بغداد - انتصار الميالي

شهد الموسم السادس لمهرجان القراءة الأول في العراق، "أنا عراقي.. أنا أقرأ"، الذي احتضنته حدائق أبو نؤاس وسط بغداد السبت الماضي، حضورا ثقافيا وأدبيا وفنيا وإعلاميا وشبابيا مهيبا، شكل تحديا للظروف الصعبة والأزمات التي يعيشها البلد.

 وتضاعفت أعداد الكتب التي وزعت مجانا هذا الموسم، مقارنة بما كانت عليه خلال المواسم السابقة. حيث بعث المهرجان رسالته الثقافية – الفكرية عبر أكثر من 40 ألف مطبوع بمختلف الاختصاصات، وزعت في بغداد ومحافظتي نينوى وميسان (اللتين شهدتا مهرجانين مماثلين في الوقت ذاته)، بعد أن جرى عرضها على مناضد كبيرة استقطبت الآلاف من عشاق المطالعة. 

وبالقرب من نصبي شهريار وشهرزاد للنحات الراحل محمد غني حكمت، أعلن عن انطلاق فعاليات المهرجان. فكانت عرسا ثقافيا يبهج العقل والروح، خاصة بعد أن تسابق الزائرون لاختيار ما يروق لهم من عناوين أدبية وفكرية وسياسية وعلمية وغير ذلك مما حملته الكتب الكثيرة، التي كان القائمون على المهرجان قد بدأوا بجمعها من المتبرعين منذ شهور. 

وازدان المهرجان بفعاليات عديدة، شملت فقرات غنائية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية، فضلا عن زاوية للأطفال وفرت مساحة من المرح والسعادة، وغرست الابتسامة على محيّا البراعم وعائلاتهم، من خلال الرسم على الوجوه وقراءة القصص التثقيفية والتوعوية.

وأقيم المهرجان بجهود فريق من المتطوعين الشباب، كان قد باشر بجمع الكتب عبر نشره "صناديق التبرع" في شوارع بغداد، خاصة شارع المتنبي، أملا بإشاعة ثقافة القراءة، وتعزيز دورها في بناء وعي الفرد والمجتمع.

وتميز مهرجان هذا العام بتزامنه مع مهرجانين مماثلين انطلقا في مدينتي الموصل والعمارة، ما أكد اتساع القاعدة الشعبية لهذه المبادرة، وازدياد عدد الشباب من محبي الكتاب والمطالعة.

الشابة نهل رياض، عضو الهيئة الإدارية في منظمة "انا عراقي.. انا اقرأ"، ذكرت لـ "طريق الشعب" ان هذا الموسم من المهرجان يعد "موسم تحدٍ بالنسبة لنا، نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا، والتي ورغما عنها، استطعنا إقامة المهرجان بنجاح"، مضيفة قولها انهم وزعوا قرابة 40 ألف كتاب في مهرجان بغداد ومهرجاني الموصل والعمارة، التي انطلقت في توقيت واحد.

من جانبه قال الإعلامي عماد الشرع، المسؤول عن زاوية الكتاب الالكتروني في المهرجان، والتي حملت اسم الشهيد عمار الشابندر، ان المهرجان ساهم في جذب واستقطاب القراء ومحبي المطالعة، خاصة من الشباب والأطفال والعائلات، مشيرا إلى ان نجاح المهرجان لم يتوقف على نوعية فعالياته، بل بالحضور الكبير الذي شهده، والذي امتاز بضمه الكثير من النساء.

وذكر الشرع ان زاوية الكتاب الالكتروني وزعت على زائري المهرجان قرابة 500 قرص ليزري يحتوي كل واحد على قرابة ألف كتاب الكتروني.

ويبقى مهرجان "انا عراقي.. انا اقرأ" نافذة معرفية وفكرية تشع بالأمل، على الرغم من الأوضاع الصعبة والمعقدة التي يمر بها العراق. فهو يبعث سنويا، رسائل تؤكد أن الشباب العراقي قادر على التغيير ومعالجة الاحوال المأساوية التي خلفها الفساد والإرهاب، وقادر أيضا على تحويل الدمار إلى حياة جميلة وأمل جديد وواقع متسم بالسلام والتعايش والمحبة.