في معرضه الاخير قدم الفنان حسين البلداوي (تجليات لونية لخفايا الروح) والذي أقامه في أروقة وزارة الثقافة، قدم كمشروع جمالي فكري يمثل تجليات فنية بعضها تنتمي إلى المدرسة التجريدية والبعض الآخر الى الرمزية، رسم الواقع ومعالجته مسلطا الأضواء على جوانب مهمة أراد إيصالها الى الجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه ، مقدماً مكنونات روحه وحياته اليومية بصدق وأمانة وجاعلاً ذات الرسام أكثر أهمية من المنطق الموضوعي، فكأنما حاول معالجة مشاكل المجتمع من خلال حياته اليومية، إذ نرى لوحاته الواقعية تحمل ذاتية الفنان وان لم تطغ على الموضوع، فقدم المعرض لوحات واضحة تقدم العالم الحقيقي الواقعي وبتصوير الجوهر الداخلي للأشياء، وليس الجنوح إلى الفانتازيا أو الرومانسية، 

أن البناء الإنشائي لتكويناته الفنية يتنوع بتوزيعاته الفضائية حيث قدم الفنان في بعض لوحاته خروجاً واضحاً على المعتاد فجعل تكويناته الجسدية في أعلى اللوحة والجو المحيط في الأسفل، وحتى يتجسد ذلك في فضاءاته اللونية فبعضها قدم بألوان هادئة تجاورها ألوان مشبعة بالقيم اللونية الوهاجة، ليكسر في دواخلنا الرتابة وبشكل لافت للانتباه فالوظيفة المجردة والأساسية التي قدم لوحاته من أجلها هي الألوان القوية الواضحة والخطوط الملامسة لوظيفة التعبير في الإنتاج الفني التجريدي، فتكونت أعماله بالأساس على سطح مستو مغطى بألوان جمعت بترتيب منسق، مستعينا بالعناصر التجريدية لتوضيح أو وصف الطبيعة والحضارة الإنسانية.

فجاءت تجربة الفنان بشكل تلقائي فني ونفسي، معتمداً على التعبير بالألوان عن الأفكار اللاشعورية والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام. متخلصاً من مبادئ الرسم التقليدية، في التركيبات المختلفة للوحاته المرتبطة ببعضها أو غير المرتبطة بإحساس الواقعية إذ أنها تعتمد على اللاشعور. فخطوطه مهتمة بالمضمون وليس بالشكل ولهذا بدت لوحاته مفعمة بالألوان الكثيرة المبهرة والتي تعد منبعاً فنياً لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها.

اللوحات تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من قبل الجمهور المتذوق، كي يدرك جماليتها والانفعالات التي تخالج روحه التي تظهر حقيقة فنه البصري. الظاهر

أن المظهر الخارجي شغل الفنان بحِقَبٍ كثيرةٍ، ولا يمثل كل الحقيقة، بل يظهر الحالة النفسية الداخلية له فيقدم إبداعه وهو يلوذ بعالم الخيال ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة من دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.

حسين البلداوي قدم (30) لوحة بقياسات مختلفة وتقنيات متعددة، امتاز بأسلوب توزيع الألوان المضاءة والتي أبدعها من خلال الانفتاح لتعبر عن معاناة الإنسان العراقي مثبتاً بذلك ملامح العراق الجديد والمراحل التي وصل إليها الفن التشكيلي العراقي.

مما لا يخفى عن الكثير أن الفنان اليوم جاء بمختلف الأساليب الفنية كالانطباعية والواقعية والتجريدية، مبيناً أن المعرض يعد فرصة للتعبير وتلاقح الأفكار والرؤى واستلهام مفردات الجمال بما يليق بالفنان وتطلعاته الإنسانية والإبداعية.

فقدم التجريدية بكل ما يحيط بها من واقع، معيداً صياغتها برؤية فنية جديدة يتجلى فيها حس الفنان باللون والحركة والخيال، فرسم الانطباعية والتعبيرية والرمزية متجها إلى أعمال فنية ليس لها موضوع محدد بل يحمل تجارب تجريدية متقدمة بالفن.

البلداوي كان قادراً على رسم الواقع دائماً ومعالجته مسلطا الأضواء على جوانب مهمة أراد إيصالها الى الجمهور بأسلوب يسجل الواقع بدقائقه دون غرابة أو نفور، مركزاً على الاتجاه الموضوعي، جاعلاً المنطق الموضوعي أكثر أهمية من الذات فصوّر الرسام الحياة اليومية بصدق وأمانة، فقدم المعرض لوحات للعالم الحقيقي الواقعي وبتصوير الجوهر الداخلي للأشياء، وليس الجنوح إلى الفانتازيا أو الرومانسية. 

ونظراً لعدم وجود موضوع واضح حيث تطغى الوظيفة المجردة كالألوان والخطوط والملمس على وظيفة التعبير في الإنتاج الفني التجريدي، نستطيع أن نقول يجب أن نتذكر دائماً أن اللوحة بالأساس سطح مستو غُطِّيَ بألوان جُمعت بترتيب معين، وجاء الفنان مستعيناً بعناصر موهبته لتوضيح أو وصف ما يختلج روحه من تعبير فتأتي تلقائية فنية ونفسية، معتمدة على التعبير بالألوان والأفكار الشعور والإيمان بالقدرة الهائلة للأحلام.

عرض مقالات: