تاريخ كل العرب؟
ولعل من أشهر قصائد نزار، التي أثارت جدلًا في الأوساط الأدبية والثقافية والسياسية والرسمية والدينية، قصيدة "خبز وحشيش وقمر"، و"هوامش على دفتر النكسة" و"حرب تشرين".
نزار قباني كان وسيظل أبرز شاعر في الأدب العربي الحديث، وهو شاعر البساطة والرقة والإحساس الدافئ، والأناقة التعبيرية، كلماته ليست كالكلمات، ولا يشبهه أحد سواه، ويبقى شاعر زمانه وعصره، وقصائده الغزلية ستظل تسكن وتطرب كلّ قلب، وكلّ عاشق مُحب.