طريق الشعب
بالتزامن مع عيد الحبّ 14 شباط، يستذكر عراقيون قصص حب عاشوا على أملها سنوات طويلة ولم يكتب لها الاستمرار. فقد وضع القمع والرصاص الحي وقنابل الغاز الذي واجه به عناصر الأمن، الشباب المتظاهرين في ساحات الاحتجاج، نهاية مؤلمة لكثير من تلك القصص.
تروي زهراء (24 عاماً)، قصة حبها المؤلمة، التي لم تكن قصة عادية بمعاناتها، لا سيما أنّها فقدت خطيبها قبل 15 يوماً من زواجهما.
زهراء التي تسكن في أحد أحياء جانب الكرخ من بغداد، تؤكد في حديث صحفي، أنّها كانت تتابع يومياً أحداث التظاهرات وكانت تشجع خطيبها أحمد، الذي كان أحد المتظاهرين فيها. وتضيف: "كنا نأمل، مثل بقية الشباب، أن نتخلص من الفساد ونحصل على حقوقنا، وعلى وظائف في الدولة وفقاً لتحصيلنا الدراسي. كنت أشجع أحمد على التظاهر والمطالبة بالحقوق، وكان يقول لي إنّ تشجيعي هذا يدفعه بقوة للتظاهر والوقوف بوجه الفساد الحكومي".
تتابع زهراء قائلة: "كان لنا أمل كبير بأن يزهر حبنا وسط أجواء دولة ديمقراطية تكفل حقوق الشعب، بعيداً عن الفساد والمحاصصة الطائفية والتسميات التي زرعتها أحزاب السلطة والمنتفعين منها"، مستدركة: "لم نكن نتوقع أنّ هذا الحلم الذي عشنا من أجله طويلاً ستكون نهايته في ساحة التظاهر. لقد استشهد أحمد بقنبلة غاز أصيب بها في رأسه ليفارق الحياة على إثرها ويحمل معه كلّ شوقي وحنيني".
وتمسح زهراء دموعها، وتقول: "كان الثمن غالياً، لكنّني لم أندم على خروجه إلى ساحات التظاهر، فقد كان له مبدأ وكان مؤمناً بقضية، ولا يستطيع العيش من دون حرية. لقد مات أحمد لكنّ قضيته لم تمت، وبقيت قصتنا شاهدة على القمع الحكومي وقمع أحزاب السلطة التي واجهت المتظاهرين العزّل السلميين بالقتل".
وتختتم زهراء حديثها قائلة: "ليت أحمد حيّ اليوم حتى يرى ساحات التظاهر وهي تمضي باتجاه تحقيق الأهداف".
الناشط، مهند الخزعلي، يؤكد من جانبه في حديث صحفي، أنّ قصة زهراء "هي إحدى قصص المعاناة والتضحيات التي قدمها أحرار الشعب العراقي في سبيل قضيتهم التي آمنوا بها"، مشيرا إلى ان "هناك كثير من قصص الحب التي انتهت بالفقد على أيدي الطغاة من عناصر الأمن والجماعات المسلحة داخل ساحات التظاهر. لقد رأينا بأم أعيننا كيف يكون وداع الحبيبة لحبيبها عندما تراه مسجّى وعلم الشهادة يغطيه".
ويضيف قائلا، أن "تلك المشاهد لم تغب عن بال المتظاهرين، وقد وضعتنا أمام تحدٍ كبير، إذ آمنّا بأنّنا لا يمكن لنا التراجع عن التظاهرات، بعد كلّ تلك التضحيات الكبيرة. وسنواصل طريقنا حتى يزهر العراق بقصص حبّ جديدة يكتب لها الاستمرار في بلد يتنفس الحرية ويتخلص من فساد أحزاب السلطة".
القمع الحكومي في ساحات التظاهر، أثّر حتى على أصحاب محال بيع الزهور في مناطق عدة من البلاد، ممن أبدوا أسفهم لمواجهة قصص الحب بالقمع والرصاص الحي.
وبهذا الصدد يقول أبو علي، وهو صاحب محل لبيع الزهور في منطقة الباب المعظم، أنّه خسر بعض زبائنه من الشباب بعدما أنهى القمع في ساحات التظاهر حياتهم، مضيفا في حديث صحفي: "فقدت عدداً من زبائني الشبان ممن كانوا يشترون الزهور لحبيباتهم، وعرفت أنّهم استشهدوا في ساحات التظاهر".