رشيد غويلب
أدى زعيم الحزب الاشتراكي الاسباني بيدرو سانشيز اليمين الدستورية السبت الفائت أمام الملك فيليبيي السادس في القصر الملكي، بصفته رئيسا للحكومة الإسبانية. ويتعين على سانشيز تشكيل حكومة بعد أن حجب البرلمان الثقة عن اليميني المحافظ ماريانو راخوي على خلفية ملفات فساد تورط فيها حزبه.
ويتوجب على سانشيز، تسمية أعضاء حكومته، ولن يستطيع تسلم مهامه إلا بعد نشر قرارات البرلمان في الجريدة الرسمية في الأيام المقبلة.
كما ان على سانشيز أن يثبت قدرته على الحكم مع نوابه الاشتراكيين الـ84، بعدما جمع أكثرية غير متجانسة، من نواب كتلة اليسار، وصولا إلى الاستقلاليين الكاتالونيين والقوميين الباسكيين.
وسيحكم سانشيز بحكومة اقلية تستند الى اكثرية برلمانية متغيرة، وفقا للمشاريع التي ستطرحها حكومته على البرلمان. وليس سهلا على سانشيز استنساخ النموذج البرتغالي، حيث يحكم الاشتراكيون بنجاح في حكومة اقلية مدعومة من الحزب الشيوعي البرتغالي، وحزب كتلة اليسار، دون الدخول بتحالف حاكم. وصعوبة الاستنساخ تعود لعدم تقديم سانشيز برنامجاً حكومياً يمكن لكتلة اليسار الجذري في البرلمان التحالف على اساسه، او دعمه من خارج الحكومة على طول الخط.
وفي سياق متصل، دعا رئيس ولاية كتالونيا السبت الى إجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسباني الجديد: "نحتاج إلى الجلوس على طاولة واحدة والتفاوض كحكومتين ، لا يمكن للوضع الذي نمر به أن يستمر حتى ليوم إضافي واحد".
ووفقاً للدستور الإسباني ينتهي حكم مدريد المباشر لكتالونيا بمجرد تولي حكومة جديدة السلطة في الولاية، وان عدم تمتع الحزب الاشتراكي باكثرية ثابته، سيجعل من الصعب اتخاذ أي قرار اقتصادي أو سياسي جريء، بما في ذلك تسوية المسألة الكتالونيه.
وكانت اغلبية برلمانية (180 نائباً) قد صوتت الجمعة لصالح حجب الثقة عن حكومة راخوي، مقابل 169 نائبا يمثلون كتلة "حزب الشعب" وحليفه حزب "المواطنين" اليميني الليبرالي، وحزب يمني محلي آخر، وامتناع نائب واحد عن التصويت. وتشكلت الاكثرية التي اطاحت بحكومة اليمين من الحزب الاشتراكي، وهو حزب ديمقراطي اجتماعي يتبنى مواقف وسطيه، واحزاب كتلة اليسار الجذري التي تضم حزب بودوموس، واليسار الاسباني المتحد، الذي يعتبر الحزب الشيوعي الاسباني قوته الأساسية، واحزاب يسارية محلية صغيرة. بالاضافة الى الاحزاب المتنفذة في ولايتي كتالونيا والباسك.
وكان هذا رابع اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة، منذ عودة الديمقراطية في البلاد بعد الدكتاتور فرانكو في عام 1975، والوحيد الذي تكلل بالنجاح.
وجاء التصويت نتيجة لإصدار القضاء قراراً في 21 ايار الفائت بشأن ملف الفساد المعروف بـ"الحزام". وقد صدر حكم بالسجن لفترات طويلة في حق عدد من قادة وكوادر سابقين في حزب الشعب اليميني المحافظ، بضمنهم مسؤول مالية الحزب لويس باركناس ورجل الاعمال فرانسسكو كوريا. وتضمن الحكم ادانة للحزب الحاكم والزامه بدفع غرامة قدرها 254 الف يورو. وقد طعن القضاة بشهادة رئيس الوزراء التي قدمها امام المحكمة، ووصفوا الحزب الحاكم بـ "منظمة تشكل لارتكاب انتهاكات للقانون". ولم يتعلق الأمر بـ"ممارسات فرديه" كما كان راخوي يؤكد باستمرار، بل بمجموعة ثابتة دائمة النشاط ادارة حسابات غير شرعية منذ العام الذي تأسس فيه الحزب 1989 .
وعبر بابلو إغليسياس ، رئيس حزب بوديموس ، ورئيس كتلة اليسار في البرلمان عن استعداده للمشاركة في الحكومة الجديدة، داعيا زعيم الحزب الاشتراكي الى جعل أسبانيا "نموذجا لاشتراكية جديدة في جنوب أوروبا". من جانبها اكدت رئيسة كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان:" لقد قال سانشيز بان الحكومة ستكون حكومة الحزب الاشتراكي".
وكان سانشيز ، الذي يعد رئيس وزراء إسبانيا السابع بعد وفاة الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو ، قد قدم المحاور الرئيسية لبرنامج حكومته في خطابه أمام البرلمان يوم الخميس الفائت. واكدا ان الهدف النهائي هو "تحقيق الأهداف الأوروبية" و "ضمان استقرار الاقتصاد الكلي والميزانية". وهذا البرنامج يجعل تحقيق تحول سياسي حقيقي بعيد المنال – لهذا سيحافظ سانشيز على التخفيضات التي نفذها راخوي تحت ضغط الاتحاد الأوروبي. و أعلن أنه سيواصل العمل بالموازنة التي اقرتها الحكومة السابقة، والتي كان الحفاظ عليها احد شروط الحزب القومي الباسكي للتصويت ضد رئيس الوزراء السابق.