ولد في بغداد عام 1935م, ونشأ في أسرة علم ويسر مادي, والده مهندس الري أحمد زكي, ونظراً لطبيعة عمله عاشت الأسرة متنقلة بين المدن العراقية المختلفة, انضم عام 1952م إلى الحزب الشيوعي العراقي, وفي عام 1953م انهى دراسته الاعدادية في الكوت, عُين معلماً في مدينة النعمانية, سافر عام 1955م لدراسة الهندسة في لندن على حساب أسرته, وفي لندن انتخب رئيساً لجمعية الطلبة العراقيين في بريطانيا, بعد انقلاب 8 شباط 1963م, انضم إلى منظمة (برتراند راسل) للسلام, واصبح سكرتيرها, تعرّف على شخصيات أممية كثيرة, وزار بلدان عدة, لاسيما الاتحاد السوفيات (روسيا حالياً) وتشيوكوسلوفاكيا وكوبا, حضر عدداً من المؤتمرات ومهرجانات الطلبة والشبيبة العالمية, فخالد أحمد زكي المثقف الثوري من الطراز الشعبي, مناضل مسلح بالعزم والإرادة, صديق حميم للعمال والفلاحين, قيادي بالفطرة, شهيد بطل ومحط اعتزاز حزبه وشعبه.

في 3 حزيران 1968م تبدد غبار المعركة في هور الغموگة, وقتها كان المناضل الجسور خالد أحمد زكي واثنان من رفاقه الشجعان قد تساموا شهداء, فيما أصيب ثلاثة آخرون. شارك في قواعد الكفاح المسلح في هور الدواية, استشهد يوم 3/6/1968م في معركة غير متكافئة مع القوات الحكومية في هور الغموگة, يذكره رفاقه في المعركة أنه كان يقترح بالقتال دون التراجع حتى الموت, فضلاً عن حياة الهور الصعبة التي عانى منها الشهيد خالد, منها معاناة المشي حفاة في الأهوار, وصعوبة استلام المشحوف وقيادته, فخالد كان لا يحسن قيادة المشحوف في الأهوار مع العلم أن المشحوف في الهور هو رجلك التي تمشي بها.

جاء خالد للقتال في الأهوار يحمل افكار الكفاح المسلح, وتركه سكرتارية منظمة راسل للسلام في لندن, حيث كان ناشطاً سلمياً, فضلاً عن نزوعه الشديد للعدالة, مع هذا التوجه لخالد كان واقع الحزب الشيوعي العراقي وقتها لم يكن على ما يرام بعد خروجه من تصفيات انقلاب 8 شباط 1963م, والوضع الجماهيري كان ما يزال غارقاً في الاحباط, ورغم كل الجهود التي اعقبت كارثة عام 1963م, والعمل الجبار الذي بذل حتى يعود إلى الحياة من جديد, إلا أن الآثار التي تركتها تلك الهجمة لم تكن قد زالت, ومما زاد في أثرها السيء, الانشقاقات المستمرة, صباح يوم 3/6/1968م ومنذ الساعة العاشرة كانت المقاومة في اشدها, حتى السابعة مساءً, استشهد ثلاث من رفاق خالد وهرب ثلاث والقي القبض على البقية, كان من ضمن الشهداء خالد أحمد زكي, ذلك الفتى الأكثر تضحية وفداءً, يتمتع بقوة وإرادة, قائداً لهذا العمل بحكم مقتضيات اللحظة, بكل ما تنطوي عليه من مثالب وحسنات, فخلال الارتباط في ساعة اطلاق النار اصيب بعض الرفاق, وكان مغادرة حسين ياسين وعبود خلاطي وموسى عطية بداية تدهور القتال, فقام حسين محمد حسين بإطلاق النار باتجاه القوات الحكومية, وبدأت المعركة ولم تنتهِ إلا قرابة الساعة السابعة مساءً, حينها كان قد استشهد ثلاثة من المجموعة المقاتلة واسقاط طائرة هليكوبتر, وتم تطويق المجموعة, أصاب عبد الجبار علي الجبر الشمري (الحلة), الذي فقد كفه وهو يعيد قنبلة باتجاه الطرف الآخر.

في الساعة الأخيرة من المعركة اقترح خالد أحمد زكي الاستسلام إلا أن رفاقه لم يوافقوا على هذا المقترح, كان توزيعهم للقتال أن يكون حسين محمد حسن لجهة الغرب مع أبو سرحان وشهواز ثم خالد وعبد الأمير الركابي في المنتصف ثم عبد الجبار علي جبر الشمري وشلش الذي احتل المقدمة, وحين استشهد خالد بإطلاقة سكت ولم يشعر به جماعته, فضلاً عن قتله أكثر من شخص حاولوا الاقتراب, أما عبد الجبار علي جبر فقد اعلن الاستسلام فوضع فانيلته البيضاء على عصا صغيرة وخرج, كان جبار يحفظ النشيد الاممي.

في نهاية المعركة كان الاستسلام مع ذلك التوتر في مدينة الناصرية وهور الدواية, كانت سلطة المنطقة الجنوبية تحت يد العسكري أنور ثامر الذي وبخه بعد ذلك عبد الرحمن عارف رئيس الجمهورية قائلاً له : إذا كانت كل هذه القوات تظل تقاتل عشرة شيوعيين اليوم بطوله, فماذا لو كانوا الفاً, هل تأتِ بالجيش العراقي كله وقتها؟ .

عرض مقالات: