اصيل الحبيب
اقام فريق "مهندسون للإصلاح" ورشة هندسية بتاريخ 15 ايلول 2018 بعنوان ( المهندس افاق وتطلعات) في مقر جمعية المهندسين العراقية وبالتعاون مع مجلة "الثقافة الجديدة" وبحضور عدد من الاكاديميين وذوي الاختصاص الهندسي
وفي البداية رحب المهندس حمودي بالحضور الكريم وبين ان الورشة تتكون من ثلاثة محاور، المحور الاول عن البطالة والمحور الثاني حول قانون حماية المهندس والمحور الثالث حول دور المهندس في الحركة الاحتجاجية.
بعدها تحدث المهندس همام مصطفى حول المحور الاول (البطالة) موضحا انها من اهم المشكلات التي تهدد مجتمعنا، وشريحة المهندسين تعاني كذلك من هذه المشكلة فبحسب بيانات الجهاز المركزي للاحصاء فأن :
64
في المائة من المهندسين عاطلين عن العمل، فيما 25في المائة يعملون في القطاع الحكومي و 3في المائة في القطاع الخاص و6في المائة يعملون في غير اختصاصاتهم و2في المائة متوفين.
وهنا يبرز السؤال هل ان المهندسين راغبون في البطالة ام هم مجبرون، والسؤال الاخر اين هؤلاء المهندسون من تمثيلهم النقابي؟ فلا نعلم سبب ابتعادهم عن النقابة. ان تغيير الحال لا يكون الا بتوحيد جهود هؤلاء المهندسين مناطقيا و كل حسب محافظته. وهنا يكمن التحدي في طرق تجميعهم. أن 80في المائة من واردات ميزانية الدولة تأتي من القطاع النفطي فيما باقي القطاعات الصناعية والزراعية والضرائب وغيرها تتشارك في تحقيق باقي الميزانية، فالاعتماد على النفط احد اسباب اهمال القطاع الصناعي وبالتالي المهندسين, فنجد عددا كبيرا من المصانع الاهلية والحكومية معطلة وبعضها تراجع انتاجه، اغلب الصناعات المحلية تعاني من منافسة المنتج الاجنبي،فمثلا مصنع البان ابوغريب محكوم بالقوانين التي تمنع استخدام المواد الحافظة فتكون صلاحية منتجاته 7 ايام، اما صلاحية بعض المنتجات الاجنبية تصل الى 6 اشهر. الشركات الاستثمارية في قطاع النفط تشغل عددا محدودا من المهندسين العراقيين، واحيانا تطلب اختصاصات اكثر تخصصية غير موجودة كفروع او اقسام مستقلة في جامعاتنا، والدولة من جهة لا تحاول فرض نسبة من العمالة المحلية على هذه الشركات وفي مداخلة للدكتور حيدر (وهو استاذ في جامعة بغداد) : ان الطلبة القادمين للهندسة قادمين برغبتهم،لكن أوضاع سوق العمل تحبطهم، ويبدو أن ضعف قدرة الانتاج المحلي (الخاص والعام )على منافسة الإنتاج الأجنبي جعل الانتاج المحلي يندثر وهذا عامل مهم في ارتفاع نسب البطالة. لذلك اقترح ان يسعى فريقكم (مهندسون للإصلاح) لعمل إحصاءات ملموسة عن عدد العاطلين عن العمل وسنة تخرجهم ومن اي جامعة وعن مدى ابتعاد هؤلاء الخريجين عن مهنهم واختصاصهم.
وفي مداخلة الدكتورة عرفان (استاذة في الجامعة التكنولوجية ) قالت :اذا كانت الدولة عاجزة عن توفير فرص العمل فاتجهوا لإنشاء المشاريع الصغيرة وهذا موجود في كل البلدان. يجب أن لا ننتظر الدولة، والنقابة كي تلعب دورا في تجميع المهندسين لإنشاء مشاريع صغيرة.
واضافت ان عقلية الشباب الان مختلفة عن عقلية شباب الماضي فهم يرفضون العمل بمرتب منخفض بعضهم لا يرضى بمرتب 600الف. في حين ان هدفهم في البداية يجب ان يكون اكتساب الخبرة، خبرتنا لم نكتسبها في يوم وليلة.
اما مداخلة المهندس زهير (مهندس استشاري ):أتفق مع الدكتورة فالدولة تتجه الى الاعتماد على القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع .خطة وزارة التخطيط تؤشر إلى ذلك وممكن لهذا إن يمتص جزءا من البطالة. كذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة.مثلا قطاع الانشاءات في تطور مستمر والتكنولوجيا الحديثة تجاوزت الأدوات القديمة،لذلك من الممكن إن تقوم صناعات لإنتاج أدوات ومستلزمات العمل الجديدة.
اشار المهندس اصيل الحبيب: ان فريق "مهندسون للإصلاح" فريق تطوعي يعمل لمصلحة المهندس ولدينا توجه لعمل عدة ورش وعدة محاور للنقاش.ان هناك مخاطر اخرى تواجه المهندس بعضها بسبب حجم الفساد في المشاريع. لذلك المحور

قوانين وضوابط عمل المهندسين

بعدها بدأ المهندس سلوان الاغا بطرح المحور الثاني حول القوانين الخاصة بحماية المهندس، حيث اشار ان القوانين ترتبط بالمؤسسات والدولة وتحدد ضوابط واخلاقيات المهنة، وان القانون الاحدث هو قانون 51لسنة 1979 لذلك يحتاج القانون لتحديث وهنالك مساع لمهندسين شباب لاستصدار قانون حماية حقوق المهندسين. كذلك تنظر الدولة للنقابة على انها منظمة شبه حكومية في حين انها في دول اخرى تكون مستقلة. كما تنتشر الكثير من المكاتب الهندسية الاستشارية لكنها غير مرخصة بدون فرض غرامة عليها كما ينص القانون.
هنالك افكار لانشاء (محفظة اعمال ) بين المهندسين لاقامة مشاريع. في نقابة المهندسين فرع الحلة فرضنا على المقاول تقديم عقود المهندسين مع هوياتهم لضمان ان يكون عمل المهندس في المشروع فعليا فنقلل من استغلال المقاول للمهندس.ان حزمة من القوانين التي تخص المهندسين تحتاج لتعديلات منها قانون النقابة ونظامها الداخلي وقانون حماية حقوق المهندس. عشرات من المهندسين يعتقلون ويطلق سراحهم في اليوم الثاني. من جهة اخرى هنالك صندوق تقاعد المهندسين الذي تم تعديله، اي رفع الراتب التقاعدي، وصاحب العمل سيناسبه ان يدفع لصندوق تقاعد المهندسين افضل من الدفع لصندوق الضمان الاجتماعي.
وفي مداخلة للمهندس احمد المتولي (من ديالى): المهندس اذا رفض التوقيع على عقد فيه فساد فأنه سيستهدف ويحارب في عمله، في وقت النقابة ضعيفة الان، انا مع تشكيل نقابة موازية، فالنقابة يجب ان لا تأخذ اشتراك من العاطلين عن العمل فهذا احد اسباب عزوفهم عن الانضمام للنقابة، في الوقت الذي تخرّج فيه الكليات الاهلية مهندسين بكفاءة قليلة ونقص خبرة الخريجين الشباب فيمكن الاستفادة من خبرات الجيل الاقدم لتطوير امكاناتنا.
اما مداخلة المهندس حمودي: في انتخابات النقابة السابقة كانت هنالك لوبيات تتوجه للمهندسين لشراء اصواتهم بالامول والوعود بتوفير فرص العمل، لذلك يجب تغييآ الية الانتخاب. من بعض ملامح الفساد في النقابة ان شركات المقاولات تأخذ تصنيفات عالية بتسجيل اسماء مهندسين فقط للحصول على التصنيف ثم استبعادهم من العمل مستغلين بذلك حاجة المهندس.
وقد اشار السيد احمد جسام (الامين المالي لنقابة المعلمين ): منذ فترة تم اقرار قانون حماية المعلمين وقبله تم اقرار قانون الاطباء، وانا كنت ضد تشريع قوانين كهذه فالحل الحقيقي هو فرض سلطة القانون التي ستوفر الحماية لجميع المواطنين فضلا عن هذه الشرائح. النظرة للنقابة يجب ان لا تكون سلبية فممكن للمهندسين الشباب التأثير داخل النقابة اذا ما كان عملهم النقابي مستمرا فهي لن تكون حكرا على المدعومين من بعض الجهات.
ثم قدم المهندس اصيل الحبيب المحور الثالث والذي كان يعنى بدور المهندس في الحركة الاحتجاجية، حيث اشار الى ان المهندس شريحة اجتماعية عانت ما عانته وخاصة بعد تراجع التنمية منذ فترة الثمانينات و تحويل عدد من الشركات والمشاريع لغرض التصنيع العسكري وارسال المهندسين الى جبهات القتال والى بناء الخنادق والانفاق وقواعد للصواريخ....الخ. ثم بعد 2003 أصبح الوضع أسوأ بسبب طبيعة النظام السياسي المحاصصي والطائفي والذي ادى الى صعود وتبوء مناصب على هذا الاساس, مما ساعد في غياب القوانين التي تحمي المهندس وزيادة التهديدات اثناء تنفيذ العمل وأدى ى الهجرة بعضهم وطلب اللجوء في بلدان أخرى ، كل هذه العوامل وغيرها ادت الى تنامي روح الاحتجاج لديهم خصوصا بعد بدء التظاهرات اواخر تموز من عام 2015 حيث تشكلت تنسيقيات ومجاميع هندسية واشتركت في التظاهرات في محافظات عدة. وفي شباط من عام 2018 اتسعت دائرة الاحتجاج وهددت بالإضرابات، وبعد عمل وتنسيق مستمر خرجت تظاهرة موحدة في اغلب المحافظات كانت رسالة تحذير للسلطة السياسية. نحن في فريق "مهندسون للإصلاح" نطمح لإعادة تشكيل هذه التنسيقيات وزجها في الحركة الاحتجاجية، فنشكل بذلك ضغطا على الدولة لتحصيل مكاسب تخص شريحة المهندسين بشكل خاص وبشكل عام تغيير منهج الحكم الريعي. وهذا لمصلحة الغالبية العظمى من الشعب.
وفي مداخلة للاستاذ رياض (مدير عام سابق): نحن نفخر بمشاركتنا في الاحتجاجات، لو رجعنا لتظاهرات واضرابات الموانئ وكركوك، كانت تظاهرات تهز الدولة في فترة تأسيس حلف بغداد.والاحتجاج يجب ان يبدأ في النقابة الحالية والتي هي ساحة صراع بين الاحزاب. في الانتخابات الاخيرة صرفت اموال كثيرة لشراء اصوات المهندسين. في زمن النظام السابق كان النقيب هو اشبه بشرطي عند السلطة فكانت النقابة لحزب واحد، اليوم النقيب من حزب وباقي الاحزاب تعاديه. في بلدان اخرى ايضا تخضع بعض النقابات لهيمنه قوى سياسية معينة نحن لسنا ضد النقابة بل نسعى لان تكون ممثلة لكل المهندسين. نقابتنا نشأت على انقاض نقابات كانت تؤدي الولاء لجهة واحدة وهي تقوم بنفس الوظيفة الان. سابقا ان لم تكن بعثيا فستعاني، اليوم ان لم تكن قريبا للأحزاب المتنفذة وتدفع الإتاوات فستعاني ايضا. لهذا نحتاج الكثير من الورش, ونحتاج للاحتجاج المستمر داخل النقابة وفي الشارع.
اما المهندس احمد من ديالى فقال: ان حركة الاحتجاج و بالخصوص للمهندسين يجب ان تكون افقية بدون قيادة مركزية فهذا يجنب المهندسين الاستهداف.
وأجاب المهندس اصيل قائلا بأن النظام الحالي (المحاصصي )ادى الى الخراب وهذا انعكس على النقابات والجمعيات وكان تأثيرها واضحا على انتخابات النقابات. الحركة الاحتجاجية فرضت تغيرا على القوى السياسية في البنى الفوقية للدولة كتغير خطاب بعضهم نحو المواطنة وجر بعض الاحزاب الراديكالية الى العالم المدني ، علينا الان العمل ضمن البناء التحتي للدولة من خلال النقابات والجمعيات والشارع.
وفي مداخلة للمهندس سلوان الاغا قال :نحن في نقابة المهندسين فرع بابل كتبنا مشاكل المهندسين وقدمناها الى محافظة بابل، وعملنا اول اعتصام للمهندسين في العراق
وفي ختام الورشة تم التاكيد على الاستمرار في عقد ورش كهذه وستكون الخطوة التالية ندوة عن النظام الداخلي للنقابة وكيفيه تفعيله كما وتم شكر الحاضرين والقائمين على هذه الورشة.