مآسينا بفقد الأحبة صارت تُقَدَم لنا على اطباق الوجبات اليومية. فلم نزل نمسح بقايا دمع الأمس حتى تقذفنا مآقينا بسيل جديد لحبيب مضى حتى بلا وداع أحياناً. وبلا وداع  يليق بشخصه الذي التصقت به القلوب ، حتى تلك التي لم تتعرف عليه عن كثب ، يغادرنا صديق العمر ورفيق الدرب ونديم المسيرة وشريك السجون الشيوعي المقدام والمناضل الباسل والعصامي الأصيل والراسخ على الفكر الإنساني التقدمي أخي وحبيبي صاحب الحكيم، ابا هادي،  الذي جمعني به تاريخ نضال وطني وعناق لقاءات غربة وذكريات عواصف رمال نكرة السلمان وسجنها الرهيب.
لقد غادرنا المناضل الشهم صاحب عبد الجليل الحكيم بعد ان سطر أروع صفحات تاريخ حافل بكل ما هو خير ونبيل ووطني أصيل لا يعترف بغير الوطن مرجعاً ولا بغير أهل الوطن ملجاً، بوصلته في عشقه الصوفي هذا حزبه، الحزب الشيوعي العراقي، الذي انتمى اليه وعمل ناشطاً في صفوفه وهو بعمر الشباب الغض الذي لم تثنه متاهات العمر عن مواصلة المسيرة التي سطر أروع ذكرياتها وأهم محطاتها وأخطر مواقفها وأعمق معانيها في كتابه " النجف الوجه الآخر ... محاولة استذكار " الذي أراد له ان يكون ليس شاهداً على تاريخه المشرف فقط ، بل وشعاعاً ينير درب رفاقه لمواصلة مسيرة الفكر النير والتوجه الإنساني والانتماء الوطني الذي يسعى البعض اليوم لإبداله بانتماءات اخرى لا تليق بمقام وتاريخ وخصال وطن كالعراق.
قليل عليك ان قلت ابكيك يا من لا تطفئ نار الحسرة عليه سيل الدموع، دموع كل الأحبة، وهم كثار وكثار جداً، حينما يبكون فراقك اليوم. كيف لي ان اتصور جلسات الشام بدونك يا ابا هادي ؟ كيف لي أن أجالس الرفاق والأصدقاء في شارع المتنبي ولم أجدك بينهم يا قمر تلك الجلسات ؟ كيف لي أن أهاتف اصحابنا المشتركين ولم يأخذنا الحديث للسؤال عنك والاستفسار عن آخر مَن التقى بك، بعد ان غادرتنا في رحلة قد يقودنا الم فراقك وفراق أحبتنا الكثار الى السير على خطاك واللحاق بك لمواصلة تلك المسيرة التي كنت فيها المرشد والسمير والرفيق.
اخي ابا هادي ما اردت ان يكون آخر لقائنا ذلك الذي جرى عبر الهاتف النقال وآلياته التي اتاحت لي ان أراك ، ولكن كيف ؟ أن أراك وانت جليس الفراش حتى لا تقوى على الكلام الذي استبدلناه بالإشارات التي لم تبخل بدموع الألم على هذه الحالة التي كنت عليها والتي كنت آمل ان تزول ونلتقي على مجالسنا السابقة، إلا انك أخذت هذا الأمل معك ايها الحبيب.
لك السلام الأبدي اخي ابا هادي العزيز ، ولذكراك وذكرياتك البقاء الدائم على الأرض التي ما اردت لها بديلاً وبين رفاق دربك
رفيقك صادق اطيمش

عرض مقالات: