إعداد: محمد الكحط

لم يكن حدثا عادياً في حياة المثقفين المصريين والعرب وبعض الأجانب، معرض القاهرة الدولى للكتاب 2019 في دورته الخمسين، والذى أفتتح يوم الثلاثاء 23 يناير بشكل رسمى، ومن ثم تم فتح أبوابه للجمهور يوم 24 يناير وأستمر حتى 5 فبراير، ليس لسعة المشاركة فيه وعدد زواره، بل لما حوته أيام المعرض من نشاطات ثقافية نوعية كبرى عديدة فهو ليس معرضا للكتب بل تظاهرة ثقافية كبرى بأمتياز، فقد شارك فى المعرض 35 دولة منها 10 دول أفريقية، ثلات منها تشارك لأول مرة هي، كينيا، غانا، نيجريا و16 دولة من آسيا و7 دول من أوروبا ودولتان من أمريكا. وبلغ عدد دور النشر المصرية فى هذه الدورة 579 منها 62  دارا للنشر تشارك لأول مرة و517 شاركت فى الدورات السابقة. أما دور النشر الأجنبية، فكان عددها 170 دار نشر منها 24 تشارك لأول مرة، و146 شاركت فى الدورات السابقة بإجمالى عدد أجنحة 723 للعرض والبيع، وأشارت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم إلى أن ((إجمالى عدد الناشرين بلغ 1274 شامل التوكيلات وعددها 525 توكيل بما يقرب من 800 ألف عنوان)).

وحلت جامعة الدول العربية، ضيف شرف هذه الدورة، واختارت الهيئة المصرية العامة للكتاب، المنظمة للمعرض، الراحل الدكتور ثروت عكاشة، والكاتبة سهير القلماوى، شخصيتين لهذا العام. وأكدت السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في الجامعة العربية رئيس اللجنة المعنية بملف مشاركة الجامعة كضيف شرف المعرض في دورته الـ 50، ((أن اختيار الجامعة العربية ضيف شرف يأتي بهدف إبراز إنجازات العمل العربي المشترك وتتويج هذا الصرح العربي الذي يجمع في خزائنه موادا ثرية ترسم بالصور الحية الناطقة شخصيات وأحداثا تاريخية كان من شأنها أن غيرت مجرى التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول العربية)).

تمت إقامة المعرض في دورته اليوبيلية على أرض المعارض الجديدة بالتجمع الخامس، وهذه ثالث منطقة تستضيف المعرض منذ نشأته عام 1969.

 في مناسبة افتتاح دار الأوبرا المصرية في 1969 وضمن الاحتفال الألفي بتأسيس مدينة القاهرة، كلف الرئيس جمال عبد الناصر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة بإقامة أول معرض للكتاب في مصر بمشاركة مئة ناشر من خمس دول فقط. ثم تم نقله من ساحة دار الأوبرا قرب ميدان التحرير في قلب القاهرة إلى مدينة نصر عام 1983، وهذه السنة هي المنطقة الثالثة الجديدة لكنها بعيدة عن مركز العاصمة ومع ذلك كان الحضور كثيفا من قبل المصريين والأجانب.

وحسب الأرقام الرسمية وصل عدد الحضور العام الماضي 2018 إلى نحو أربعة ملايين زائر، وفي عام 2006 تم اختيار معرض القاهرة كأفضل معرض في العالم بعد معرض فرانكفورت.

إن المعرض الجديد عبارة عن أربع قاعات، مساحة كل منها عشرة آلاف متر مربع، القاعة الأولى مخصصة لكتب التراث والأزهر ومن السعودية، والقاعة الثانية للناشرين العرب والكتب الأجنبية، أما القاعة الثالثة فهي مخصصة للناشرين المصريين، والقاعة الرابعة قاعة المعرض الرئيسية وناشري كتب الأطفال، كما تمت اقامة العديد من الفعاليات وحفلات التوقيع والأنشطة الثقافية في كافة المجالات، حيث بلغ عدد الفعاليات 500 فعالية في هذا العام، بمشاركة مئات الضيوف من الشعراء ونجوم الأدب والفكر حول العالم ورجال دولة، ومنهم من الحاصلين على جوائز البوكر ونوبل، والعديد من الجوائز العالمية.

ففي كل يوم هنالك أربع ورش ثقافية في القاعة الرئيسية، ومثلها في قاعة الصالون الثقافي، وصالة ضيف الشرف، وصالة بانوراما أفريقية، وصالة كاتب وكتاب، وصالة ملتقى الإبداع، وقاعة الشعر التي كانت تستضيف كل يوم حوالي ثلاثين شاعراً عربيا وأجنبياً،  وصالة الشباب والمبادرات التي كانت تكتظ دوماً بالشباب، وقاعة البرنامج المهني، وقاعة ذاكرة المعرض، وصالة المسرح الكبير، وقاعة التجارب المسرحية التي تم تقديم العديد من العروض المسرحية والفنية فيها، وقاعة السينما حيث عرضت عشرات الأفلام مع ندوات ولقاءات مع مخرجين ونجوم، واستمرت قاعتا الفنون البصرية والورش بتقديم المعارض المختلفة، وكان هنالك ركن الفنون الشعبية حيث قدمت عدة فرق شعبية العديد من فعالياتها الفنية.

وتضمن العديد من العروض الاستثنائية على مستوى المسرح، وفرق الموسيقى العربية، والكثير من الأمسيات الفكرية لأدباء عالميين. كما تم الاحتفاء بأدباء المهجر العربي، وشاركت روسيا في المعرض بثلاث ندوات هامة، كما استضاف المعرض الكثير من المفكرين والمبدعين من معظم الدول العربية، منهم عبد الفتاح كيليطو، كاتب وناقد مغربي، والدكتور فراس السواح من سوريا، والدكتور كمال أبو ديب، والدكتور عبد الله الغذامي من السعودية، ونظم احتفالية خاصة تحت عنوان "ذاكرة المعرض" وتضم الدول التي حلت في دورات المعرض المختلفة "ضيف شرف"، وقدم الصالون الثقافي مجموعة من ندوات شارك فيها أكثر من 18 دولة و400 مدعو.

وعلى مدى أيام المعرض كانت الفعاليات مستمرة في كافة قاعات المعرض المخصصة للفعاليات، للشعر والمسرح والموسيقى والأدب والنقد والسياسة والفكر...الخ. بالاضافة الى المركز الاعلامي الذي يصدر مجلة (مرايا الكتاب) كل يوم وهي خاصة عن نشاطات المعرض.  

وفي أحيانٍ كثيرة نحتار أي فعالية نحضرها، ففي نفس الوقت هنالك عدة فعاليات مهمة في قاعات مختلفة، وهذه أحدى سلبيات المعرض، فتضيع الفائدة المرجوة من الفعالية، ونجد قاعات مكتظة بالحضور وقاعات قليلة الحضور مما يسبب الإحراج للضيوف الذين يقدمون الفعالية وهم ضيوف مهمون  وبمضامين مهمة.

وكان للمبدعين العراقيين حضورهم الواضح في العديد من الورش، منهم الشاعر والناقد علي جعفر العلاق، الشاعر عدنان الصايغ، خزعل الماجدي، صلاح فائق، ضياء الأسدي، وغيرهم.

أنقضت أيام المعرض في دورته اليوبيلية، وحصيلته كبيرة حيث اللقاءات الفكرية والثقافية والحوارات والنقاشات من أجل رسم صورة أجمل للمستقبل.