تعريف

"الهندسة المعمارية الإقليمية"، تشير إلى أنماط أو تصاميم معمارية محددة لمنطقة جغرافية معينة. تأخذ الهندسة المعمارية الإقليمية في اعتبارها المناخ المحلي والثقافة والمواد والتقاليد في مكان معين، مما يؤدي إلى بناء المباني التي تتناسب جيدًا مع البيئة المحيطة بها.

سمات العمارة الإقليمية

غالبًا ما يدمج المهندسون المعماريون عناصر من المحيط المحلي، ويستخدمون مواد متاحة بسهولة في المنطقة، ويأخذون في اعتبارهم المناخ لإنشاء هياكل تكون وظيفية وجمالية متناغمة مع محيطها. تساعد هذه الطريقة في إنشاء مباني مستدامة وذات صلة سياقيًا.

 يمكن أن تختلف العمارة الإقليمية بشكل واسع استنادًا إلى الموقع الجغرافي والتأثيرات الثقافية والموارد المتاحة. فيما يلي بعض أمثلة على الهندسة المعمارية الإقليمية والمهندسين المعماريين البارعين المرتبطين بها:

الهندسة المعمارية البحر الأبيض المتوسط:

تتسم بمباني بيضاء اللون، أسقف بلاط حمراء، تفاصيل من حديد مشغول، وفناء. ومن. معماريها المشهورين أنطوني غاودي في كاتالونيا، إسبانيا، معروف بمساهماته الفريدة في الحداثة الكاتالونية.

الهندسة المعمارية التقليدية اليابانية

تتسم بهياكل خشبية، أرضيات التاتامي، أبواب منزلقة (فوسوما)، وصلة قوية مع الطبيعة والماء والرمل بشكل خاص. ومن المهندسين المعمارين المشهورين هو تاداو أندو، مهندس معماري معاصر معروف بنهجه البسيط واستخدامه للخرسانة.

 الهندسة المعمارية الإسكندنافية:

تتسم ببساطة ووظائفها، واستخدام مواد طبيعية مثل الخشب والحجر. واهم معمار عالمي رائد هو ألفار آلتو، مهندس فنلندي معروف بتصاميمه التي تركز على الإنسان والحداثة العضوية.

الهندسة المعمارية الإسلامية:

تتسم بنمط هندسي، قباب، منارات، واشكال عضويه تحاكي الصحراء والماء واستخدام الخط المجرد كشكل وزخرفة، ومن المعمارين المشهورين حسن فتحي (مصر) يُعتبر حسن فتحي واحدًا من رواد الهندسة المعمارية المستدامة والشعبية في الشرق الأوسط. دعا إلى استخدام المواد وتقنيات البناء التقليدية، مما أسفر عن دمج عناصر حديثة وتقليدية. يشمل عمله مشاريع مثل قرية الجورنا الجديدة بالقرب من الأقصر.

راسم بدران (الأردن)

 راسم بدران هو مهندس معماري معروف بتفانيه في الهندسة المعمارية العربية التقليدية. يدمج عناصر مثل الفناء والمشربية (شاشات خشبية) والقبب في تصاميمه. يشمل عمله مباني سكنية وثقافية ودينية.

بيجان بهار (إيران)

 بيجان بهار هو مهندس معماري إيراني معروف بتفسيراته الحديثة للهندسة المعمارية الفارسية التقليدية. يدمج عناصر مثل أبراج الرياح والزخارف البلاطية المعقدة في تصاميمه، مما يخلق اندماجًا بين الماضي والحاضر.

كمال كفاوري (المملكة العربية السعودية)

 كمال كفاوري هو مهندس معماري سعودي شارك في مشاريع مختلفة تعكس الثقافة والمناخ المحلي. عمل على تطوير مشاريع في المملكة العربية السعودية، مدمجًا عناصر تقليدية مع تبني مبادئ التصميم الحديث.

Fahed + Architects) لبنان (

 Fahed + Architects، مقرها في لبنان، معروفة بتفانيها في التصاميم المستدامة والمتناسبة مع السياق. تدمج عناصر الهندسة المعمارية اللبنانية التقليدية في مشاريعها، مع مراعاة للمناخ والثقافة المحلية.

 المتلقون لجائزة الأغا خان للهندسة المعمارية

 حصلت جوائز الأغا خان للهندسة المعمارية على عدة مشاريع في الشرق الأوسط تجسد مبدأ الإقليمية. غالبًا ما تتضمن المتلقين مهندسين معماريين ومصممين نجحوا في دمج التقاليد المحلية في تصاميمهم المعاصرة منهمعبد الواحد الوكيل ومحمد مكية ورفعة الجادرجي الذي يدعو الى إقليمية عالمية (جمع النقيضين) وزها حديد، المعروفة بتأثرها الخفي بالخط العربي وتماهي مبانيها مع المحيط والطبيعة معروفة بتصاميمها المبتكرة والمستقبلية.

المباني الطينية في الجنوب الغربي الأمريكي (الولايات المتحدة)

تتسم باستخدام الطوب الطيني، أسقف مسطحة، وتكامل مع المناظر الصحراوية. المهندسة المعمارية المشهور: ماري إي. جي. كولتر، مهندسة أمريكية معروفة بعملها على المباني في منطقة الكانيون الكبير.

عمارة جنوب شرقي اسيا

تتسم بتميز المنازل التقليدية بعناصر خشبية مفصلة بدقة، أسقف مغطاة بقش، وصروح مفتوحة، تشكل عمارة جزيرة بالي قي إندونيسيا أحسن مثل لها، ومن المعمارين المشهورين فيها إيدا باجوس توجور، مهندس من جزيرة بالي معروف بعمله في الحفاظ وتعزيز الهندسة المعمارية البالية التقليدية.

تعكس هذه الأمثلة تنوع الهندسة المعمارية الإقليمية والتاريخ والثقافة والبيئة للمنطقة المعينة.

المهم هنا ان نعرف أن أنماط الهندسة المعمارية يمكن أن تتطور، وغالبًا ما يمزج المهندسون المعماريون المعاصرون بين التأثيرات الإقليمية ومبادئ التصميم الحديثة وهذا بالضبط ما حدث لرواد عمارتنا المشهورين رفعة الجادرجي ومحمد مكية.


بين الحداثة وما بعدها والإقليمية

نلاحظ أن تفضيل حركة معمارية معينة، بما في ذلك الإقليمية، أمر ذو طابع شخصي ويعتمد على عوامل متعددة مثل الذوق الشخصي والسياق الثقافي والمتطلبات الخاصة لمشروع معين. لا يوجد تفوق ذاتي لحركة معمارية على أخرى؛ فكل حركة لها مزاياها الخاصة.

تشكل العمارة الإقليمية كما هي عمارة الحداثة وما بعدها طبقات الادراك المعرفي في الوعي الذي يستدعي هذه الطبقات من اللاوعي في لحظة التصميم وقد يكون هناك كميات مختلفة من تأثير هذه الطبقات المعرفية على التصميم تبعا لنوعية التصميم ودرجة استجاباته لمعطياته فمثلا الإسكان الريفي يحتاج الإقليمية أكثر من بناء المعامل التي ربما تحتاج الى الحداثة وتُقدر لأسباب مختلفة. ومع ذلك، إليك بعض المزايا والخصائص المحتملة للإقليمية في الهندسة المعمارية التي قد يعتبرها البعض إيجابية

الارتباط الثقافي

 تستوحي الهندسة المعمارية الإقليمية غالبًا من التقاليد المحلية والمواد والتأثيرات الثقافية. يمكن أن تؤدي هذه العملية إلى إنشاء مبان تتناغم مع المجتمع المحلي، مع تعكس هوية واستمرارية ثقافية.

التكامل السياقي

 تعتبر الإقليمية التكامل مع المباني في البيئة المحيطة بها أمرًا أساسيًا. من خلال النظر في المناخ المحلي والمناظر الطبيعية والموارد المتاحة، يمكن للمهندسين إنشاء هياكل تتناغم مع سياقها.

الاستدامة

 غالبًا ما تستخدم الهندسة المعمارية الإقليمية مواد متاحة بسهولة في

المنطقة، مما يقلل من الحاجة إلى النقل على مسافات طويلة ويقلل من التأثير البيئي. بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم التصاميم التي تأخذ في اعتبارها ظروف المناخ بطبيعتها في زيادة الكفاءة الطاقية.

المشاركة المجتمعية

 قد يتفاعل المهندسون المعماريون الذين يمارسون الإقليمية مع المجتمعات المحلية لفهم احتياجاتها وتفضيلاتها. يمكن أن يؤدي هذا النهج التشاركي إلى تصميمات تخدم المجتمع بشكل أفضل وتعزز الشعور بالملكية.

الجماليات المميزة

 يمكن أن تؤدي الهندسة المعمارية الإقليمية إلى تصميمات فريدة وجمالية جذابة تتميز عن الأنماط المعمارية العالمية العامة. يمكن أن يسهم هذا التمييز في إحساس بالمكان والهوية.

قابلية التكيف:

غالبًا ما تظهر الهندسة المعمارية الإقليمية قدرة على التكيف مع التحديات المحلية والتغييرات في الظروف. يمكن أن تتطور التصاميم مع مرور الوقت لتلبية احتياجات المجتمع والاستجابة لتحولات الثقافة أو البيئة.

بينما قد تعتبر هذه الجوانب إيجابيات للإقليمية، يجب الاعتراف بأن لدى حركات معمارية أخرى أيضًا مزاياها الخاصة. يُثنى على الحداثة، على سبيل المثال، لابتكارها ووظيفيتها وبساطتها، في حين يستكشف الحداثيون المتأخرون عن الزمن عناصر متنوعة وقد يكونون أكثر تعبيرًا. "الحركة الأفضل" تعتمد على أهداف المشروع وتفضيلات الأطراف المعنية والسياق الذي تتواجد فيه الهندسة المعمارية.

نعم، هناك العديد من المهندسين المعماريين في الشرق الأوسط الذين ساهموا بشكل كبير في الهندسة المعمارية الإقليمية. قاموا بدمج التقاليد المحلية والتأثيرات الثقافية والاعتبارات البيئية في تصاميمهم، مما أسفر عن هياكل تتناغم مع السياق الخاص للشرق الأوسط. إليك بعض الأمثلة.

يظهر هؤلاء المهندسون التنوع في النهج نحو الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث يقدمون مزيجًا من العناصر التقليدية مع مبادئ التصميم الحديث. يعكس عملهم فهمًا لأهمية السياق الثقافي والمناخ والمواد المحلية في خلق هندسة معمارية ذات معنى ومستدامة.

الهندسة المعمارية الحديثة والإقليمية هما حركتان معماريتان متميزتان بمبادئ وفلسفتين مختلفتين. بالرغم من أنهما يمكن أن يتعايشا، إلا أن هناك حالات قد تبدو فيها متناقضة بسبب تباين أساليبهما. دعونا نستكشف بعض الاختلافات المحتملة:

مبادئ التصميم

الهندسة المعمارية الحديثة. غالبًا ما تؤكد الحداثة على الوظائفية والحد الأدنى واستخدام المواد والتقنيات الجديدة. تقدر البساطة والخطوط النظيفة والابتعاد عن التزيين التاريخي.

الإقليمين ناحية أخرى، تركز على دمج التقاليد المحلية والمواد والعناصر الثقافية تسعى إلى إنشاء مبان تكون ذات صلة سياقيًا ومتناغمة مع البيئة المحلية.

التأثير العالمي مقابل التأثير المحلي:

الهندسة المعمارية الحديثة تميل إلى أن يكون لها تأثير أكثر عالمية وشمولًا، حيث تتجاوز غالباً الحدود الإقليمية والثقافية. تهدف إلى جعل الجماليات خالدة وعالمية.

تستفيد الهندسة المعمارية الإقليمية بشكل كبير من التأثيرات المحلية والتقاليد والسياقات. توكد وتعبر عن الهوية الفريدة لمنطقة معينة

المواد والتكنولوجيا

يتبنى مهندسو الحداثة غالبًا المواد وتقنيات البناء الجديدة، مع التركيز على الكفاءة والابتكار.

تميل الهندسة المعمارية الإقليمية إلى استخدام مواد محلية المنشأ، مما يشجع على الاستدامة والارتباط بالبيئة المحلية.

الشكل مقابل الوظيفة

 غالبًا ما تعطي الحداثة الأولوية للوظائف والكفاءة على حساب الإشارات التاريخية أو الثقافية. تهدف إلى نهج عقلاني وفعال. بينما تعتبر الوظيفة أمرًا أساسيًا، تضع الهندسة المعمارية الإقليمية تأكيدًا قويًا على الرموز الثقافية والجماليات وإحساس بالمكان.

خلود مقابل التغيير

تسعى التصاميم الحداثية غالبًا إلى الحصول على جودة لا تتأثر بالفترات التاريخية المحددة. بينما تتطور الهندسة المعمارية الإقليمية مع مرور الوقت، متكيفة مع التغييرات في السياق الثقافي والاجتماعي والبيئي.

على الرغم من وجود هذه الاختلافات، يجمع مهندسو الهندسة المعمارية في كثير من الأحيان بين عناصر من كل من الحداثة والإقليمية، مما يؤدي إلى تحقيق توليف يُعرف بـ "الحداثة الإقليمية" أو "الإقليمية الحديثة". في هذا النهج، يسعى المهندسون إلى إنشاء تصاميم تكون معاصرة ومبتكرة مع احترام وتأكيد للسياق المحلي. تجمع هذه الدمج بين هذه العناصر يسمح بنهج أكثر تعقيدًا وسياقيًا لتصميم الهندسة المعمارية.

الهندسة المعمارية ما بعد الحداثة والإقليمية قد تحملان جوانب متداخلة، ولكنهما لديهما أيضا اختلافات في فلسفات التصميم. على الرغم من أنهما قد لا يتعارضان بشكل ضروري، إلا أن هناك حالات يمكن أن تظهر فيها توترات أو تناقضات بسبب أساليبهما المميزة. دعونا نستكشف بعض نقاط الاختلاف المحتملة:

مبادئ التصميم

ترفض الحداثة في كثير من الأحيان الوظائف الصارمة والحد الأدنى للأشياء الزخرفية. إنها تتبنى أساليب متنوعة وإشارات تاريخية وعناصر زخرفية. الهندسة المعمارية الإقليمية تميل إلى التركيز على دمج التقاليد والمواد المحلية، مع التأكيد على البساطة والتناغم مع البيئة المحلية.

الإشارات التاريخية

تدمج الحداثة في كثير من الأحيان إشارات تاريخية واقتباسات من مختلف أساليب الهندسة المعمارية بطريقة مرحة أو ساخرة. في حين قد تستلهم الهندسة المعمارية الإقليمية من التقاليد المحلية التاريخية، إلا أنها غالبًا ما تفعل ذلك بطريقة جادة وأصيلة دون السخرية المرتبطة بالحداثة.

المواد والتكنولوجيا

قد يستخدم مهندسو الحداثة مزيجًا من المواد التقليدية والحديثة، في كثير من الأحيان بدون التزام صارم بتوفير المواد محلياً. الهندسة المعمارية الإقليمية تؤكد عادة على استخدام المواد الأصلية، مع التشديد على الاستدامة والربط مع السياق المحلي.

الهوية الثقافية

قد تعطي الحداثة الأولوية لجماليات عالمية أو عابرة، باقتراض عناصر من ثقافات مختلفة دون التركيز القوي على الهوية المحلية. الهندسة المعمارية الإقليمية تتميز بالتمسك العميق بالهوية المحلية، حيث تحتفل وتعبر عن السمات الثقافية الفريدة للمنطقة المعنية.

التناغم مع السياق المعماري والتخطيطي

قد تقوم التصاميم ما بعد الحداثة بالتناقض بصفة متعمدة مع المحيط، بهدف إيجاد فائدة بصرية أو تحدي التقاليد المثبتة. الهندسة المعمارية الإقليمية تسعى للتناغم مع البيئة المحلية والسياق الثقافي، بهدف إحساس بالانتماء والاستمرارية.

  الاستنتاج

على الرغم من أن الهندسة المعمارية ما بعد الحداثة والإقليمية يمكن أن تتعايشا، إلا أن توترات محتملة قد تظهر عندما تدمج تصاميم ما بعد الحداثة عناصر متنوعة دون فهم عميق أو احترام للسياق الثقافي والبيئي المحلي. يمكن أيضًا للمعمارين اختيار دمج عناصر من كل من الحركتين، لإنشاء تصاميم تعترف بالتقاليد التاريخية مع اعتناق التأثيرات المعاصرة والمتنوعة.

 العلاقة بين ما بعد الحداثة والإقليمية يمكن أن تتفاوت بناءً على النوايا والنهج الفردي وهذا شان ما نسميه عمارة (الحدث)  

 

عرض مقالات: