(يستطيعون ان ينزعوا الحياة.. لكنهم لن يطفئوا غنائي)

لويس اراغون

آنه..وانته اثنين..

واحدنه نهر والثاني ماي

انه صوت الشاعر المغني للوطن والناس وعيون الحزب.. بحرفه المموسق المسكون بالاسئلة.. والذي غيبه المجهول في منفاه الاضطراري فاستقر هناك في بيروت تحت سنديانة الارز التي ظلت تردد وتراقص حرفه وغناه..

ذبلت وعود العشك..بشفافك او ماتن

وطيور حبنا ارحلن..وي طيفك وتاهن

وكل المهاجر اجه وكلبك بعد ما حن

ـ فالنص الشعري عند الشاعر ابو سرحان شكل من اشكال المعاناة العضوية في لحظة من لحظات الاتفاق مع الذات والكون بكل موجوداته انه (قبلة بين طرفين منسجمين)..على حد تعبير كولردج..

ـ ابو سرحان.. الاضافة الشعرية الخلاقة التي يزهو بها الفكر الانساني وتعلو تحت ظلاله رايات الوطن..انه واحد من رواد حركة التجديد في الشعر الشعبي الى جانب النواب القمة التجديدية الابداعية وعريان السيد خلف وزهير الدجيلي وطارق ياسين وناظم السماوي وعلي الشباني وجمعه الحلفي وشعراء(اغاني للوطن والناس)..

ـ ابو سرحان نصه الشعري يكشف عن اسلوب فني متجاوز للقوالب الجاهزة.. والمكتنز بمضامينه الانسانية التي غنت للازقة والقرى والفجر والمطر ورائحة تراب الوطن والمرأة والكنطرة الشاخص الرامز التي يسعى اليها ليصل مبتغاه..

 أمشي وكول أوصلت... والكنطرة بعيدة

ـ ابو سرحان في (حلم وتراب) يعتمد الصورة المستفزة للذهن والنابشة للذاكرة بلهجة متفجرة تميزت بديناميتها.. كونها تنهل من الحياة اليومية دلالاتها وتنسج صورها الخالقة للدهشة..

أوف من شهكات الاحمر

تدري بالروح شلعب

فالشاعر ينتقي الجملة الشعرية البسيطة المكتظة بالمعاني والايحاءات ومواكبة المتغيرات السياسية والاجتماعية..فضلا عن توظيف الرمز الذي هو(تعبير عن رؤيا شاملة..).. (انا الحلاج ياجرف الهوى الثاني).. والذي ينسجم ومكنوناته الذاتية والواقعية..

بجيي الشموع الروح يبنادم.. بس دمع ما مش صوت

ورفة جنح مكسور يبنادم...كلبي يرف بسكوت

لا هي سنة وسنتين يبنادم..ولا هيه صحوة موت

حسبة عمر عطشان يبنادم.. والماي حدره يفوت

   فالنص مثقل بالاغتراب والرفض بتلقائية وانسيابية هادئة.. مع توظيف بعض الاساليب الفنية كالتنقيط (النص الصامت).. الذي يستدعي المستهلك لملء فراغاته.. والتكرار اللفظي الذي شكل لازمة النص واضفى عليه موسقة  متناغمة تدغدغ المشاعر.. عبر لهجة يومية واعية تلامس وجدان المستهلك وتستفزه بجملها الحالمة..المحتضنة لهمه والمعبرة عن طموحاته من خلال المشهد المقترن بالطبيعة بنبض درامي يكشف عن مضمون انساني عميق استطاع الشاعر بوعيه توظيف كل عناصره الفنية توظيفا نفسيا بوحدة موضوعية متناغمة..

لا..لا..يبرد الصبح..ما تحمل جفوفي

ازغيرة وجواني العشك..وتوسد زلوفي

هيمة وجحيل الوكت..ما لمني نفنوفي

لوذي اعله بعد البعد..ياروحي حدر ايده

ومشي وكول اوصلت..والكنطرة بعيدة

   فالنص يكشف عن عاطفة الشاعر تجاه المرأة التي هي (مستقبل العالم لا الملوك) على حد تعبير (اراغون) في (الزاه).. والتي اسهمت في توسيع مديات النص اجتماعيا وتكنيكيا باسلوب سردي يكشف عن الاتزان النفسي والعقلي الذي يتمتع به الشاعر مما اتاح له في ان يكون الراصد لمشاكلها النفسية المتصلة بواقعها الاجتماعي.. وبذا قدم ابو سرحان نصوصا انسانية بلهجة واعية لدورها المجتمعي بملامستها الذات الجمعي الآخر هموما وطموحا.. مبنى ومعنى..

عرض مقالات: