نشر موقع "درج" المعني بقضايا وشؤون الشرق الاوسط، تحقيقا، سلط فيه الضوء على تحقيق استقصائي حول تجارة الجنس والاتجار بالبشر في العراق وعمليات الاتجار بالفتيات والنساء في دهاليز بغداد السرية، انجزه بدعم من الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية "نيريج".

وحسب التقرير الذي نشر الاثنين (13 اب)، فانه "وعلى مدى أشهر، عمل فريق (نيريج) على هذا التحقيق الاستقصائي حول تجارة الجنس والاتجار بالبشر في العراق، فالتقى ضحايا وناجيات ونساء في مجال تجارة الجنس وتحدّث معهن عن تجاربهن، كما رصد أحداثا وجمع معلومات وأجرى مقابلات مع مسؤولين أمنيين وحقوقيّين لتقصي هذا الملف الشائك".

تصاعد الاتجار بالبشر

واكدت الناشطة الحقوقية والأمينة العامة لجمعية الأمل هناء ادوارد، في التحقيق المطول، تصاعد نسب جريمة الاتجار بالبشر، كاشفة عن ارتفاع حالات، "هروب النساء في المناطق الجنوبية والشمالية، بعد وعود لهن بالزواج من قبل سماسرة يستدرجونهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليوقعوهن في فخ شبكات الاتجار بالبشر".

واضافت، ان  "مشكلة النساء اللواتي يتم استدراجهن تكمن في عدم القدرة على العودة إلى ذويهن، نظرا إلى العادات القبلية والمجتمعية التي تفرض قتل كل فتاة يكشف هروبها من ذويها، وهذا ما يجعل مهمة خلاص هؤلاء النساء من عصابات الاتجار بالجنس صعبة أو مستحيلة".

وثائق مزورة

من جهته، قال الرائد في وزارة الداخلية، علي شاكر، في التحقيق ذاته، إن "النساء الهاربات من ذويهن إلى العاصمة بغداد، يضطررن إلى الحصول على أوراق ثبوتية وجوازات سفر مزورة، واستخدام أسماء مستعارة مع تغيير ألقابهن"، بهدف التخفي وقطع الطريق على ذويهن من ملاحقتهن عبر الأجهزة الامنية".

وبين شاكر أن "ذوي الضحايا يقومون بإبلاغ مراكز الشرطة عن اختفاء بناتهم، وتسجيل محاضر رسمية بدعوى الخطف أو الفقدان، ليتم بعدها تعميم صور الفتاة والاسم على الأجهزة الامنية المختصة في المحافظات كافة، فيما يقوم بعض ذوي الضحايا بالبحث عنهن بشكل شخصي في العاصمة، لكن معظم عمليات البحث تلك تبوء بالفشل".

لكن الكثير من حالات القتل سجلت لفتيات تم العثور عليهن، والتي تعتبرها قبائل عربية "غسلاً للعار"، ويخفف القضاء حكمه على مرتكبي عمليات القتل تلك، ويصنفها كجزء من جرائم "الشرف"، والتي لا يتعدى الحكم فيها عقوبة حبس ستة أشهر أو سنة كأقصى حد.

محتجزات في الإمارات

جمعية الأمل العراقية كشفت أيضا عن "وجود عشرات الفتيات العراقيات القاصرات محتجزات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة"، مؤكّدة على لسان أمينتها العامة هناء ادوارد، "وجود عملية تهريب لفتيات عراقيات إلى الخليج ولبنان والأردن عبر وعود بالعمل، ثم يتم الاتجار بهن".

وتروي إدوارد بشكل مقتضب قصة فتاة عراقية قاصرة، تم استدراجها إلى سوريا بعد أن تقدم لخطبتها شاب عراقي مقيم في سوريا بصحبة والدته، بعدما تعرفت إليه عبر موقع "فيسبوك"، ونظرا إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عائلة الفتاة، وافقت على تزويجها.

بعد وصول الفتاة، اكتشفت أن والدة الشاب تدير أحد النوادي الليلية، ليتم إرغامها على العمل كـ "راقصة" في النادي بعد تطليقها، ثم نقلها بعد عام إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، قبل أن تتمكن من العودة الى العراق.

"حيتان الفساد"

الأمينة العامة لجمعية الأمل، اتهمت من سمتهم "حيتان الفساد" بالوقوف وراء عمليات الاتجار بالبشر، كاشفة عن "حماية بعض رجال السلطة لمراكز المساج والنوادي الليلية والترفيهية"، بينما أشارت عضو لجنة المرأة ريزان دلير إلى "تورط مجاميع مسلحة بقضايا الاتجار بالبشر وإدارة شبكات البغاء وحمايتها".

المفوضية العليا لحقوق الإنسان لا تمتلك إحصاءات دقيقة حول عمليات الاتجار بالبشر، وكل ما تعرفه هو وجود مافيات تعمل على الاتجار بالبشر وترويج تجارة الجنس "بشكل مخيف في البلاد"، وهذه المافيات تعمل على "استغلال النساء والأطفال لممارسة البغاء تحت عناوين كثيرة"، بحسب عضو مفوضية حقوق الانسان فاتن الحلفي التي نقل عنها التحقيق.

كاتب التحقيق، وعبر وساطات ومصادر خاصة، تمكن من لقاء أحد كبار العاملين في تجارة الجنس، والملقّب بـ الـ Boss، الذي كشف "وجود أكثر من (80) منزلا "للبغاء في بغداد، تعمل بشكل علني، معظمها في منطقة "الطوايل" غرب العاصمة، فيما هناك "أكثر من (170) وحدة تجارية معظمها مراكز للتدليك وكافيهات تستخدم لتجارة الجنس".

وكشف الـ Boss، عن "تشغيل أكثر من (1000) امرأة في مجال البغاء في بغداد وحدها، غالبيتهن من المحافظات"، فيما هناك أعداد أقل بكثير في بقية المحافظات.

القضاء العراقي، وعبر الكثير من التقارير والبيانات التي أصدرها خلال السنوات القليلة الماضية، كشف عن وجود شبكات تمارس الاتجار بالبشر، وتدير شبكات تستقطب النساء بهدف تشغيلهن في دور البغاء.

وذكر المكتب الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في تقرير نشرته صحيفة "القضاء" الصادرة عنه، في حزيران 2006، أنه صادق أقوال إحدى شبكات الاتجار بالبشر والتي اعترفت ببيع الكثير من النساء بمبلغ 2500 دولار أمريكي، وأنهن لا يتقاضين لقاء عملهن في البغاء، سوى توفير مكان للمبيت والمأكل والملبس.