مر أكثر من خمسة واربعين يوما لم يستلم خلالها ما يزيد على اربعة ملايين موظف رواتبهم. وكلنا يعرف الهواجس والمخاوف التي يعيشها الموظف والمتقاعد كل شهر مع حلول موعد استلام الراتب. وها هو اليوم وعائلته يشعرون بقلق اكبر، بعد أن بات  مصدر عيشهم الذي اعتقدوا دائما انه مضمون وثابت، معلقا ومرتهنا للصراعات والتجاذبات السياسية ولسوء تدبير الحكومة في تنفيذ التزاماتها الأساسية إزاء المواطنين.

 ان الملايين تنتظر الرواتب على أحرّ من الجمر، وان تأخير او عدم صرفها يترك ايضا آثاره الواضحة والكبيرة على حركة السوق، ويؤدي الى سلسلة من التداعيات بضمنها تعاظم حجم الضرر.

 ويحصل هذا في وقت يشهد فيه اقتصاد البلاد حالة من الركود والانكماش، وترتفع نسب الفقر والبطالة، ويتلكأ توزيع مواد البطاقة التموينية الشحيحة أصلا والمحدودة .

وفي حين اطلقت وزارة المالية صرف رواتب المتقاعدين بعد القلق الذي  صار يساورهم شهريا، يستمر الجدل بين الحكومة ممثلة بوزارة المالية ومجلس النواب، بشأن رواتب الموظفين التي قيل ان اطلاقها جرى ربطه  بمصادقة مجلس النواب على قانون الاقتراض الجديد .

ترى ما ذنب المواطن والموظف ليتحمل كل هذا، وهو كان وما زال الضحية الأولى للسياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة المتبعة منذ ٢٠٠٣، ولتفشي  الفساد وهدر المال العام وضياع فرص حقيقية لتحقيق التنمية وتقليل الاعتماد على عائدات النفط المصدر، وتنويع الاقتصاد الوطني وتفعيل قطاعاته الإنتاجية.

من جانب آخر يتوجب الكف عن اعتماد الحلول التي تبدو سهلة، لكنها ذات تداعيات  خطيرة. فسياسة الاقتراض ترهن الاقتصاد العراقي وموارد البلد الى الدائنين وتُراكم المديونية وما يترتب عليها من فوائد، كما تشل التوجه نحو مباشرة تنمية حقيقية .

 ولابد من تأكيد أهمية وضرورة الشفافية والملموسية  في ما يخص موارد الدولة وآليات التصرف بها ، وان تعمل الدولة ومؤسساتها المختلفة وفِي المقدمة الحكومة، على تجنيب المواطنين وخاصة الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود،  تبعات الازمة المالية الراهنة.

بغداد

٥-١٠-٢٠٢٠