ما الدور الذي أؤديه ليقال عني مثقف المرحلة؟ هذا السؤال اراه مفتاحا لعشرات الأسئلة الموازية له، او المحاذية لما يجاوره من فلسفات مادية، براغماتية، وجودية. من السهل ان نقول اننا مثقفون كوننا فاعلين، منتجين، واعين، وعاظا، مشتركين مع الناس جميعا في الحيف والأسى. لكن ما الذي علينا فعله لنستحق وصفنا بمصطلح (مثقفين عضويّين)؟ لنا ان نضع الشأن على النحو الآتي: أي فعل هو الأهم، الانتاج الثقافي المُجِيد أم المشاركة في صنع الاحداث السياسية؟ وكيف؟ لنضع الشرط الفني قريبا من الشرط الثقافي ونعيد تشكيل التجربة الثقافية الاجتماعية على وفق الظرف العراقي. لو فعلنا ذلك لتطلب الامر بعض الالتزامات التي لابد منها، مثالها:
1ـ توحيد الجهد الأكاديمي مع الجهد الاعلامي، وهما مع جهد المثقفين من الادباء والفنانين والعلماء والصحفيين، والرسامين، والمفكرين، ليسهموا في تعيين طبيعة وشكل وتقاليد وعلائق الهوية الاجتماعية. لإخراج الفعل الثقافي الى حيز الوجود الواقعي بممارسة النضال الشعبي عبر التجربة مع الناس لا عبر الوسائل الفوقية للمكاتب وشبكات التواصل الاجتماعي.2 ـ هذا يتطلب وجود مؤسسة ذات قدرة مالية جيدة، ترعاه شخصية وطنية وفكرية بذات التقدير، وشخصية قانونية بارزة من ثم المباشرة في تنفيذ فاعلية شاملة للبلاد، بدءا بالمطالبة بحل البرلمان.3 ـ اختيار منظمة انسانية نشطة محايدة ساندة لها مشاريع اقتصادية منتجة وربحية توضع في خدمة قضايا السلام العالمي والتنمية للشعوب النامية ورعاية الامومة والطفولة.4 ـ تركيز الجهد الاعلامي على مستويين للقضية العراقية هي التنمية والخدمات، كونهما مفتاحين أساسيين للوعي الحضاري.5 ـ من الخطوات اللاحقة ان نتجه الى العالم بنتاجنا الثقافي المتطور عبر المشاركة الموجهة في اية جائزة عالمية للفنون او الثقافة او العلوم او الرسم والموسيقى والمسرح والسينما والارشفة والبحوث في الانثروبولوجيا، الاركلوجيا، والايكلوجيا، والتكنولوجيا، وفروعها الاخرى. أرى ان الخطوة الاولى للتنفيذ تبدأ من ساحات الاعتصام وصولاً الى تعطيل عمل السلطة والبرلمان، وتعيين حكومة انقاذ وطني مؤقتة، واصدار جريدة يومية تتابع الحدث وتنشر الوقائع، فضلاً عن نشر تجاوزات وفساد السلطة الحاكمة. اما الخطوة الثانية فهي تأسيس قناة مصغرة مبسطة ـ بلا كلفة اقتصادية كبيرة ـ تبث البرامج والمناشدات، التي تتعلق بسوء الوضع المعاشي في العراق. لعل الخطوة الثالثة ان يصار الى اختيار ممثلين اعلاميين ممتازين ومندوبين للاتصال بكل القوى العالمية المناهضة للاستعمار والاستثمار غير السوي، لكشف الممارسات الامريكية السلبية على العراق عبر منظومة السلطة التي تنفذ خطط امريكا في العراق والمنطقة. والخطوة الرابعة هي تكوين صندوق تبرعات لدعم الانتفاضة التي يكون في طليعتها المثقف، مهمة الصندوق ادامة الاعتصام من حيث الطعام والمنام والاعلام. وارى الخطوة الخامسة تتضمن تشكيل حكومة بملاك تكنوقراطي، يقترحها الناس بالانتخاب العلني المباشر، ويتشكل منها مجلس وزراء يطرح ـ لاحقا، قانونا لترأس الدولة بشخصية مقبولة. ويلغي العمل البرلماني لخمس سنوات قادمة. الخطوة ما قبل الاخيرة لها طرفان، الداخلي يخص خطط تطوير البلاد من النواحي كلها، والثاني يخص اعلان الحياد التام مع جميع بلدان العالم. الخطوة الاخيرة اخضاع الجيش الحالي الى اختبارات عسكرية جديدة تخص الرتب من رتبة (ن ض) الى اعلى رتبة عسكرية، واحالة من لا يصلح إلى التقاعد وتعيين بدلاء على اساس الحاجة الفعلية.
اما في الجانب الاداري فيمكن العمل بالخطوات الآتية :1 ـ تأسيس مجلس ثقافي ثوري يديره رؤساء النقابات وفرع اتحاد الادباء والمثقفين الاكاديميين والامناء لجميع الفروع من بغداد وكردستان وبقية المحافظات، مهمتهم انتخاب جماعة تنظم الاعتصامات وتدير صندوق تبرعات الانتفاضة المزمع قيامها.2 ـ تشكيل خلايا اعلامية تنتشر بين القرى والارياف مهمتها ربط اولئك بجهود الانتفاضة المستقبلية.3 ـ تشكيل مجلس لتوجيه الاعلام والمثقفين الى افضل طريقة لإيصال صوت الانتفاضة العراقية محليا وعالميا.4 ـ تعيين ملاك من الاقتصاديين والاداريين اكفاء يديرون شؤون المرحلة، ثم يتشكل منهم ـ لاحقا ـ مجلس وزراء تكنوقراط. 5 ـ تعيين مجموعة (علماء الثروة) مهمتهم توفير سبل انجاح البلد وهم سيشكلون لاحقاً مجلس التخطيط والاعمار والسيطرة على جدولة الديون.