الحرب هناك دائما،

 المدن  هنا دائما

كلاهما مفتوح على شهوة الفرجة والاكاذيب.

لا كنوز في الحرب هناك

ولا مقابر في المدينة هنا.

الكتب  تحفظ  غبار الحرب والمراثي، والموتى  يحفظون المقابر من الاندثار.

في المدينة ،

الورّاقون واللصوص ينامون مع المزابل والقطط التائهة،

اصحاب العربات يركضون بالفراغ الى الامنيات

واصحاب النياشين يركضون بالابناء الى المقابر،

لذلك ضاقت المدينة باسمائنا، وشواهدنا، ونسائنا الباحثات عن غياب الاثر واللذة

والنوم الكامل..

كيف لنا ان لانكبر سريعا في الحرب؟

وان لا نتفسخ في المدن من احلامنا البطيئة؟

كيف لنا ان لا نأكل ما تبقى من موائدنا ونغسل غبار اسمائنا بالتمائم والتعازيم؟

كيف لنا ان لا نؤجر المتاحف للحرب، والمدن للاكاذيب،

والنساء للتناسل

والوهم للقيامة؟

في الحرب لانصنع البداهة،

 ولا نبادل الساعات هروبها العجول والمكرر،

لا نقطف ثمارنا من غابة الموتى،

 لانعاقر المعنى بالسكرة او التنجيم،

كل ما نفعله هو الصحو الفاضح واللهاث  عند غبار ذكورتنا،

 نتوج أوهامنا كالبلاليع بالغازات

والخلوات المريبة..

في الحرب،

يقول الرجل الاول للاخير، خذ الساعات والثمار والغابة وتعال

الى صناديقنا المقفلة كايامنا.

خذ اسماء الجوقة وتعال الى القاعة.

أطلق هذيانك ووصاياك،

علّق اقنعة الملك والتاجر والحوذي والشرطي

واللص عند أول العتبات،

القاعة حيث انت، تكرر صوتك النائح بالمراثي.

القاعة تشبه الحرب،

الكل موتى،  الكل متشابهون في الامنيات..

في المدينة،

يقول الرجل الاخير للاول،

تعال نصنع اكاذيب باهرة للعبور،

نصنع كنوزا من الكلام، تلمع او تضجّ مثل شهواتنا الضالة،

مغشوشة مثل الواحنا الصدئة،

تعال بصوتك الذي يطحن ويشتعل ويشجّ، لتنازع الجميع على

القاعات الحروب، والقاعات السيرك، والقاعات المقابر والمراثي،

ربما نعرف معا انوثة الحرب او انوثة القاعة،

اذ نتلمس طراوتها، رائحة غيابها، نبكي حضورها الفاضح.

بعد ألف حرب، وألف مدينة،

لا نصل الى العائلة، لانصل الى العتبة،

القاعة وحدها تصنع الحرب،

حربنا  لها مزاج النبوءات، وسرائر القاعات،  وغواية الشياطين،

اجسادنا المكشوفة للحرب والمدينة،

هي اسماؤنا المدونة، اقنعتنا الملقاة على الارصفة،

ماذا سنفعل دون القاعة؟

ماذا نفعل دون اكاذيبها الباهظة؟

ماذا سنفعل بعد الحرب؟ ما سنفعل بعد(البرابرة)

حيث(ايثاكا) ترحل مع (الحواسم) نحو القاعة

وحيث البيوت ترحل مع(اللصوص).

حروبنا تناسلت عن وجوه، شياطين، غابات، حيوانات سود،

نعرف ان تلك الحروب ستجرنا كالجواميس

الى المقابر والمراثي والمقاهي والبيوت الخفيضة كأحلامنا.

في الحرب،

الاول لاشأن له بالاخير، والاخير لايدير رأسه للخلف او الامام،

 رأسان عالقان في الفراغ، يخشيان الشبهات ويلوذان بالتقية،

الاول:

يبكي وقوفه دون مآتم موته العلني، يستاف الغبار لكي  لايترنح من الهواء.

الاخير هو الاخير، هو الفراغ الذاهب الى الحرب،

الذاهب الى القناع، الذاهب الى الانثى،

من يضحك في النهاية! المحارب او صاحب الارشيف او الجنرال.

كلهم يرفعون اليافطة.

في الحرب

 يبدو الضحك خيانة او هزيمة اوتزوير

في المدينة:

يبدو صاحب الارشيف هو الاب العاطل عن

الخصب والعري والمراودة

لاشأن له سوى الغبار والجسد النائم على المسطبات.

في الحرب،

ثمة موت يهبط  بالملائكة الى الساحات والجبهات

يوزعون البطاقات واسماء الموتى،

يطلقون ابواقهم على سوادنا القديم..

في المدينة

ثمة موت نائم بالجوار،

يراقب العابرين،

يرشّ روائحه على الليل والساعات والبيانات

يوهمنا بالطرق المؤدية الى جهنم

او الحرب.

الموت والحرب والمدن

يهبطون الليلة عند الغابة او المقبرة

لا فرق..

عرض مقالات: