لم تقتصر معاناة البغداديين مع الخدمات، على التردي المزمن للكهرباء الوطنية، الذي تزداد وتيرته تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، إنما لحق ذلك أيضا، انقطاع ماء الإسالة بشكل مزمن، عن غالبية المناطق.
ففي منطقتي الزعفرانية وجسر ديالى، كشف مواطنون لـ “طريق الشعب”، عن معاناتهم اليومية جراء انقطاع الماء، ما اضطر الكثيرين منهم إلى شراء الماء من اصحاب “التناكر”، بالرغم من التحذيرات الصحية من كون هذه المياه قد تكون ملوثة.
ويأتي في مقدمة تبريرات المسؤولين حول اسباب شح الماء، انقطاع التيار الكهرباء عن محطات الضخ، فضلا عن الفساد الذي حال دون استكمال مشاريع توسيع المحطات الموجودة او اضافة محطات ضخ اخرى.
المواطن علي رعد، من اهالي منطقة جسر ديالى، ذكر ان “المنطقة تعاني شح ماء الإسالة منذ سنوات، على الرغم من المناشدات الكثيرة التي يوجهها الاهالي الى المسؤولين”، مبينا ان “الماء كان يوفر في المنطقة ساعات محدودة خلال النهار، ما يتيح ملء خزانات المنزل، يضاف إلى ذلك الماء الذي يشتريه المواطنون من أصحاب (التناكر) الجوالة”.
ولفت رعد إلى ان ماء الإسالة انقطع عن منطقتهم منذ نحو أسبوعين، ما زاد من معاناة المواطنين، الذين هم في الغالب من العائلات البسيطة ذات الدخل اليومي المحدود.
المواطنة امل اسامة، التي تسكن في منطقة الزعفرانية - المحلة 958، شكت من جانبها “انقطاع الماء عن محلتهم منذ شهر”، مضيفة أن “واقع الحال فرض على بعض اهالي المحلة، اللجوء الى المواطنين الذين تقع دورهم عند مستوى منخفض من الشارع، كي يحصلوا على الماء، الذي يتوفر بصورة محدودة في ساعات متأخرة من الليل”.
وتابعت قولها أن “المنطقة تعاني على مدى الأيام، شحا في ماء الإسالة، الذي لا يمكن الحصول عليه إلا بالاستعانة بالمضخات الكهربائية المنزلية”، مشيرة إلى أن أهالي المنطقة اليوم، وبالرغم من استخدامهم المضخات اليدوية والكهربائية، لا يحصلون على الماء كونه غير متوفر في الأساس، ما اضطرهم إلى شرائه من أصحاب “التناكر”.
وقالت المواطنة ايناس حازم، وهي من منطقة الزعفرانية أيضا، أن “مشكلة شح المياه تتكرر سنويا مع ارتفاع درجات الحرارة، فيخرج المواطنون على إثر ذلك في تظاهرات غاضبة، إلا انهم لا يلمسون غير وعود المسؤولين، الذين انساهم الفساد معاناة الناس”.
عضو مجلس محافظة بغداد، ثائر عبد الجليل، وهو من أهالي منطقة الزعفرانية، ذكر بهذا الصدد لـ “طريق الشعب”، أن المشكلات الخدمية التي تعانيها المنطقة، من ناحية التيار الكهربائي او ماء الإسالة أو البنى التحتية “تعود بشكل أساسي إلى عدم تناسب الامكانيات الخدمية مع نسبة التوسع السكاني الذي شهدته المنطقة خلال السنوات الاخيرة”، موضحا أن “المنطقة كانت في السابق تتألف من 22 محلة، واليوم باتت تضم 28 محلة، وهناك 27 مجمعا عشوائيا، فضلا عن مناطق سكنية شيدت على اراض زراعية. وفي مقابل هذا التوسع السكاني، لم تعمل الحكومات المتعاقبة على تطوير الامكانات الخدمية. اذ بقيت على وضعها الذي كانت عليه قبل سقوط النظام المباد، وهذه المعاناة ذاتها في منطقة جسر ديالى”.
وتابع عبد الجليل قوله: “كما ان الفساد لعب دورا كبيرا في عدم اتمام مشروع توسيع محطة ماء إسالة الزعفرانية، الذي سلمته الحكومة الى احد المقاولين عام 2008، فتسلم الأموال ولم ينجز شيئا على ارض الواقع”.
إلى ذلك قال المتحدث باسم امانة بغداد، حكيم عبد الزهرة، في حديث لـ “طريق الشعب”، انه بسبب ارتفاع درجات الحرارة “وصلت الحاجة إلى الماء لمستوى الذروة”، مشيرا إلى أن “المشكلة لا تكمن في كميات المياه المتوفرة، إنما في تذبذب التيار الكهربائي، الذي حال دون تشغيل المضخات وإيصال الماء للمواطنين، فضلا عن وجود تلاعب في اقفال شبكات الماء، بطرق غير قانونية، من قبل مواطنين”.
وبخصوص الاستعانة بمولدات الكهرباء كبديل عن الكهرباء الوطنية في تشغيل محطات الماء، بيّن عبد الزهرة، أن “المولدات توفر نصف الطاقة التي توفرها الكهرباء الوطنية، وبالتالي لا يمكن للمحطات ضخ كميات الماء اللازمة في جميع المناطق، خاصة تلك التي تشهد كثافة سكانية عالية”.

عرض مقالات: