طريق الشعب

رغم مشاهد "العنف والموت" التي عاشها المحتجون السلميون في بغداد، إلا أنها واصلت الحضور في ساحة التحرير منذ بداية تشرين الاول الفائت، وساهمت في نصب اوائل الخيم تحت نصب الحرية متحدية الرصاص والدخانيات.

لم تتخلف ام فرات عن تظاهرات شباط 2011 وتموز 2015 غير أن الاحتجاجات الأخيرة في تشرين تبدو مختلفة عن سابقتها بالنسبة لها ولدعم الانتفاضة تجتاز هذه المرأة الشجاعة، كل يوم، أزقة وشوارع عديدة لجمع الأغطية والطعام والأدوية للمتظاهرين. وتفسر ذلك بالقول: "هذه إنتفاضة عفوية، لكنها نتاج تراكم وعي وان الجور والظلم لا يجب استمرارها، وأن القوى السياسية الفاسدة يجب أن تسقط ومعها الطغمة الحاكمة الفاسدة. انها تظاهرات لا يعلو فيها صوت مشبوه كما روج البعض، لذلك حاول الكثير من الجماعات التابعة لبعض القوى السياسية والقوات الحكومية المدنية، اختراق الساحات والخيمات وجر الشباب للعنف بهدف الإساءة للإنتفاضة وإنهائها.

ولم يقتصر دور أم فرات – كما هو حال بقية العراقيات المنتفضات - على رفع حماس المحتجين بالهتاف والأغنيات الثورية، بل انها تصدرت الصفوف الأولى في الاحتجاجات المتواصلة منذ ٦ أشهر. ولم تمنعها إصابتها بالإختناق لاكثر من مرة  من مواصلة التظاهر، وتشبهها في هذا الإصرار العديد من الشابات.

وتقول لـ "طريق الشعب"، ان "النساء كن الأكثر حرصا على إسعاف وتضميد الجرحى، فتجدهن في احتكاك مباشر مع قوات مكافحة الشغب على جسري الجمهورية والسنك غير عابئات بالقنابل المسيلة للدموع ووابل الرصاص" وتضيف "رغم القمع والتهديدات، فإنه من المبهج رؤية نساء من مختلف الأعمار والمشارب الثقافية والاجتماعية في ساحة التحرير، حتى أن بعضهن نصبن خيمات وقررن الإقامة في الساحة".

وتتابع قائلة: "أجمل ما رأيته خلال إنتفاضة تشرين هو الوجود النسوي القوي، فالمرأة العراقية لم تعد تهاب الشارع، هؤلاء النسوة وجدن في التظاهرات فرصة لتحدي المجتمع الذكوري، والنظام الحكومي الذي عمد إلى تغييبهن وتسبب في تدهور وضعهن الاقتصادي، والذي تدفع ثمنه اليوم نساء كثيرات".

وخلال فترة الحظر الصحي، لم تكف عن التواجد في ساحة التحرير. اذ ساهمت في الحملة الوطنية لمكافحة وباء كورونا ووزعت الكثير من السلال الغذائية باسم الحزب الشيوعي العراقي، لإعانة الفقراء والكادحين في ساحة التحرير ومناطق السعدون والفضل والكرادة والزعفرانية. وكان مجموع ما وزعته حوالي 750 سلة غذائية.

وعن هذا النشاط تقول "إنخراطنا في الحملات الوطنية لإعانة الفقراء والكادحين خلال الحظر الصحي، وكان تكريسا لمفهموم الانسانية والتكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع".

 وتضيف قائلة: "بكل تأكيد لم تكن حملتنا الوحيدة، بل أن هناك الكثيرين من ذوي الدخل الميسور سطروا وقفات إنسانية حقيقية ومشرفة تجاه ابناء شعبهم من المحتاجين، وهو ما نسعى إليه كي نزرع روح المسؤولية، ونقلل من الفوارق الطبقية في المجتمع".

الجدير بالذكر ان أم فرات عضو في الحزب الشيوعي العراقي منذ 45 عاما. وهي ناشطة في العمل النقابي كما انها ناشطة في مجال العمل الانساني والحراك الاحتجاجي بشكل عام ومدافعة عن حقوق النساء والاطفال بشكل خاص

 ولم يمنعها سنها المتقدم ولا مرضها من مشاركة المتظاهرين يومياتهم. فهي تواصل النضال مقدمة  الدعم اللوجستي للمعتصمين والفقراء، في سبيل إدامة زخم انتفاضة تشرين حتى تحقيق المطالب.