من السهولة أن تقضم الأبقار ما على حافات السواقي من آثار نحيلة لأجسادهم الشفافة،
الغراب يلتقط بعض الحب، رغم هذا يظل الحقل ابيض، واصدقائي يقيمون بيوتهم عند أطراف المدن، يقول زميل دراستي في معهد المعلمين: ما كان أبي انتهازيا، ولكن كان ابيض كحقل حنطة، يبيع للمزارعين بذور البصل وسماد اليوريا، ويسميه أصدقاؤه الانتهازي،
أصدقائي القرويون يدخلون المدينة كأي فاتحين، خيولهم عند مرابط المقاهي، وعيونهم تتابع مكائن الفشار، والاسكافيين،
يعاينون أحذية محاكة من خيوط القطن وجلود الاباعر، فيضحكون في عبهم،
القرويون المتحزبون يعبرون الشارع بخفة غير معهودة،
لا ابقار تتبعهم،
لا حقول بيضاء تترك ضلالا خضرا على السواقي،
مضخات الري نصف عاطلة،
ذات أصدقائي هم، ها انهم يتركون وجودهم كمتسابقي القفز بالزانة، يدخلون المطاعم والمقاهي والفنادق الأخرى، لم يبقوا من صداقاتهم لي سوى رائحة شعر الماعز، ورائحة حبوب القهوة المحمصة التي استوردتها مصلحة المبايعات الحكومية،
ها انا اخسرهم واحدا واحدا،
اخسر الجمعية التعاونية،
والوحدة الميكانيكية
وثورة الرابع عشر من تموز،
كان حقل الحنطة الأبيض يملأ عليَّ سرير النوم بالعتمة،
ومحبتهم قطيع ماشية يساق للمجزرة مع كثير من الرضا،
عيونهم كاميرات مراقبة،
أسماؤهم تملأ سجلات مجلس الأعيان، ومجلس الحكم،
وما ابحث عنه تركوه لي في ثلاجات المستشفى،

عرض مقالات: