في ٢١ أيار صادفت الذكرى الخامسة والأربعون على رحل الأديب الكردي عرب شمو والذي يعتبر الأب الروحي والرائد الاول للرواية والمسرحية الكردية، الذي رحل عن عالمنا في عام 1978.
ولد الراحل عرب شمو في عام ١٨٩٧ في إحدى قرى مقاطعة قارص في كوردستان تركيا من عائلة أحد الشيوخ الايزيدية.
ومنذ صباه اضطر إلى العمل لمساعدة عائلته نظرا للظروف المعيشية القاسية التي كانت تمر بها، فقد بدأ حياته منذ الطفولة راعيا للماشية في بيوت الأغوات والاقطاعيين والشيوخ، ومنذ صباه شعر بانه هناك شيئا غير طبيعي في حياة الناس، هناك من يملك المزارع والمواشي والأموال ويعيش في رفاهية وهناك ناس آخرون لا يجدون ما يسدون به جوعهم.
وبسبب الاضطهاد والجرائم والقتل الوحشي الذي كان يمارسه العثمانيون بحق الكورد وبقية القوميات والطوائف وبالأخص الايزيديين اضطرت عائلته إلى ترك ديارها واللجوء إلى أرمينيا التي كانت آنذاك جزءا من الإمبراطورية القيصرية الروسية.
وتمكن ان يكمل دراسته الاولية (الابتدائية والمتوسطة) وتعلم اللغة الروسية إلى جانب اللغات التي كان يجيدها بطلاقة، الكردية والتركية والارمنية والجورجية واليونانية.
وتعرف على البلاشفة وتأثر بالأفكار الاشتراكية وانضم إلى البلاشفة، وظل طول حياته على إيمان راسخ بان العدالة الاجتماعية والاشتراكية هي السبيل الوحيد لسعادة البشرية وتحرير الانسان من الظلم والعبودية والفقر وهذا الايمان هو الذي قاده ان ينتمي إلى الحزب البلشفي ويعتبر اول كردي ماركسي انظم إلى صفوف البلشفيين، وشارك في إحدى المظاهرات التي نظمها البلاشفة ضد الحكم القيصري، وتم القاء القبض على عرب شمو والعديد من قادة المظاهرة وبعد التحقيق معه تبين بأنه كردي، وقال الضابط الروسي من غير الممكن للكردي ان يكون بلشفيا فأطلقوا صراحه، وبعد عدة اشهر اندلعت ثورة اكتوبر العظمى وشارك في الثورة وانضم إلى الجيش الاحمر وقاتل الجيش الابيض القيصري المدعوم من الغرب .
وبعد انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية انتقل إلى العاصمة موسكو لإكمال دراسته وتلقي العلم.
واثناء تواجده في العاصمة موسكو تسنت له الفرصة ان يلتقي بقائد ثورة اكتوبر العظمى (فلاديمير لينين) وسرد الأديب هذه الواقعة التاريخية باعتزاز تكرارا في مقالاته الصحفية ومذكراته.
وبعد تخرجه عام ١٩٢٤ عاد إلى يريفان العاصمة الارمنية حيث كانت اللغة الكردية تدرس في المدارس الكردية التي بدأت بالتدريس بها عام ١٩١٧ وكلف عرب شمو بإعداد ابجدية جديدة للغة الكردية، ثم اختير كأول رئيس تحرير لأول جريدة كردية تصدر في الاتحاد السوفييتي باسم (الطريق الجديد)، كما أصبح اول عميد لأول معهد كردي لإعداد المعلمين في الاتحاد السوفييتي، وفي عام ١٩٣١ انتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الارمني.
وفي عام ١٩٣٠ ألف الأديب عرب شمو أول رواياته باسم (الراعي الكردي) وكانت من أهم أعماله الأدبية والبداية الحقيقية لولادة الرواية الكردية، واكتسبت هذه الرواية شعبية كبيرة في عموم الاتحاد السوفيتي حيث ترجمت إلى اللغة الروسية ثم إلى الفرنسية والانكليزية والالمانية والعديد من لغات جمهوريات الاتحاد السوفياتي وترجمت إلى اللغة العربية ايضا، وفي السنة ذاتها نشر عرب شمو مسرحية تحت عنوان "الراهب المزيف" وهي أيضا أول مسرحية في تاريخ الادب الكوردي.
وفي عام ١٩٣٦ نشر روايته الثانية "كورد الاكز" وثم رواية "الفجر وطريق السعادة وقلعة دمدم " وروايات عديدة اخرى.
وكانت النتاجات الادبية رفيعة المستوى للشعوب والأقليات القومية في الاتحاد السوفييتي السابق تترجم إلى اللغة الروسية وتصبح جزءا من الادب السوفييتي وثم تترجم إلى اللغات العالمية الاخرى وتصبح جزءا من الادب العالمي، وهكذا اصبحت أعمال وأدب عرب شمو جزءا حيا من الادب السوفييتي والعالمي في نفس الوقت.
وليس ثمة شك أن عرب شمو هو أكثر الكتاب الكورد شهرة في العالم بعد ترجمة مؤلفاته إلى اهم اللغات العالمية.
وبمناسبة ذكرى عيد ميلاد الاديب الثمانين أقيمت له حفلة تكريمية كبيرة في شهر كانون الثاني من عام ١٩٧٧ في مدينة يريفان والقيت العديد من الكلمات من قبل الشخصيات الادبية وكلمات المؤسسات الثقافية السوفييتية وكلمة اتحاد الكتاب السوفييت والتي اشادت بالكاتب وإنجازاته الادبية رفيعة المستوى ووصفته بعميد الادب الكردي، ونشر اتحاد الكتاب السوفييت تفاصيل هذه الاحتفالية في صحيفته المركزية وكانت تعد من أهم الصحف في الاتحاد السوفييتي والعالم، كما منح الاديب عرب شمو وساما رفيعا من مجلس السوفييت الاعلى وكان أكبر سلطة تشريعية في الاتحاد السوفييتي .
وكتب عنه الكاتب السوفييتي الكبير مكسيم غوركي، بقوله الشعب الكردي يتكلم بلسان عرب شمو.