1- انتاج خطاب سياسي وثقافي مختلف عن الخطابات السابقة. وهذا يعني اننا بدانا نتلمس خطابا مغايرا لكل الخطابات السياسية المألوفة

2-ظهور نسق لظاهرة اجتماعية تتمحور حول العامل المشترك للحركة بعيدا عن الدين والطائفة والعشيرة، وهو عامل الشرائح الثانوية والمهملة والهامشية في المجتمع.

3- عماد القائمين على الحركة هم الشباب وهذا يعني انهم من يرسمون افقا للمستقبل، سيكون خطابهم المعرفي ممارساتيا وليس ثقافيا او تنظيريا.

4- ولانها حركة شبابية لم يصاحبها تنظير بل اصبحت المصاحبة لها جماهير الشباب في الكليات والشارع الامر الذي يجعل منها صوت الجماعات المقهورة.

5- الحركة الشبابية بعيدة كل البعد عن التحزبات والعلاقات المناطقية والقومية والدينية، وهذا يعني ثمة ظاهرة اجتماعية ونفسية جديدة يتطلب دراستها. من خصائصها انها سحقت تحت اقدامها تلك العوازل الكونكريتية التي اعتمدتها الثقافة الطائفية للعزل بين ابناء الشعب

6- هناك ميل لاستمرارها حتى لو خفتت مؤقتا، فقد تغلغلت ابعادها في الجسد الاجتماعي كله ومن الصعب تغيير مسارها لانها ستكتشف طرقا جديدة للاحتجاج.وهذا ما يقويها ويشد من عزيمتها، ويتعلق الميل الثوري للشباب بما هو ابعد من المطالب لأي تغيير يتعلق بالنظام الحالي بعد 16 عاما من الافقار المتعمد والاهمال وعدم التوظيف

7- ليس للآباء او كبار السن وصاية على هذا الجيل فقد مارست العولمة دورها الايجابي وجعلت الظاهرة تنتشر من دون ان يكون لها اعلامها او وسائط انتقالها، وما يحدث هو نهوض فكري جديد يتغذى من المعاناة والفقر والاهمال

8-يقترن الحراك بعراق غني يبيع شهريا بأكثر من ستة مليارات دولار من دون ان يلمس منها اي نفع مباشر وهو مؤشرواضح على السرقات والمحسوبيات والنهب.

9- كانت شريحة الشباب اكثر من الكبار ايمانا بوجود القوة الروحية للمجتمع وكانوا معولين عليها في انقاذهم من سياسات فاشية سابقة، لكنهم انتظروا سنوات ليجدوا انفسهم في افقار منظم وضائقة مستحكمة وعطالة ممنهجة،فلم تنفعهم الخطب الدينية ولا الوعود الكاذبة بل تسترت على الحكومات الفاسدة إلا من تنبيهات لم تجد نفعًا.

10- المؤسف ان بعض المحافظات خاصة الكردستانية والغربية انعزلت عن المشاركة مما يؤكد لشريحة الشباب انها كانت مستفيدة من ضعف السلطات في بغداد. عليهم في المحافظات المذكورة ان يتداركوا الوضع ويشتركوا مع الشعب، فهم جزء منه. والامر ينطبق على التركمان والايزديين وطوائف اخرى.

 11- اظهرت النتائج الأولية ان العالم العربي والدولي متفرج اكثر مما هو مساند، وهذا لايعول عليه لاحقا. لان العالم يقف معك عندما تكون قد حققت ما تريد بطريقة سلمية ومنطقية .

 12- ثمة قلق في الدوائر الخارجية خاصة دوائر البلدان المحيطة بالعراق، من ان يصبح العراق بعد هذه الهبة الجماهيرية الكبيرة بؤرة ثورية حداثية ومتطورة الأمر الذي سيغير الكثير من حياة شعوب المنطقة.

13- عكست الإنتفاضة تصورا دفينا في حياة الشباب عن طبيعة الحكم السائد في البلاد، مما يشكل رفضا جذريا للطريقة التي يحكمون بها، وهو ما يشكل مجمل التصور العام عند الشرائح والطبقات الإجتماعية ان العراق به حاجة إلى الديمقراطية الحقيقية القائمة على تظام انتخابي حديث.

14- عكست الحركة الشعبية الواسعة، ظاهرة جديدة،وهي ان البنية الاقتصادية المشوهة وغير المنصفة، هي العامل المحرك للسياسة والايديولوجيا، فهذه الشرائح المتنوعة من الشباب تنظم حركتها العوامل الاقتصادية التي يدار بها العراق من توزيع للثروة إلى عدم كفاءة القائمين على الإدارة، إلى هيمنة رؤية دينية لا تعترف بسياقات بنية الدولة، إلى الإدعاء بالدين والاستقامة والعدل، على هيمنة ثقافة الماضي والمقدس.

15- ظهور قاعدة شعبية جديدة وبأيديولوجيا لم تتشكل كليا بعد، مما يعني ان تغييرا بنيويا يتم تكوينه في داخل تركيبة الطبقات الإجتماعية العراقية،وهو تركيب سيأتي أكله لاحقا بصيغة تنظيم شبابي مؤثر.

16- كشفت الانتفاضة عن قوى مختفية في طيات الحياة الشعبية مثل (التك تك)، وخط الشعارات من دون توجيه مركزي، والهتافات المتنوعة، وظهور اجيال جديدة من الشباب والشابات كانوا بعيدين عن المشاركة اليومية بالحياة السياسية وفجأة وجدوا أنفسهم معنيين بالتغيير. اضافة إلى قوة الساحة كمكان للحرية الجسدية والخطابية والحركية مما يعني ان فضاء جديدا يضاف إلى فضاء الاحتجاج وهو الحرية المكانية التي لا يستطيع العدو السيطرة عليها، ستتسع في الشوارع وتتنوع الساحات ليجد الشباب فيها قوة اتاحتها المدينة لقواهم الاحتجاجية.

17- ولدت الانتفاضة نوعا من العلاقات الدينية الجديدة، يمكن تسميتها بالدين الإجتماعي التضامني، فثمة اشكال من التضافر بين فئات الشباب المتحررة من اية التزامات دينية او طائفية او عشائرية غيرمرتبطة بالمقدس، لتصبح الظاهرة جزءا من اخلاق العامة التي يميزها البعد الاجتماعي المرتبط بحراك شعبي ثوري، مثل هذه الظاهرة كانت غيرمرئية إلا في المهمات والاحداث والكوارث وغالبا ما تتولاها السلطات، أما في ساحة التظاهر فقد نشأت قوى جديدة مغايرة لقوى (المقدس) الذي كان يفرض حضوره من خلال اشكال التضامن والتعاون.

18- اظهرت الانتفاضة امكانية ان تنشأ قوى جديدة تواجه قوى الاضطهاد الديني المتمثلة باحزاب السلطة التي جيرت البعد الديني لها، كما لو انها اخذت الشرعية من الله، معتمدة _اي القوى الدينية- على أنك لن تستطيع مواجهة المقدس الذي تمثله،ولكن، ونتيجة للظلم فشلت مثل هذه المعادلة.

19- هناك اوليات مختلفة مباشرة مستلة من الحراك الاجتماعي الذي يقوده الشباب لأول مرة في تاريخ العراق. ولنا وقفات قادمة  في رصد التحولات الجديدة التي خلقتها هذه الحركة الشاملة والمفاجئة للكثير من دارسي تطور بنية المجتمعات، ثمة ظاهرة، إن لم اقل ظواهر كثيرة ستنتجها هذه الهبة العظيمة.

المجد لشهداء الحركة الشبابية.

عرض مقالات: