امي طشت غيبتي بماي المطر

والطيرة المعرسه استحت

عِلكت بليل السطح شمعة وبخت

حنت السدرة وتحت فيهه غفت

انه صوت الديوانية ورمزها الشعري والنضالي الذي يعد ركيزة من ركائز القصيدة الشعبية بميزاتها التي تفردت بها متمثلة بحرارة ووهج اللفظ حزنا مؤطرا بالصدق النابع من سويداء القلب..المبلل بندى الله الغاسل عشب الارض..لتحقيق فعل الكتابة التي هي نوع من ممارسة الحرية على حد تعبير جان بول سارتر..

شفتك تزور الحلم بس النهر وياك

بالماي تسهر عشب كل المطر وياك

علي الشباني(المواطن الابدي) الذي ارتبط بها ارتباطا جدليا..وغناها بموالاته وحداثته الشعرية التي اسس لها الكبير مظفر النواب واحدث فيها تغييرات جذرية مبنى ومعنى(شكلا ومضمونا)..فكانت سايكولوجية الشعر عند الشباني تتسم بالطابع الانساني والانفجار اللغوي والتوليد الصوري فضلا عن توظيفه الرمز واعطائه ابعادا معاصرة فيقرنها بالثورة والعدالة والتحرر بتعبير حسي عميق يدغدغ المشاعر..

(يا صاحب) بـﭽت مهضومه كل دنياك

وأتعناك يلتغسل دهر يمناك

يا صبر المسيح وشيمة العباس

ياسيف اليصفي الناس من الناس

بحكم موسوعيته المعرفية المنبثقة من متابعاته وممارساته الثقافية..فهو صاحب مقال صحفي ثقافي فاعل ومتفاعل مجتمعيا..وكاتب القصيدة الفصيحة الشفيفة التي يكشف عنها منجزه المنحصر في(النار في المحبة/1997) و(النار طعم الارض/2000) و( دفاتر عراقية/ ملحمة شعرية فصحى/2005..وفي القصيدة الشعبية له( خطوات على الماء/1970) وهي مجموعة مشتركة مع طارق ياسين وعزيز السماوي..و(أيام الشمس/2000)و(هذا التراب المر حبيبي/2011)..

مري يحبيبة الشته يدك باب روحي

ومالي حيل ويه المطر نكضي السوالف

وانت بأول زخه نجمه زغيرة نزلت بالطوايف

علي الشباني الذي يجتاحه الحزن والاغتراب من واقع مرير ..متخلف اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا يرى في الاشتراكية الماركسية طريقا للخلاص مما يحيطه والاخر بالنضال وتهميش الاماني الميتة..

يا عراق.. تريد من دمنه بعد ﭽم كربلا

من كربلا..

(سيراً على الأقدام) حتى الفاو

صرنا كربلا

وأنت بعدك ما صرت لسه عراق

يا عراق

أمي تعبت من تعبها

وآني من ثكل التراب بروحي تعّبت التراب.

لذا فالشباني كانت حياته نضالا منذ صباه وحكاية طابعة الرونيو دليلا حيا على ذلك.. وموجزها الشباني طالب في عمر السادسة عشرة يتفق مع مجموعة من الشباب التقدميين الثائرين على الوضع المتهريء فيفكروا في الاستيلاء على طابعة الرونيو الموجودة في المدرسة اثناء العطلة الصيفية بقصد طبع بيانات ضد السلطة الحاكمة انذاك 1963.. والبيان الشيوعي (على طريق سلام عادل) وتم ذلك فعلا نهاية الشهر السادس من عام 1963 وتم اخفاؤها في بيته في اليوم الاول وظلت تتنقل بين بيوتاتهم..وبعد ان تم طبع ما ارادوا طبعه ضاقوا ذرعا منها فاضطروا على اعادتها للمدرسة وعليها عبارة(شكرا لقد انجزنا المهمة)..وبعد اقل من شهر تم اعتقال المجموعة وحكم عليهم بالسجن المؤبد(سجن الحلة)..واطلق سراحه بعفو عام في 20/6/1967 وقد اسهمت هذه السنين في صقل تجربته الحياتية والابداعية..فضلا عن تعرفه على  عدد من المناضلين والكتاب والشعراء في مقدمتهم الشاعر مظفر النواب الذي خاطبه مرة بمفردات شعرية شفيفة تدغدغ شغاف القلب منها: (زاوية لك في القلب ما زلت اوقد فيها الشموع..)

عرض مقالات: