طرقت أسماعنا في هذه الايام ومن صلب صدى حراك التغيير الديمقراطي أنباء، عن عودة التيار الصدري إلى ساحة الحراك السياسي، الذي انقطع عنها شوطا.. لقد أسهم ذلك الانقطاع في إضعاف حراك الجماهير في الشارع الرافضة لنظام المحاصصة والسلاح المنفلت، وقد تمثل ذلك في الانسحاب من البرلمان، ولولاه لكاد ان يحُسم فيه الأمر لتشكيل حكومة الاغلبية الوطنية، إضافة إلى قدرته على حل البرلمان وإقامة انتخابات مبكرة، تغير نتيجة الصراع نحو تعطيل فعالية ما سمي بـ " الثلث المعطل " المفتعل المقلّد عن جارحة حكم الطوائف في لبنان.

لا شك أن التيار الصدري يحظى بدعم جماهيري أوسع من غيره في الساحة السياسية العراقية، وربما يكون الأكثر تأثيراً بفعل شعار الإصلاح الذي يتبناه، وبخاصة تصديه للتبعية السياسية الخارجية المخلة بوطنية العمل السياسي، وأيضاً اقترابه من رصيف القوى الوطنية الاخرى، التي شكل معها " التحالف الثلاثي "،  ولكن مع الأسف لم يحافظ عليه، حيث انهاه بجرة قلم تمثلت بـ (الانسحاب من البرلمان والاعتكاف). مما جعل أركان التحالف الثلاثي الأخرى، الكرد ـ وحزب تقدم، في مهب " الإطار التنسيقي ". ومن هنا يغمرنا مسيس الحاجة إلى إعادة قراءة سجل الحالات التي حسبت على التيار وليست له، ولسنا بصدد الإشارة سلباً، بقدر ما نحن رافعين نقطة نظام العتب، منطلقين من حاجة شعبنا العراقي إلى القدرة الكفاحية الكامنة لدى التيار الصدري في سبيل خلاص العراق وشعبه من محنته الراهنة.    

وليس ببعيد ولا أحد ينسى كيف كان التيار الصدري يصل مع تحالفاته إلى تكوين الكتلة الاكثر عدداً، ويعبر العتبة التي تمكنه من تشكيل الحكومة، إلا أنه يهمل ويتردد عن ذلك الهدف المنشود، وبالتالي يفسح المجال أمام خصومه ليتحركوا ويضغطوا باتجاه المشاركة في هذه المهمة. وإذا ما أردنا إعادة استقراء تلك الحالة نجدها قد تعددت، مما يدفع إلى التعليق بالقول: كأنه قد وضع للتيار سقفاً لا يتخطاه حتى بعدم رضاه. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، تأييده لانتفاضة تشرين 2019.. ولو استمر بمساعدتها لكانت قد أتمت مهمتها.. غير أنه انسحب بلا موقف. ولابد في هذا السياق من ذكر دخوله إلى المنطقة الخضراء الذي تعدد أيضاً ولكنه سرعان ما تراجع عن ذلك دون موقف واضح ايضاً، وأخيراً وليس اخراً ما مثله الانسحاب من البرلمان والتضحية بأصوات الجماهير الغفيرة المؤيدة له، واعطاء ثمرتها الطازجة إلى خصومه ليقلبوا الطاولة ويصبح الخاسر فائزاً والعكس الصحيحاً.  

بعد هذا نرى يحق لنا التساؤل حول هذه العودة المنتظرة بعد اعتكاف الفترة الماضية، والمراجعة التي نشهد بوادرها، فهي قد بشرت بتغيير حتى اسم التيار الصدري إلى (التيار الوطني الشيعي) فهل توفرت لدى" التيار " إمكانية مغادرة حالة نفض اليد عن المنجز الذي يحققه بكفاح الملايين من الكادحين الشجعان المناصرين له من مختلف فئات الشعب العراقي، وذلك إبان الوصول إلى مرحلة قطف الثمار...؟ ومن جانب آخر أن أجزاء " التحالف الثلاثي " ما زالت تعاني حتى من تطبيق الدستور، واصبحت بين حانة ومانة.. تفتقر إلى جهد التيار ليعينها على رد استحقاقاته السياسي والدستوري، وربما هم في غاية الحاجة لكي تحين ساعة اعادة لحمة التحالف من جديد، حتى تستوي الأمور بانشاء مستوى أرقى واوسع مع كافة القوى الديمقراطية والوطنية، نحو التغييرالديمقراطي بعيداً عن المحاصصة والطائفية والانتخابات اللاديمقراطية وخراب الأمور الحاصل.

عرض مقالات: