شهدت محافظة الانبار، أخيرا، حوادث اعتقال وتهديد طالت عددا من الناشطين في المجتمع المدني والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا لسبب سوى اعلانهم التضامن مع انتفاضة تشرين وشهدائها.

وبجانب ذلك، أطلقت 29 جهة مدنية نداء إدانة واستنكار لما يجري في المحافظة، وطالبت بالكف عن ملاحقة الناشطين.

تهم جاهزة

وكان الناشطون في الأنبار قد نظموا حملات تضامن مع المحافظات التي شهدت حراكا احتجاجيا، تمثلت في نشر كتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد التأييد لمطالب المنتفضين.

وقال أحد الناشطين، حارث الهيتي، أن التضييق الذي تعرض له ناشطو الأنبار المدنيون مؤخرا ليس الأول من نوعه، فالمضايقات بدأت منذ انطلاقة الانتفاضة وبأشكال مختلفة، شاركت فيها الحكومة المحلية وأجهزتها الأمنية، وبعض الجهات الحزبية والعشائرية، وتم على أثرها اعتقال الكثير من الناشطين وتهديدهم للتوقف عن دعم الانتفاضة".

وأكد الهيتي في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن "التهديدات وصلت في حينها إلى عوائل الناشطين بترحيلها عن مناطق سكناها إذا لم يكف ابناؤها عن دعم الحراك الشعبي المستمر"، مردفا انه "في هيت تحديدا وبفضل سيطرة بعض الجهات الحزبية على المفاصل الحكومية، جرى تعميم رؤية خاطئة تفيد بأن أي حراك احتجاجي تشهده المحافظة قد يستغل من قبل تنظيم داعش الإرهابي لكي يعود من جديد. حيث أن هذا التوجه دعمته خطابات وتصريحات الحكومة المركزية بلا شك".

وأكد الناشط، إن "الاستجوابات التي طالت مجموعة شباب في قضاء هيت قبل أيام، جاءت بعد تأديتهم (أغنية راب) تذكّر باحتجاجات تشرين ومطالبها وتعبر عن الدعم لها. علما أن التحقيق الذي جرى مع الشباب وجهت خلاله اتهامات تتعلق بالاتصال مع تنظيم داعش والتخطيط لأعمال ارهابية، وقد تم من دون أي مذكرة قبض رسمية أو أي سند قانوني، وهذا من شأنه أن يضعف دور الناشطين حتى في الشكوى أمام المحاكم، فهم لا يملكون أي دليل على استجوابهم والانتهاكات التي تعرضوا لها داخل مقر الاستخبارات".

وذكر الهيتي، إن "محافظة الانبار شأنها شأن اي محافظة عراقية، فيها ملفات كثيرة يجب أن تفتح ويحقق فيها، والحكومة المحلية ترفض الحديث بهذه الملفات خشية أن يؤدي الأمر إلى حراك احتجاجي يطالب بفتحها، علما أن أبرز هذا الملفات، هو ملف ابناء المحافظة المخطوفين والمغيبين الذين لم تذكرهم المحافظة بشيء إلى الآن".

ضمان حرية التعبير

وارتباطا بذلك، نظمت 29 جهة مدنية في الأنبار، نداءً وجه إلى الحكومة العراقية والجهات ذات العلاقة، طالبها الكف عن ملاحقة الناشطين والمدونين في المحافظة على خلفية تضامنهم مع قضايا الانتفاضة أو انتقاد حالات الخلل في أداء الحكومة المحلية هناك. وطالبت المنظمات والنقابات والاتحادات الموقعة على هذا النداء، حكومة الكاظمي بالتحقيق في الموضوع والايفاء بتعهداتها بشأن عدم ملاحقة الناشطين وضمان حرية التعبير.

الجهات المدنية التي وجهت النداء أصدرت بيانا تلقت "طريق الشعب"، نسخه منه أكد "تعرض الناشطين في محافظة الأنبار إلى التضييق المستمر من قبل الحكومة المحلية والأجهزة الأمنية والجهات الحزبية النافذة، وتجري عمليات اعتقال ضد من يمارس أي نشاط لدعم الانتفاضة، وتوجه له تهم الارتباط بالإرهاب والجهات الخارجية".

ولفت البيان إلى "التعهدات التي قطعتها حكومة الكاظمي المتعلقة بالحريات وعدم المساس بها لم تردع حكومة الأنبار واجهزتها الأمنية عن التعسف بحق الناشطين والسكان المحليين".

انتهاكات مستمرة

وعلى صعيد ذي صلة، قال الناشط المدني، ايوب الهيتي، لـ"طريق الشعب"، ان "جهاز الاستخبارات ابلغنا في اتصال هاتفي ان المقدم مازن العلواني يرغب برؤيتنا، للاستفسار حول بعض القضايا، ثم أكد هذا التبليغ الشفوي مختار المنطقة، وأنا شخصياً رفضت الذهاب إلى المقدم لأن طريقة الاستدعاء ليست قانونية لم تصلني ورقة من القاضي".

وأشار الهيتي الى ان "الشباب الذين ذهبوا للاستخبارات تأخروا هناك لوقت طويل وعند خروجهم ابلغونا ان الضابط قام بتفتيش  هواتفهم وضربهم وشتمهم، واتهمهم بانهم ذي صلة بالإرهابيين وان لهم تمويلا من تركيا، ولكن حقيقة الاعتداء كانت بسبب صناعة الفيديو الذي أيد التظاهرات على شكل أغنية راب، وشجع المواطنين على الاحتجاج، مضيفا "في اليوم التالي وبعد كل الاهانات التي تعرض اليها الشباب قام الضابط بالاعتذار منهم مبررا فعلته على انها لحظة غضب نتيجة رؤيته الفيديو".

جريمة رفع العلم العراقي !

وفي المقابل، يروي شاب من محافظة الأنبار لـ"طريق الشعب"، ما تعرض له اثناء الاحتجاز في احد المراكز.

وبين الشاب الذي لم يكشف عن أسمه، أنه "في نهاية العام الماضي وبالتزامن مع فوز المنتخب الوطني قررنا عدم الاحتفال وتحويل المناسبة إلى وقفة حداد للتضامن مع أحداث الناصرية ولتأبين شهدائها الذين سقطوا خلال التظاهرات"، مبينا "حضور دوريات الشرطة والجيش إلى مكان الوقفة والقيام بتصوير الشباب قبل انهائها، وبعد يومين اتصلوا بي وأبلغوني بالحضور أمام ضابط مكافحة اجرام واستخبارات الداخلية الذي طلب حضوري إلى مقر المديرية".

ويضيف الشاب قائلا: "وجهت لي في المديرية اسئلة عن أسباب التضامن مع شهداء الانتفاضة ومن الذي يدعم نشاطنا، وعندما اجبت بأن التضامن مع الشهداء أمر طبيعي لأنهم اخوتنا ويستحقون ذلك، ولا توجد جهة تقف خلفنا، بدأ ضابط التحقيق بالصراخ والشتم وتم تعذيبي بالعصا الكهربائية"، مشيرا إلى إجباره لـ"التوقيع على تعهد يلزم بعدم رفع العلم العراقي وعدم المجاهرة بالحداد مع شهداء الانتفاضة، وهذا أمر في غاية الغرابة".

عرض مقالات: