في مجمع سياحي جميل خارج مدينة مالمو السويدية بدأ أنصار حزبنا الشيوعي العراقي يوم الجمعة 30 أيار 2025 ، يتوافدون من تسعة بلدان أوربية ليساهموا في تجمع أنصاري تستضيفه ( رابطة الأنصار الشيوعيين في مالمو ) ولمدة ثلاثة أيام، حيث حجزت الرابطة المكان المناسب ووزعت العمل والواجبات بين أعضائها لإنجاح الفعالية وتوفير كل مستلزمات الراحة وأفضل الخدمات للرفيقات والرفاق القادمين، وهكذا بدأت أعداد الوافدين تتوالى بسياراتها نحو مكان التجمع، وكان لفعل السنين التي مرت منذ الانتهاء الفعلي للحركة الأنصارية أواخر ثمانينات القرن الماضي ، كان لذلك أثره الواضح على أجساد الأنصار ، وعلى ملامحهم ، فالعديد منهم باتوا يتكئون على (عكازات) ويمشون ببطء وصعوبة ، والشعر الأبيض بات يكلل رؤوس الجميع ، والغضون والتجاعيد تحتل مساحاتها الواضحة على معظم الوجوه !
كان الجميع يتصافحون ويتعانقون والابتسامات تعلو الشفاه، والأصوات تعلو لتصل حد الصراخ من المفاجأة لدى البعض وهم يلتقون ربما بمن لم يتوقعوا لقاءهم! وهكذا بدأت كامرات الموبيلات في أيدي الجميع تسجل هذه اللحظات الاستثنائية مثبتة صوراً حية بين رفاق لم يلتقوا من سنين!
في المساء كان مطبخ التجمع يحتضن الجميع وهم ينتظمون في صف طويل لأخذ وجبة عشاء فاخرة، تتكون من نصف دجاجة وصحن رز فوقه مرق الفاصوليا مع الخبز والزلاطة واللبن، وبعد العشاء توزعنا على قاعات النوم ليختار كل نصير القاعة التي يريدها، ومع من يرتاح أن ينام إلى جانبهم، وقد وضع الجميع حقائبهم إلى جانب أسرتهم وفرش الكثيرون الشراشف التي جلبوها معهم فوق أفرشتهم، ولما كانت الأسرة ذات طابقين فقد فضل معظم أو ربما جميع أصحاب الطوابق العليا إنزال أفرشتهم للأرض والنوم فوقها!
في المساء احتضنت كراسي القاعة الرئيسية الجميع، واحتضنت الطاولات التي أمامها أنواع المزات ومختلف القناني الطافحة بالمدهش والمسر! وقبل أن تتواصل الأحاديث وتبدأ السهرة تم تقديم الرفيق سكرتير الرابطة ليتحدث باختصار عما تم إنجازه مع حكومة كردستان وما تحقق وما وعدوا بتحقيقه! ثم تواصلت الأحاديث واستعادة الذكريات، وبدأت الموسيقى والأغاني وارتفعت أصوات العود والخشبة والآلات الموسيقية الكهربائية والتصفيق، ونزل البعض للرقص والدبكة الكردية، وساهم الفنان المعروف (شاكر زويد) في تقديم أعذب الأبوذيات والمواويل والبستات العراقية الشهيرة، وأعقبه الفنان الفلسطيني (الدكتور نسيم) وكذلك النصيرة (أم هيفاء) والنصير (أبو مازن) وغيرهم، واستمرت السهرة والموسيقى والغناء لما بعد منتصف الليل، وسط بهجة وسعادة وفرح وتجاوب الجميع.
اليوم الثاني من الفعالية
من الطبيعي أن يكون الاستيقاظ في اليوم الثاني من قبل معظم النصيرات والأنصار متأخراً، بسبب سهرة الليلة الماضية وساعات النوم المتأخرة، ولكن الفطور كان جاهزاً ومنوعاً، وفي وقت مبكر فرفاق مالمو تجهزوا للطوارئ، ويبدو أنهم تهيؤوا لأداء مهامهم على أفضل وجه، لذلك كانت شوربة العدس والبيض المسلوق وأنواع الأجبان واللحوم المعلبة والخيار والطماطة وغيرها حاضرة ويمكن أن يختار كل منا ما يشاء مع القهوة والشاي.
بعد الفطور كانت زيارة مقبرة مالمو لتفقد قبور رفاقنا الأنصار الذين غيبهم الموت في السنوات الأخيرة، وهكذا تحركت مجموعة سيارات حاملة العديد من النصيرات والأنصار نحو المقبرة، وفي الأيدي كانت باقات الزهور وكنا ننتقل من قبر لآخر واضعين الورد متذكرين وجوه ومواقف رفاقنا الراحلين.
بعد العودة من المقبرة لمكان السكن جرى إفتاح معرض تشكيلي ساهم فيه خمسة رفاق هم أبو بسام (ستار عناد) وأبو الصوف (صفاء العتابي) وأبو فائز (عباس) والأخوان (سلام وخضر يزيدي)، وبعد الانتهاء من مشاهدة المعرض التشكيلي كانت وجبة الغداء الدسمة والشهية.
بعدها انتقل الجميع للقاعة الرئيسية حيث قدم ثلاثة أنصار قصائدهم الشعرية الجميلة، بعدها بدأت الاستعدادات على المسرح لتقديم عملين مسرحيين من إخراج النصير الفنان سلام الصكر، وكان الأول بعنوان (الشهيدة عميدة) ومن تمثيل النصيرة الفنانة المسرحية ( نضال عبد الكريم ) والثاني بعنوان (الشهيد إلفات) وتمثيل الفنان (سلام الصكر) وهو معد من قبل الفنان (صلاح الصكر) عن قصة للكاتب الكردي (أحمد أمين) وكانت موسيقى العملين للفنانة (روزا الصكر) وقد قوبل العملان المسرحيان بالتصفيق والإعجاب والتفاعل التام من قبل جميع الحاضرين .
وبعد العشاء اللذيذ بدأت سهرة الليلة الثانية التي تشبه سهرة الليلة الأولى حيث الموسيقى والغناء واستعادة الذكريات بين الموجودين واستمرت أيضاً لساعة متأخرة من الليل.
في اليوم الثالث والأخير كان الفطور المنوع يجمع الكثيرين وبعده بدأت المجاميع تودع بعضها شاعرة بالألم متمنية إعادة اللقاء مجدداً في بلد أخر وفي سنة قادمة.
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |