عشق الرياضة ومارسها بشغف وحب منذ نعومة اظفاره حيث كانت منطقة الشاكرية هي مرتعه الاول وبها ومن خلالها عرف الفقر والحاجة. ومع شغفه بكرة القدم لكنه ظل حريصا على اهله وابناء محلته وكان لثورة 14 تموز 1958 اثر كبير على توجهاته وميوله السياسية واختار الانحياز للشيوعيين لانه وجد فيهم التعبير عن مصالح طبقته الكادحة.
وتقدم كاظم نحو عالم كرة القدم ليصبح احد نجومها، لكنه في الوقت ذاته حمل فكرا ثوريا. ومع منتصف الستينات صار توجهه واضحا وصريحا، ونشط داخل صفوف الرياضيين والفرق الشعبية والاندية الرياضية وهنا تحقق الابداع الجميل بين الهواية الرياضية والوسط الرياضي ودعم الشيوعيين للإبداع والمبدعين. وكان لعبود دور في اول تنظيم رياضي- سياسي بإشراف الرفيق كمال شاكر وبتواجد الشهيد بشار رشيد وكاتب هذه السطور. وكان لهذه النخبة الخيرة ان شكلت نواة القوة المؤثرة والفاعلة في الرياضة العراقية مطلع سبعينات القرن الماضي، وكان لكاظم دور واضح ومؤثر في الوسط الرياضي حيث تمت اقامة الفعاليات والنشاطات الرياضية التي اثارت ازلام النظام البعثي المقبور.
استقطاب الرياضيين اثار حساسية السلطة
وكانت بداية السبعينات وتزايد النشاطات السياسية والفعاليات الاجتماعية وتطور فعاليات الشيوعيين وحالة الانتعاش السياسي بعد قيام (الجبهة الوطنية) فرصة لإثبات الذات مما اثار حفيظة ازلام النظام وسعيهم المتواصل للحد من النشاطات المشتركة مع محاربة الوجوه البارزة في الساحة الرياضية والفنية والادبية وكان كاظم ورفاقه وجوها وشخصيات تحظى بحب وصداقة الآخرين.
وفعلا بدأ الهجوم السلطوي على الابداع والمبدعين وفي مقدمتهم اهل الرياضة وبدأت حملات الاعتقال التعسفي بحجج شتى وفي مقدمتها علاقات بعض العسكريين من الرياضيين مع بعض الوجوه المحسوبة على الشيوعيين في بغداد والمحافظات، وكذلك الضغط على ابناء الرياضة ولاعبيها لغرض الانتماء الى حزب السلطة، وكان لبعض الاسماء البارزة والمعروفة الخيار بين الانتماء للحزب الحاكم او ابعادهم عن فرقهم الرياضية وكان في مقدمتهم الراحل كاظم عبود الذي قاوم الاغراء ووقف امام التهديد والتخويف وتعرض المئات من الرياضيين الى هذه السياسة التعسفية حيث غادروا الملاعب الرياضية مكرهين بعد ان تركوا بصمات واضحة وسمعة طيبة.
كاظم يمثل الرياضيين في مهرجان الشبيبة العالمي
وقد تميز الراحل كاظم باندفاعه العالي وجهوده المتواصلة مع رفاقه بالتحرك في القطاع الرياضي ووطد علاقته مع ابرز الرياضيين واستطاع ان يحتضن العشرات من ألمع نجوم الرياضة وتشربهم بفكر الحزب ومنهجه، وعلى هذا الاساس تمت تسميته ممثلا للرياضيين ضمن وفد الشباب العراقي المشارك في مهرجان الشبيبة العالمي في برلين عام 1973، اضافة الى اللاعب السلوي الراحل داود سلمان (داوي) وكانت المشاركة العراقية متميزة بفعالياتها ونشاطاتها، علما ان الوفد العراقي كان مشتركا بين حزب السلطة آنذاك والشبيبة الديمقراطية. وكان للفعاليات الرياضية والندوات والنقاشات اثر في تعرف ازلام النظام على الابرز والانشط من الشيوعيين فوضعوهم تحت الرقابة وكان منهم الراحل كاظم عبود. وما ان عاد الوفد الى بغداد حتى بدأ التركيز (السلطوي) على الفن والفنانين والرياضيين والشعراء لارتباط هذه الفئات والجماعات المبدعة مع الشيوعيين والديمقراطيين.
وشهدت سنوات ما بعد مهرجان برلين حملات تصفوية وتم إلقاء القبض على العشرات من الرياضيين وغيرهم من المبدعين بحجة اقامة تنظيمات ممنوعة داخل القوات المسلحة وخاصة الرياضيين من العسكريين، وشنت سلطات الامن حملاتها على العشرات من الرياضيين ومنهم الشهيد بشار رشيد نجم المنتخب الوطني لكرة القدم ولاعب الشرطة جبار قاسم والراحل حسين شواي والشهداء صبري كاظم و سعدي لايج و عمار جابر.
وتعرض البعض من الرياضيين للاستجوابات والاستدعاءات الامنية ومنهم الراحل عبد كاظم ولاعب الشرطة مظفر نوري واللاعب رسن بنيان والعشرات من اصدقاء الحزب وانصاره. وقد شملت حملات الاعتقال مجموعة من الرياضيين الشباب منهم اللاعبين كاظم خلف وعبد الجبار خزعل وموسى محسن وعادل كاطع وكاتب هذه السطور واحيل الكثير منا الى مسلخ الثورة ونالوا احكاما ثقيلة وصل بعضها الى السجن المؤبد.
تنوع سياسي لعائلة كاظم عبود
ونتيجة لحساسية العلاقات السياسية وبوادر انهيارها وجد كاظم عبود ان لا خلاص من الدكتاتورية وبطش النظام الا بمغادرة الوطن والمنفى واختار الراحل لبنان اولا ثم الالتحاق بقوات الانصار الشيوعية في كردستان العراق، وبعد اصابته غادر الى العلاج، ثم استقر به المطاف في هنغاريا ليبقى منفياً حتى وافته المنية. لقد حاول نظام البعث الضغط على عائلة كاظم عبود وبطرق مختلفة وحاربها وسعى الى فصل زوجته الراحلة اميرة ام وصال عنه، لكنها رفضت واكدت حرصها على حياتها الزوجية. وتعرض ولده البكر جواد ذو الـ 14 عاماً اضافة الى اشقائه الثلاثة د. عبد الزهرة والكابتن البرحي محمد والرياضي عادل عبود للاعتقال والاعدام اعوام 1981 و 1982 و1983، واستمر الضغط السلطوي على عائلته حتى توفي والداه حزناً وأسفاً على اولادهم. تحية حب وتقدير لهذه العائلة المناضلة ولابنها البار المناضل كاظم عبود جبر.