قسم التحقيقات

صدّق أو لا تصدّق، لا يكاد بيت عراقي يخلو من شاب عاطل أو شابة عاطلة عن العمل. ونسبة كبيرة جدا من أفواج الخريجين سنوياً تلتحق بملايين العاطلين، ونسبة العاطلين تتزايد بشكل مخيف، بسبب عدم وجود أثر للتعينات لا في قطاع الدولة ولا في ميزانيتها ولا في القطاع الخاص.

العاطلون يملؤون المقاهي والكازينوهات والشوارع والحدائق العامة، كل منهم يبحث في اعلانات الصحف والمجلات وعلى مواقع الانترنت ويسأل القاصي والداني عن أي فرصة عمل ممكنة بلا شروط و أن تكون ملائمة لتحصيله الدراسي أو تخصصه مهما كان مهما ونادرا.

صدق أو لا تصدق أن حملة شهادة الماجستير يبحثون عن عمل في أي مكان حتى لو كان محاسبا في شركة صغيرة وبراتب مخز!

التظاهرات التي اندلعت مؤخرا في بغداد وعموم المحافظات العراقية كان بركان البطالة هو السبب الأول. شباب بلا مستقبل ولا مبرر لحياتهم، انهوا دراستهم ثم ركنتهم البطالة في خانة البؤس. لا مصروف جيب ولا حتى شعور بالتمتع بحصيلة أعوام دراسته والجهد الذي بذله على مدى ناهز العقدين، وها هم يدخنون الاركيله ويقترب بعضهم من كل آفات الفساد بسبب اليأس والاحباط ومشاعر الألم.

ملايين على حافة البركان، اما التعيين أو الاقتراب من انفجار جماهيري يحرق الأخضر واليابس!

ناقوس الخطر

تعد ظاهرة البطالة في العراق مشكلة وآفة اقتصادية واجتماعية، تعطل القدرات البشرية، وفرص النمو والرفاه الاقتصادي، وتسبب العجز في البنى الاقتصادية الاجتماعية للبلد. وازدادت خطورتها في العراق لما حل به من خراب بسبب الحروب المتواصلة في الثمانينيات، والحصار الاقتصادي في التسعينيات، والفساد والمحاصصة الطائفية وسوء التخطيط بعد التاسع من نيسان عام 2003، وهذا الأمر الخطير يستدعي العمل على مواجهتها ووضح الحلول التي تخفف من تأثيرها في كل مناحي الحياة؛ من خلال النهوض بواقع البلد الاقتصاد ومواكبة التطور العالمي والتكيف مع ظروف المنافسة. ويتضح مما تقدم ان البطالة بكل اشكالها البشعة، هي في حقيقتها انموذج سيئ من نماذج الهدر المتعسف والمفرط للموارد البشرية الفاعلة، وهي الظاهرة السلبية الأكثر ايلاماً للفرد وللمجتمع وللدولة على السواء، وهو ما يضعها في مكان الصدارة من جميع المشاكل التي تستدعي ابتكار البرامج والخطط الوطنية، والسعي في عمليات إعادة الاعمار القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية التي دمرتها الحرب والفساد والذي من شأنه خلق فرص عمل جديدة تسهم في سحب أو تشغيل العاطلين عن العمل وخاصة الشباب.

ان الخطر الحقيقي للبطالة يتجاوز الأثر الاقتصادي، ليشمل الاثار الامنية والاجتماعية والتي تضرب المجتمعات الواقعة تحت وطأتها، فقد اثبتت العديد من الدراسات العلاقة بين البطالة والانحرافات المجتمعية للشباب ودوره في انتشار الجريمة والادمان وغيرها من الآفات الاجتماعية، حسب ما تشير اليه  الدراسات النفسية والاجتماعية، كما أن ندرة العمل تدفع بالعاطلين الى رؤيا سوداوية قد تزج بهم الى أحضان الإرهاب او الجريمة او التطرف، حيث استثمرت الكثير من التنظيمات الإرهابية هذا الجانب في العديد من الدول التي وقعت تحت وطأة الارهاب ومن ضمنها العراق، حيث استغلت فيه القوى الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش عوز الشباب وانحسار العمل وضعف الثقافة والوعي، لتجنيد العديد من هؤلاء الشباب وزجهم في اعمالها الإرهابية، كما حصل في العديد من المحافظات العراقية مثل الانبار وصلاح الدين والموصل و غيرها.

 كما ان الاثار الاجتماعية للبطالة يمكن ان تأخذ أشكالا متعددة تختلف باختلاف الطبيعة الجيوسياسية للدول والمناطق التي تنتشر بها، ففي المحافظات الجنوبية حيث ضربت البطالة جذورها عميقا بسبب الاهمال والتهميش واللامبالاة من قبل الأنظمة التي حكمت البلاد، سواءً النظام السابق او النظام الحالي على حد سواء، والتي شهدت موجة تظاهرات احتجاجا على تراجع مستويات العمل ومطالبات بالتعيين وتوفير فرص العمل لمئات الالاف من ابناء هذه المحافظات، ابتداء من محافظة البصرة وهي قلب العراق الاقتصادي والتي تحملت من اهوال الحروب ما لم تتحملها غيرها من المدن.

وهذه نتيجة حتمية لتفشي البطالة والبحث عن توفير فرص العمل لآلاف الشباب العاطلين الذين ملّوا الانتظار على دكة الوعود الحكومية، لانتشالهم من واقعهم المتراجع.

مشكلة البطالة في العراق مشكلة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية تعبر بوضوح عن العجز في البنى الاقتصادية وعن خلل اجتماعي على الصعيد الوطني حيث تعد البطالة آفة اجتماعية تعطل القدرات البشرية وفرص النمو والرفاه الاقتصادي بسبب غياب الرؤى الاقتصادية التي تفتقر لها جميع الخطط الحكومية التنموية.

أسباب وأسباب

تقول علا صالح، طالبة دراسات عليا: العطالة لها علاقة بالسياسات العامة للدولة ويفترض أن تخصص سياسات عامة لتوظيف أي شخص يحمل أية درجة علمية سواء بكالوريوس أو دبلوم، وتضيف: هنالك تخصصات برغم أن الدولة تحتاج اليها مثل الخدمة الاجتماعية لا يوجد لها توظيف لأن الدولة ليست لديها ميزانية للخريجين في تخصص التنمية البشرية. كما ان تفعيل الصناعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة فضلا عن القطاعات الاخرى الزراعية والسياحية وغيرها، والتقليل من الاستيرادات الخارجية لتعظيم موارد البلاد، كلها عوامل تسهم في التخفيف من معدل البطالة.

وتشير علا الى ضرورة قيام الدول بتوزيع ثمار الرخاء على الجميع من اجل التقليل من معدل البطالة، وأعني نسبة من عائدات النفط.

بحسب العديد من الخبراء الاقتصادين فان مشكلة البطالة في العراق لها الكثير من الأسباب، منها: توقف المشاريع وغياب فرص العمل والدرجات الوظيفية وغياب الرؤى الاقتصادية والخطط الحكومية للنهوض بالقطاعات التنموية.

كما تعاني الدولة من البطالة المقنعة اذ بلغ عدد الموظفين نحو 4 ملايين ونصف المليون موظف وبحسب منظمة الامم المتحدة بان عمل الموظف العراقي لا يتجاوز الـ 17 دقيقة في دوائر الدولة ما يعني ان دوائر الدولة تعاني من بطالة مقنعة بنسبة اكثر من 66في المائة .

وكذلك تندرج الحروب المتتالية التي خاضها العراق منذ عام 1980 وما تبعها من حصار اقتصادي، اضعف البنى التحتية وقيد العمل في الكثير من الوزارات والدوائر الإنتاجية، بما انعكس سلبا على واقع العمل في العراق. اضافة الى الاداء الاقتصادي المتراجع، وضعف القدرة على تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي القادر على استغلال وتشغيل الايدي العاملة العراقية. كما لعبت الاعمال الإرهابية والتخريبية دورا في تعطيل الكثير من المشاريع، وانعكست سلباً على المناخ الاستثماري حيث لم تعد البيئة مشجعة للمستثمر الداخلي والخارجي على حد سواء في ظل غياب متطلبات الامن والاستقرار. ولا يغيب عن المحلل الحصيف ضعف السياسة التشغيلية في العراق، وفشلها في توجيه العمل لإعادة اعمار العراق، لخلق فرص عمل جديدة للأيدي العاملة الداخلة في سوق العمل والتي تقدر بـ 250000 يد عاملة سنويا. وكذلك لا ننسى النمو السكاني المتزايد، ففي عام ١٩٧٧ قدر عدد سكان العراق بقرابة   ١3 مليونا بينما في عام ٢٠١٧ قدر سكان العراق  37 مليونا دون ان تكون هناك خطة موضوعيه لاستيعاب هذه الزيادات، وبما يخدم واقع العمل في العراق. وهناك أيضا سبب مهم وهو تفشي الفساد المالي والإداري، والذي نخر بنية الدولة العراقية وتسبب في ضياع مئات المليارات بدون اي انجاز حقيقي، حيث قدرت الموازنات منذ عام 2003 حتى الان  بتريليون دولار ،انفق معظمها على مشاريع وهمية لها اسم و ليس لها اثر. ويبقى السبب الخطير وهو الطبيعية الريعية للاقتصاد العراقي، حيث تعتمد البنية الاقتصادية في العراق على استخراج وبيع النفط الخام، معتمدة عليه بشكل كلي في تمويل الموازنة العامة للدولة، دون الالتفات الى باقي القطاعات حيث يساهم القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي بقرابة 70 في المائة من الناتج الكلي، في حين يشكل القطاع الزراعي 6,5 ويشكل القطاع الصناعي قرابة 1,5‏ وتشكل باقي القطاعات ٢٢ في المائة من الناتج الكلي، اي بمجموع ٣٠في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في مقابل الانتاج النفطي والذي يشكل بمفرده ٧٠في المائة من الناتج المحلي، مع ملاحظة ان القطاع النفطي يوصف بانه قطاع كثيف رأس المال، ولا يوظف سوى 2 في المائة‏ من المجموع الكلي للعمالة العراقية، واما باقي الـ 98 في المائة‏ من باقي العمالة فهي نصيب باقي القطاعات، والتي تعتبر كسولة وليس لها اثر حقيقي في الواقع الاقتصادي.

ويرى المتخصصون في الشأن الاقتصادي أيضا أن فشل برامج التنمية في العناية بالجانب الاجتماعي بالقدر المناسب وتراجع الاداء الاقتصادي وتراجع قدرة القوانين المحفزة على الاستثمار في توليد فرص العمل بالقدر الكافي وتراجع دور الدولة في إيجاد فرص عمل في مؤسسات الدولة والمرافق العامة وانسحابها تدريجياً من ميدان الانتاج، كلها عوامل مسببة لانفجار ظاهرة البطالة.

هناك أسباب تراكمت منذ التاسع من نيسان أيضا، منها تدمير ونهب وحرق مؤسسات الدولة والمال العام، وما تبع ذلك من اعمال التخريب والارهاب وتوقف تام للإنتاج، وانخفاض كبير في صادرات النفط والضرائب. وكذلك حل الجيش وقوى الامن الداخلي والاجهزة الامنية المختلفة ووزارة الإعلام من قبل قوات التحالف ساهم في زيادة أعداد العاطلين عن العمل حيث بلغ عدد هؤلاء زهاء مليون شخص. ويضاف اليها تدهور الاحوال الاجتماعية والمدنية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ويتضح ذلك من اعداد السكان المهجرين الذين زاد عددهم عن "4" ملايين مواطن.

ويبرز أحد أخطر الأسباب وهو نظام المحاصصة "المبني على معايير الانتماء" والمعمول به حالياً في أجهزة الدولة أنعكس سلبياً على قوة العمل وأدى الى تفاقم أزمة البطالة وزيادة عدد العاطلين عن العمل. كما ويعاني الاقتصاد العراقي من اختلالات هيكلية فهو أقرب ما يكون الى الاقتصاد الخدمي "إذا ما استبعدنا القطاع النفطي"، ذلك ان مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الاجمالي تصل الى نحو "22 في المائة"، بينما تبلغ مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي قرابة "1,5في المائة" فقط، وان مساهمة القطاع الزراعي لا تتجاوز نسبة "65في المائة" علماً بان مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي تصل الى "70في المائة" وهو قطاع لا يسهم في مكونات تشغيل قوة العمل العراقية الا بنسبة منخفضة لا تتجاوز في أفضل الاحوال "2في المائة" منها وهذا يعني ان "98في المائة" من قوة العمل توجد في القطاعات لا تتجاوز مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي "30في المائة"، لذلك فان سيادة قطاع الخدمات الهامشية في مكونات النشاط الاقتصادي لها تأثيرات سلبية على تكوين وتركيب سوق العمل العراقية والقدرة على التوظيف والاستخدام المنتج حيث ان "50في المائة" من العاملين في قطاع الخدمات يعملون في خدمات هامشية "ضعيفة الانتاجية" وتعد من ضمن تصنيفات البطالة في سوق العمل وحتى الدخل الذي يحصلون عليه وهو دخل هامشي "دون خط الفقر".

ويشير الخبراء الاقتصاديون الى ان السياسة التشغيلية في العراق ما زالت دون مستوى الدعم الذي تقدمه منظمة العمل الدولية "ILO" لتطوير الشراكة الاجتماعية في بلادنا بالصيغة التضامنية لتوسيع الانشاءات الوطنية واستقطاب الرساميل الاجنبية وخلق فرص العمل الفعالة لتقليل الفقر ومكافحة البطالة وتطبيق برامج تأهيل وتدريب القوى العاملة وتنشيط سوق العمل العراقي وتنويع المهارات بما ينسجم والطلب على قوى الانتاج وتحديث تشريعات العمل الوطنية بما يتلاءم مع التجارب العالمية ومعايير العمل الدولية.

كما ان زيادة السكان في العراق وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وتراجع التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب البطالة أدى الى رفع معدلات البطالة التي قدرتها بعض الاحصائيات بـ "70في المائة" من مجموع قوة العمل، يضاف الى ذلك افتقار الدولة الى برامج فعالة لمعالجة البطالة والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد الى سوق العمل.

كما يعد التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل العراقية متدنياً الى حد كبير ويحتاج الى تطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع إنتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.

وثمة سبب آخر وهو شيوع ظاهرة الفساد المالي والاداري في بعض مؤسسات الدولة فهي من جانب تعمل على ضياع فرص التنمية وبالتالي تقليص فرص العمل.

 كما أن طرد رؤوس الأموال والاستثمارات الاجنبية والوطنية، عدم الاستقرار السياسي، والتدهور الامني، وانتشار الجريمة، وغياب التخطيط الاقتصادي العلمي الصحيح، والحصار والحروب، والمحاصصة والتطرف، والهجمات الارهابية لتنظيم داعش الارهابي، وتعرض البلاد الى ازمة امنية وعسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية، كل هذه المسببات أدت الى تفاقم آفة البطالة في العراق. 

غيض من فيض

 يحتل مفهوم البطالة حيزاً في عدد من الفروع المعرفية منها علوم الاقتصاد والاحصاء والاجتماع، ويهتم المنظور الاقتصادي لتحديد البطالة بإلقاء الضوء على أشكالها وأنواعها وأسبابها والمفاهيم المتعلقة بهذه القضية، كما يمتد التحليل الاقتصادي ليسجل الاختلالات الهيكلية للنظم الاقتصادية التي تعوق التشغيل الكامل وتعثر النظام الاقتصادي نحو توفير فرص جديدة للعمل.

إما المنظور السوسيولوجي للبطالة فانه يتناولها باعتبارها ظاهرة من الظواهر السلبية التي يترتب عليها الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تحدث في المجتمع كمحصلة لوجودها ومن هذه الآثار الجرائم وغيرها من آثار الانحراف التي يقترن ظهورها وانتشارها بالبطالة.

ويقصد بانها حالة عدم توافر عمل لشخص راغب فيه مع قدرته عليه في مهنة تتفق مع استعداداته وقدراته وذلك نظراً لحالة سوق العمل ويستبعد من هذا حالات المرض او الإصابة.

وتعد البطالة زيادة في القوى البشرية التي تبحث عن عمل اكبر من فرص العمل التي يتيحها المجتمع بمؤسساته المختلفة، والعاطل لا يعمل  وهو قادر عليه يبحث عنه ولا يجده، ويقصد بالبطالة الافراد الذين لا يعملون ولكنهم مناسبون للعمل ويبحثون عنه.

ويقول علي منذر، "35" سنة: "منذ أن تخرجت وإنا أطرق أبواب الوزارات بحثاً عن فرصة عمل وتركت في كل وزارة معاملة طلب تعيين ولم أعثر على أية وظيفة بسبب المحسوبية وبدأت أبحث عن عمل في الشركات الأهلية والمحال التجارية والمطاعم لعلـِّي أجد فرصة عمل، ويُضيف علي: على الطلبة ألا يبقوا مكتوفي الأيدي، عليهم العمل في المصالح التجارية إلى أن تحين فرصة عمل في المؤسسات الحكومية، وعلى الشباب ألا يتعكزوا على الدولة في الحصول على وظيفة أو فرصة عمل.

وتقول ندى حامد، "30" عاما حاصلة على بكالوريوس لغة عربية: "منذ عام 2005 لم أحصل على وظيفة في دوائر الدولة موضحة أن فرصة الذكور في الحصول على عمل أكثر من فرصة النساء من خلال العمل في الأماكن العامة أي أعمال شاقة او بعيدة عن المنزل او من خلال السفر إلى الخارج، لكن الفرصة بالنسبة لنا تكون محدودة.

ويقول خالد سلام، "35" سنة بكالوريوس هندسة: "تخرجت في عام 2004 وأنا أعمل في مهن عـدة كلها بعيدة عن اختصاصي، وآخرها بائع صحف في الإشارات الضوئية أو أحيانا أبيع السكائر والفواكه وهذه واحدة من مآسي خريجي الجامعات العراقية حيث أنهم يعملون في مهن بعيدة عن اختصاصهم. 

البحث عن حلول للبطالة

يرى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن هناك جملة من الحلول الحقيقة لحل مشكلة البطالة وعلى النحو الآتي:

  1. التسريع في عمليات إعادة الاعمار للقطاعات الاقتصادية والبنى التحتية التي دمرتها الحرب والذي من شأنه خلق فرص عمل جديدة تسهم في سحب أو تشغيل العاطلين عن العمل وخاصة الشباب.
  2. تشكيل هيئة لدراسة ومتابعة الموضوع ووضع الحلول حسب المتغيرات الواقعة وذلك لأهمية الموضوع وتعدد أبعاده، فقد عملت بعض الدول على تشكيل هيئات كهذه على الرغم من ان نسبة البطالة فيها تقل كثيراً عن العراق كما حصل في سوريا ومن الممكن أيضاً الاستفادة من تجاربهم.
  3. ايجاد وتوفير المناخ الملائم والمناسب للاستثمار المحلي والاجنبي بما يزيد من فرص الاستثمار والتشغيل مع التركيز على توجيه الاستثمار الى الصناعات التي توفر فرص عمل حقيقية، وتخدم عملية الاستخدام والتشغيل والقادرة على استيعاب جزء كبير من القوى العاملة وبالتالي تخفيض معدلات البطالة كما حصل فعلاً في بعض الدول العربية كتونس والمغرب اذ ساعدت الاستثمارات الصناعية ذات الكثافة العمالية في تخفيض معدلات البطالة.
  4. دعم المشاريع الصغرى والمتوسطة وتنميتها لكونها مشاريع كثيفة العمل وتسهم فعلياً في امتصاص جزء كبير من البطالة.
  5. إعادة النظر في قانون التقاعد المعمول به بشكل دوري علماً ان قانون التقاعد رقم (27) الصادر في بداية عام 2006 لم يتم العمل به حتى الآن والقاضي بحصول الموظف المتقاعد على 80في المائة من اخر راتب له في الوظيفة ممن امضى خدمة فعلية لفترة ثلاثين سنة.
  6. فتح باب التعيين في بعض الدوائر والوزارات التي هي بحاجة الان للأيدي العاملة، ففي أمانة بغداد على سبيل المثال، يعمل عدد كبير من العمال غير المهرة بأجور يومية وهذه التجربة أثبتت فشلها لان اولئك العاملين لا يؤدون اعمالهم بالجودة والشكل المطلوب، وذلك لان الكثير من المراقبين ليسوا من الملاك الدائم أيضاً ولا ننسى قلة او انعدام ادوات العمل. ونرى ان تعيين 25في المائة من هؤلاء للعمل في اماكن اخرى يعملون فيها احيانا لقلة ساعات عملهم في دوائر أمانة بغداد وهو ما يؤكد زيادة النسب التي اظهرتها معدلات العمالة الناقصة خلال السنوات السابقة.
  7. تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، فمنذ عام 2003 حتى الآن تشكلت نحو 8000 آلاف مؤسسة غير هادفة الى الربح، وعلى الرغم من كونها احدى الظواهر الصحية في المجتمع الا ان المتخصص منها في الجانب الاقتصادي قليل جداً وعليه يجب تفعيل دور هذه المؤسسات بالشكل الذي يسهم في معالجة بعض الظواهر الاقتصادية – الاجتماعية كالبطالة وان لا تبقى محصورة في نطاق المشاكل الاجتماعية فقط، وقد نجحت بعض الدول في هذه التجربة.
  8. ضرورة اعتماد نظام التأمينات الاجتماعية لطالبي العمل والقادرين على استيعاب حجم المشكلة بكفاءة وتقديم التعويضات المالية المناسبة الذي يقلل من خطورة البطالة ويجب الاشارة الى ان دفع اعانات للعاطلين عن العمل مسألة في غاية الاهمية وهذه العملية متبعة في كثير من الدول المتقدمة.
  9. العمل على تحديث المناهج التعليمية لمواكبة التطورات العلمية، وبما يضمن تأهيل الخريجين من الناحيتين العلمية والعملية.
  10. انشاء بنوك للتوظيف تتبع لوزارة العمل وهنا تبدأ أهمية الاستفادة من تجربة بعض الدول الغربية في إنشاء بنوك وطنية للتوظيف توفر قواعد معلومات متكاملة للوظائف الشاغرة في كل القطاعات يتم تحديثها يوميا وتكون متاحة من خلال مواقع الانترنت متخصصة او دليل شهري يوزع بمقابل مادي على الباحثين عن فرص عمل وهذه الاداة تتكامل مع مشروع شبكة الحماية الاجتماعية من جهة فضلا عن كونها توفر فرصة التعرف على طبيعة الوظائف الشاغرة وتحث الراغبين على تأهيل انفسهم بما يتناسب مع سوق العمل من جهة اخرى.
  11. توجيه نسبة كبيرة من الموازنة العمومية لدعم قطاعات الزراعة والصناعة ومشاريع البنى التحتية لتوفير فرص عمل للعاطلين.
  12. تشجيع وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية ووفق ضوابط تلائم ظروف الاقتصاد العراقي لهدف استيعاب اكبر عدد من الشباب العاطلين.
  13. دعم القطاع الخاص لخلق المنافسة بينه وبين القطاع الحكومي لجذب المزيد من الايدي العاملة وتخفيف الضغط عن التعيين الحكومي.
  14. المحاربة الجادة والحقيقية للفساد المالي والإداري والذي استنزف الثروات الوطنية واثرى افراد وعوائل محددة على حساب الملايين من الكادحين والعاطلين.
  15. كبح لجام الاستيراد المفتوح والذي انهى أي وجود للصناعة والزراعة المحلية ووضع اليات وشروط صارمة لعملية الاستيراد وبما يخدم الواقع الزراعي والصناعي المحلي.
  16. تهيئة الدعم النقدي والتنفيذي وتطوير برامج الاستصلاح الزراعي وبما يؤهلها لاستيعاب اعداد كبيرة من العاطلين.
  17. توزيع العمل بشكل عادل يستند الى أسس علمية وواقعية بين القطاعات الإنتاجية المختلفة بحيث يتم سحب فائض العمالة من القطاعات التي تعاني من فائض وإعادة استخدامها في القطاعات التي تعاني من نقص في الايدي العاملة.
  18. التنسيق بين وزارات التعليم العالي والتربية والتخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية والمالية  بخصوص خلق حالة من التوازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق.