محمد علي محيي الدين
ضيّف "ملتقى الدكتور علي إبراهيم" الثقافي في مدينة الحلة، أخيرا، أستاذ التاريخ في كلية التربية الأساسية بجامعة بابل د. مثنى عبد الجبار عبود الشمري، الذي قدم محاضرة حول التجربة اليابانية في التعليم الحديث بين عامي 1868 و1912، والدروس التي استلهمها العراق منها.
المحاضرة التي احتضنتها قاعة الملتقى في مركز مدينة الحلة، استمع إليها جمع من المثقفين والأكاديميين والأدباء والإعلاميين، فيما أدارها الأستاذ عباس العجيلي، الذي قدم نبذة مختصرة عن المحاضر الضيف، وسلط الضوء على تجربته في التدريس الجامعي ونشاطاته الثقافية ومؤلفاته العلمية.
د. مثنى الشمري وفي معرض حديثه، عرج على التجربة اليابانية في التعليم، وأشار إلى ان التعليم يمثل مرآة عاكسة لواقع المجتمع وفلسفته وتاريخه ومدى تطوره وآفاق طموحاته المستقبلية، وان التجربة اليابانية في هذا المضمار تعد نموذجا يتوجب الاحتذاء به من حيث تطوير كفاءة الأداء التعليمي والعلمي.
وأضاف قائلا ان اليابان حققت في تجربتها التعليمية نجاحا كبيرا، واستطاعت من خلالها الانتقال سريعا إلى مصاف الدول المتقدمة، وأن تجعل من تطور عقول أبنائها الثروة البديلة في مواجهة المعوقات الطبيعية والمادية والبشرية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على نمو اقتصادها وتطور المستوى الاجتماعي والثقافي والحضاري لمجتمعها.
وأوضح د. الشمري انه رغم توجه المؤسسات التعليمية العراقية نحو تجارب المجتمعات الأوربية والأميركية، إلا انها افتقرتْ إلى حدّ ما لدراسة التجارب التي حققتها الأُمم الشرقية الآسيوية في تلك المجالات، لا سيّما في اليابان، التي شهدت ظروفا ومتغيرات عامة أقرب لما شهده المجتمع العربي "إذ إن تلك الأُمم استطاعت أن تُعيد وجودها الذاتي وهويتها الحضارية بعد صراعات وضغوط داخلية وخارجية قاهرة، لتحسم في نهاية المطاف اختياراتها التي جاءتْ على وفق النتائج العامة في خدمة مصالحها".
وأشار المحاضر الى أن "العراق يشهد مرحلة تربوية وتعليمية حرجة وحساسة، تقتضي المصلحة الوطنية العليا مراجعتها والحرص على تشخيص مشكلاتها وإيجاد الحلول المناسبة لها، بما يفضي إلى إصلاحها، اقتداء بالتجارب الآسيوية التعليمية، لا سيما تجربة اليابان التي يتطلب الوقوف عند أهم محطاتها وسبل نهضتها وتطورها، والإفادة منها لتكون دافعاً مؤثراً في منهجنا وأسلوب تفكيرنا وسلوكنا نحو إصلاح التعليم".
وركز د. الشمري على مدى تأثير الثقافات الآسيوية والأوربية في التعليم الياباني، ووضع جملة أسئلة من بينها: هل وقف اليابانيون عند حدود ثقافة محددة أم ثقافات متعددة؟ ولماذا فضّلوا الثقافات الآسيوية في المرحلة الأولى على الأوربية في التعليم؟ وهل كان للأخيرة دور في عزلة اليابان عن العالم؟ وما الذي آثار العُزلة اليابانية في التعليم؟ وكيف دخلتْ المعارف الغربية إلى اليابان بالرغم من عزلتها، وهل كان لها أثر في زعزعة الثقة في المعارف الآسيوية والتوجّه نحو المعارف الغربية؟ وإلى أي مدى أثرت التحديات الخارجية في تعميق الاعتقاد لدى المسؤولين والمفكرين اليابانيين، بالعلم الغربي؟ وما مدى تأثير الحكومة اليابانية في توجيه التعليم بالمسار الصحيح؟ وكيف تعاملت مع الإصلاح التعليمي في ظل عملية الصراع بين موروث التعليم القديم وتجربة التعليم الحديث؟
وبعد أن عقب المحاضر على التساؤلات التي طرحها، وغطى محاور منها، تطرق إلى هيكل النظام التعليمي العام، وأشار إلى انه يبدأ من رياض الأطفال وينتهي بالجامعات، منوها بأهم المراسيم والتشريعات القانونية التي تخدم تطوير التعليم وتحديثه، وإلى أهم الدروس والعبر التاريخية المهمة التي يجب أن تستقى من تجربة اليابان التعليمية، ويستفيد منها في العراق.
وشهدت المحاضرة مداخلات واستفسارات قدمها العديد من الحاضرين، وأجاب عنها د. مثنى الشمري بصورة ضافية.