كل من يدخل بعقوبة (مدينة البرتقال) هذه الأيام، يبصر بأم عينه ما فعله بها الإهمال الحكومي من الناحية الخدمية. فهذه المدينة، كانت تعد من أجمل مدن العراق، كونها تحتضن بساتين خضراء جميلة، وأنهارا فرعية عديدة تربط ضفافها القناطر، إلى جانب نهر ديالى الذي يشطر المدينة إلى نصفين، ونهر خريسان الذي تطل على ضفتيه أشجار كثيفة، حتى أصبح المكان المفضل للأهالي.
اليوم أصبحت شوارع بعقوبة وبناها التحتية متهالكة، ومبانيها الحكومية مهملة. فيما أعمدة الدخان تتصاعد وتغطي النخيل، جراء حرق النفايات وعدم رفعها وطمرها، ناهيك عن حرق البساتين تعمدا، من أجل تجريفها وتحويلها إلى دور سكنية. وهذا ناجم عن كون أصحاب البساتين باتوا لا يجنون من محاصيلهم شيئا يستحق الجهد، بعد أن غزت المنتجات المستوردة الأسواق، وضعف الدعم الحكومي للقطاع الزراعي بشكل عام.
أنهار بعقوبة، باتت هي الأخرى ملوثة بالنفايات. فالكثير من المواطنين يرمون نفاياتهم في النهر، وهذا ينم عن قلة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وغياب الرقابة الحكومية، ما أدى إلى انتشار الأمراض بين الناس.
كل هذا يحدث والحكومة المحلية لا تحرك ساكنا لتدارك الحال المزري للمدينة، والذي يزداد سوءا يوما بعد آخر – بحسب الكثيرين من المواطنين.
وبالرغم من كون الشتاء على الأبواب، فان شبكات الصرف الصحي لا تزال غير مؤهلة، الأمر الذي يكرر المشكلة ذاتها سنويا، حيث تغرق الشوارع مع أول زخة مطر. ولن يجني المواطن أمام كل ذلك، سوى تصريحات حول “إعادة تأهيل شبكات المجاري” اعتاد المسؤولون الإفادة بها دون تنفيذ!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فهناك مشاريع وهمية وأخرى غير منجزة مضى على البعض منها نحو 15 عاما. مثل “جسر بهرز” الذي يربط بين منطقة الصناعة وحي المعلمين، وطريق بعقوبة القديم المتصل بمدينتي بهرز والتحرير، والذي يصل إلى مدن كنعان وبلدروز ومندلي والمقدادية وخانقين. فهذا الطريق له أهمية كبيرة، ولو تم تأهيله لساهم في التخفيف من الزخم المروري الحاصل في مركز بعقوبة.
ويرى أبناء بعقوبة، أن أزمة الخدمات في مدينتهم سببها المسؤولون الفاسدون، الذين لا يفكرون سوى بمصالحهم ومصالح أحزابهم، مؤكدين أن هناك مسؤولين قاموا أخيرا بزيارة عدد من المناطق الفقيرة، ووعدوا أهاليها “كذبا” بتحسين الخدمات وتأهيل بعض الطرق، وذلك كله يأتي من أجل الترويج لأنفسهم في الانتخابات القادمة.
ويبيّن الأهالي أن كل تلك الوعود لا تتضمن حلولا حقيقية تلبي طموحات المواطن البسيط “الذي لم تعد أكاذيب الفاسدين تنطلي عليه بعد أن جثموا على صدره سنوات!”.

عرض مقالات: