سألني صديق لي، هذا السؤال، قلت له: يا صديقي، أنا لا أكره هذا اليوم، بل أكره ما جرى فيه! وما جرى له علاقة مباشرة وحقيقية مع مجريات يوم 8 شباط الاسود ، ففي يوم 30 تموز 1968 ازيح الستار عن وجه رجل لم يسبق لنا نحن " القلة القليلة " من المحسوبين على اليسار العالمي رؤيته من قبل ، لكن ربما سمع باسمه القلة مقترنا بمحاولة اغتيال الزعيم في شارع الرشيد، لكننا في هذا اليوم رأيناه يقف امامنا بقامته الطويلة كنا بمواجهة (كاريزما) يتميز بها القتلة في ستينات القرن الماضي ، وقف امامنا اولا وهو يحمل الكلاشنكوف أوالبورسعيد ـ لاأتذكر ـ خلف " البكر " ومن ثم وهو يرتدي البدلات ويوزع الهبات والمناصب ، حتى اواخر عام 1979 حينما قالها( البكر ) بخطاب خجول وهش تتضح فيه كمية الكذب على الشاشة أعلن انه (يتنحى) عن السلطة لاسباب تتعلق بظروفه الصحية وانه يسلم الراية الى " المهيب " الذي لم يكن مهيبا و " الركن " الذي لم يكن ركنا ، استلم خزينة بلد كانت " تنضح " ذهبا وأموالا ، فالاحتياطي فقط فاق الميزانية باضعاف واضعاف، أيامها كان العراقي اينما يذهب يعامل كأمير، حتى الطلاب كانوا امراء حقيقيين، لم يرضه الامر! ولم يعجبه موضوع الجبهة مع الحزب الشيوعي، وهو يرى تنامي قاعدتهم رغم كل مافعله بهم، فضرب الحزب والجبهة بيد من كراهية وتشتت الالاف وتشرد الالاف واعدم الالاف ، ولم يرضه نبوغ نجم عالم اسلامي اسمه " محمد باقر الصدر" قتله بيده هو واخته، جلس على كرسي الرئاسة وهو محاط بخزائن الدولارات والذهب العراقي الخالص ، وفكر اين يمكن ان ينفق كل هذه الثروة ، فافتعل الحرب مع ايران والتي كانت طويلة، ولم يرضه انهيار العراق تحت اقدام العوز ومحاصرته بالديون ، فاحتل بعد يومين او ثلاثة من 30 تموز في (2 آب 1990) الكويت وبقي متشبثا بها ، لكنه حالما احس ان النار تحاصره من كل جانب ، سلمها صاغرا بعد أن وقع في خيمة سفوان آلاف الوثائق على بياض، مازلنا الى يومنا هذا ندفع ثمنها ومن يومها تحول العراقي من أمير الى لاجئ في بلدان المعمورة فهاجر خيرة اساتذته يبحثون عن " الخبز في اليمن " كما ورد في قصيدة الشاعر موفق محمد الشهيرة " لاتيأسن ياحسن " ومن يومها عشنا اشرس واخبث حصار اكلنا فيه العلف واطفالنا يحلمون بالفواكه اثناء نومهم، وآخر ما فعله "آخر الغيث وليس اوله" "نار" الاحتلال الذي كان هو من تسبب فيها وهو من ساعد " سواء كان بشكل مباشر او غير مباشر " على ان تطأ ارض الوطن جزمة " الامريكان " وان تظهر على السطح وجوه أعتى لصوص الارض لتحكم العراق ، وجوه فعلت امتدادا لما فعله المهيب الذي لم يكن مهيبا والركن الذي لم يكن ركنا ، والان ياصديقي هل عرفت لماذا أكره يوم 30 تموز ؟
ضد النسيان.. لماذا أكره 30 تموز؟
- التفاصيل
- محمد علوان جبر
- ادب وفن
- 1646