لا يزال الشعب السوداني يعاني من سوء ادارة النظام الشمولي الذي يعتمد في بقائه على اجهزته القمعية التي تستحوذ على النصيب الأكبر من الانفاق الحكومي، وقيامه بمصادرة الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان. وكان هذا نهجه منذ استيلائه على السلطة في انقلاب 30 حزيران 1989 والى اليوم. وقد فشلت كل التسويات والاتفاقات التي عقدها النظام مع اقسام الحركة السياسية المدنية والمسلحة بسبب اصرار النظام الحاكم على نهجه الاستبدادي وبالتالي انهيار تلك الاتفاقيات. وقيام النظام بالتضييق على الحريات خاصة بعد انفصال الجنوب واتساع نطاق الحرب الأهلية في تردي الوضع الاقتصادي والصحي والتعليمي والمعيشي واستفحال الأزمات، حيث يواصل النظام الحاكم مصادرة حقوق الانسان وممارسة العنف الهمجي ضد التظاهر السلمي واشكال الاحتجاج الشعبي المختلفة. اضافة الى مضايقته للصحف الوطنية من خلال اجهزته القمعية والتضييق على الحريات الصحفية ومصادرة الصحف بعد طباعتها والتضييق على الصحف غير الموالية للنظام.

ان طبيعة النظام الحاكم في السودان تتناقض مع مبادئ الديمقراطية والنزاهة والعدالة الاجتماعية وهو ضد النظام التعددي الديمقراطي وضد ايقاف الحرب الأهلية وتحقيق السلام والتنمية المتوازنة وضد المحافظة على الوحدة الوطنية مما يستدعي اسقاطه واقامة نظام ديمقراطي تعددي يوقف الحرب الأهلية ويعالج ازمات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد اشد المعاناة.

لقد ايد الحزب الشيوعي السوداني واقع التعدد والتنوع كسمة شاملة للسودان فهو وطن متعدد ومتنوع الاعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات، فالحزب الشيوعي السوداني منذ نشأته أيد قيام التنظيمات النقابية للعمال الزراعيين والموظفين واتحادات الطلاب والنساء والشباب، فهو حزب ديمقراطي يؤمن بالديمقراطية منذ تأسيسه. كما يؤكد الحزب على الديمقراطية في برنامجه ويدعم الحريات والحقوق الأساسية للجماهير وهو المدافع الأمين عن مصالحها، كما يدعم المضمون الاقتصادي والاجتماعي لنظام الدولة، ويرى الحزب في برنامجه ان الصراع من اجل الديمقراطية هو جزء لا يتجزأ من الصراع الاجتماعي وجزء من صراع الثورة، وان غياب الديمقراطية ولفترات طويلة عن البلاد يعتبر العائق الأساسي والحقيقي الذي يحول دون مشاركة الجماهير في الحياة السياسية وفي بناء منظماتها الجماهيرية. ويعتبر الحزب الشيوعي السوداني ان النضال والتركيز على قضية الديمقراطية كخيار استراتيجي للحزب هو ذو بعد وطني وملتزم بقضايا الجماهير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي من حق الجماهير ان يكون لها دور اصيل في وضع السياسات واتخاذ القرارات وعلى كل المستويات، وهذا التحدي ينبغي العمل على تخطيه بالتعاون مع القوى الديمقراطية كافة المناهضة لقوى الظلم وسيطرة الرأسمالية ومؤسساتها الاستعمارية.

ويؤمن الحزب الشيوعي السوداني ان صيغة الحزب الواحد مهما كانت قد اثبتت فشلها في السودان كما فشلت ايضا صيغة حل الأحزاب ويرفض الحزب نمط الحزب الواحد في الحكم ويناضل من اجل الديمقراطية والدفاع عنها ونبذ النهج الانقلابي للوصول الى السلطة.

اليوم الشعب السوداني يعاني من غلاء الأسعار وأزمة الخبز والدواء والمواصلات والظروف المعيشية الصعبة الى جانب انعدام الحريات وسيطرة الحزب الواحد في ظل اصرار الشعب بقواه السياسية الوطنية كافة على انهاء النظام الحاكم عبر كل الوسائل والآليات الديمقراطية واقامة نظام ديمقراطي بديل بفترة انتقالية يتم خلالها تفكيك نظام (الانقاذ) تماما واقامة دولة مدنية ديمقراطية تخدم الشعب وتلغي كل سياسات النظام الحاكم ومعالجة اوجه الخراب التي نتجت عنه.

لقد كان لسياسات النظام  الفاشلة الأثر الكبير في تدهور الأحوال المعيشية والحياتية للأغلبية العظمى من ابناء الشعب السوداني، حيث خرجت الجماهير الشعبية الى الشوارع في اغلب المدن السودانية منددة بسياسات النظام ورافضة بشكل مطلق نظام الذل والجوع والفقر والمرض والتخلف الاقتصادي، حيث كان  له الدور الأساس في تدمير مقومات الانتاج الزراعي والصناعي والخدمي والخدمات العامة الضرورية وتفشي الفساد في اشكاله المختلفة وخضوع البلاد للقوى الأجنبية تحت سيطرة وقبضة البنك وصندوق النقد الدوليين واغراق السودان بديون خارجية لا فكاك منها. وبفضله تم تدمير الصناعة في البلاد وجعل السودان سوقا لتصريف واستيراد جل احتياجاته حيث أصبح يستورد كل شيء من الخارج تحت سياسات الليبرالية الجديدة التي قادت البلاد الى الافلاس وقادت سياساته الى الانهيار الاقتصادي والنقدي التام وتدهور عملته الوطنية وتضخم غير مسبوق جعل الدولة عاجزة عن توفير الحد الأدنى من متطلبات حياة المواطنين. فالوضع الاقتصادي اليوم في السودان يتميز بغلاء منفلت وصعوبة توفير الغذاء الضروري ومعاناة المواطنين والاسر السودانية الفقيرة من الحصول على الدواء بأسعار مناسبة الى جانب ندرته وضعف القدرة الشرائية للمواطنين وتوقف المصانع وشح المواد البترولية اضافة الى عبء الضرائب وارتفاع قيمة الدولار بالنسبة للعملة الوطنية الجنيه واستفحال ازمة الخبز والدقيق وارتفاع اسعاره وكذلك ازمة الجازولين والبنزين وازمة المواصلات وارتفاع اجور النقل مما اعاق نقل العاملين والطلاب والمواطنين عامة. وفي ظل هذه الأوضاع المزرية يرى الحزب الشيوعي السوداني ان لا مخرج من هذه الأزمة الشاملة الا بإسقاط النظام الحاكم وتفكيكه وتصفيته وتضافر جهود كل القوى الوطنية لفتح الطريق لفترة انتقالية وعقد مؤتمر دستوري بنهاية الفترة الانتقالية، وعلى الشعب السوداني ان يهب بوجه النظام الظالم وكما قال نشيد الأممية:

((هبوا ضحايا الاضطهاد... ضحايا جوع الاضطرار..

 بركان الفكر في اتقاد...

هذا آخر انفجار..

هيا نحو كل ما مر..

ثوروا حطموا القيود.. شيدوا الكون جديدا حرا..

كونوا انتم الوجود..

بجموع قوية..

هبوا لاح الظفر..

غدُ الأممية

يوحد البشر..