نورس حسن

يعتبر المطعم التركي، أو "جبل أحد" كما اطلقوا عليه، الحصن الآمن للمحتجين، والحراك الاحتجاجي المتمركز وسط ساحة التحرير والأماكن المحيطة بها، بعدما استخدمته اياد لم يكشف عنها حتى الان، عند انطلاق الانتفاضة في الأول من تشرين الأول المنصرم، لقنص الشباب الأبرياء وقتلهم بطريقة وحشية دللت على انفلات الأمن وهشاشة نظام المحاصصة الطائفي. وبعد تجدد التظاهرات عقب انتهاء الزيارة الأربعينية، رابط الشباب المنتفضون في طوابق بناية هذا المطعم المهجور، تفادياً لعودة المجازر من جديد، من أجل فض الاعتصامات بالقوة.

شباب شجعان

ويؤكد الشباب المرابطون في بناية المطعم التي طالما شهدت حضور المسؤولين المتنفذين، للأشراف من أعلى طوابقها على الاحتجاجات بطريقة مستفزة، أن بنايتهم هذه، تخلو من المندسين، والهوية الوطنية وحدها من يتصدر المشهد داخل جدرانها. كما ويعبرون عن عزيمة واصرار كبيرين لمواصلة الاحتجاج والبقاء في هذه البناية اسناداً للمتظاهرين حتى تحقيق كافة المطالب.

ويقول الشاب، محمد علي، وهو أحد المرابطين على "جبل أحد" لـ"طريق الشعب"، أن "قوات مكافحة الشغب، بدأت مؤخراً باتخاذ إجراءات اكثر وحشية ضد المنتفضين على الرغم من سلمية حراكهم. فهي مستمرة في رمي القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية في أماكن متفرقة من ساحة التحرير ومن ضمنها البناية التي نتواجد فيها، حتى تسيطر عليها وتنهي التظاهرات"

ويؤكد علي، أن "بناية المطعم التركي تعد من البنايات المهمة لاستمرار التظاهرات والتخلي عنها يعني انهاء التظاهرات واراقة الكثير من الدماء"، مشيرا الى ان " الشباب المرابطين في البناية، يصرون على البقاء الى حين تحقيق مطالب الشعب العراقي وازاحة حكومة المحاصصة الطائفية والفساد".

طوابق مملوءة

بدوره، يقول احد مسؤولي صفحات التواصل الخاصة بالمطعم التركي، لـ"طريق الشعب" ان "الشباب اقدموا على انشاء بيج (صفحة فيس بوك) لكل طابق من طوابق المطعم، إضافة الى بيج المطعم العام، ليتم عبرها زيادة عزيمة المتظاهرين ومواصلتهم للتظاهر وتقديم الدعم مهما كانت الظروف".

ويؤكد الشاب الذي رفض الكشف عن أسمه، أنه "يوم أمس، ورغم كثافة الغاز المسيل للدموع، الا ان شباب المطعم بقوا صامدين وينادون بعدم الانسحاب، وتم توثيق جميع ذلك ونشره على الصفحات الخاصة بالمطعم"، مبيناً أنه "وبالفعل بعد نصف ساعة من النداء، توجهت اعداد كبيرة من أبناء الشعب العراقي الى ساحة التحرير وابدوا إصرارهم على استمرار التظاهرات".

ويشير إلى أن "مشاهد المتظاهرين التي نراها من الأعلى، تشد من عزيمتنا على مواصلة الاحتجاج وعدم والانسحاب"، منوهاً إلى أن "قوات مكافحة الشغب في العادة يبدؤون بضرب البناية بالقنابل الصوتية في ساعات متأخرة من الليل ولكن بصورة متقطعة".

ويوضح الشاب، أن "البعض يتحدث عن أعمال شغب نقوم بها، لا أنكر أن البعض وبصورة منفردة يبدر سلوكيات غير منضبطة، مثل رمي "الدعابل"، متسائلا "هل هذه اعمال تستحق ان يرد عليها من قبل القوات الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع وضرب الشباب الواقفين على حافة النهر، رغم أن الأغلبية هم عاطلون عن العمل ويطالبون بحقوقهم سلمياً.

متطوعون للسلامة

من جانبه، يشدد احد شباب الفرق الطبية المتواجدين في طابق آخر من المطعم، على أن "المتواجدين في البناية من مناطق متفرقة، والبناية خالية من المندسين، فجميعنا نريد العيش بسلام لا اكثر، ولا راية ترفع على المطعم التركي غير راية العراق".

ويضيف الشاب الذي لم يكشف عن اسمه لـ"طريق الشعب"، بخصوص آلية عملهم، أن "الشباب المتطوعين لإسعاف الجرحى قسموا نشطاهم الى وجبات في عيادة المطعم التركي فمنهم يرابطون خلال النهار واخرين في اثناء الليل، واغلبنا من طلبة الجامعات والمعاهد الطبية"، منوهاً إلى أن "المستلزمات الطبية يتم توفيرها من خلال تبرعات الأهالي، فاليوم جميع فئات الشعب العراقي تتسابق لتقديم الدعم من اجل نصرة انتفاضة الشعب، واكراما لشهداء الثورة".

ويوضح المتطوع أن "العيادة الطبية لا تستطيع علاج كافة الجرحى داخل المطعم التركي خوفا من وجود تلوث يضر بالمصاب، اذ يتم في هذه الحالة تحويله الى المستشفيات خاصة للإصابات التي تتطلب تداخلا جراحيا"، لافتاً إلى أن "قرارات النقابات ومطالبة الجامعات والمدارس باستئناف الدوام لا تؤثر على ثورة الشباب، كون القرار بيد الشعب لا غير".   

عودة الحياة الى المطعم!

وفي المقابل، يبيّن الشاب مصطفى رعد، من داخل بناية المطعم التركي لـ"طريق الشعب" إن "الأخيرة كانت في بداية التظاهرات مهملة وتعاني من تراكم للنفايات والروائح الكريهة، إلا أن نشاط الشباب المتطوعين وتنظيفهم وإيصالهم الماء والكهرباء لها، فضلاً، عن فرش الأرضيات وتنظيف الحمامات، وإيصال الدعم اللوجستي المقدم من المتبرعين، أعاد الحياة الى هذه البناية المهجورة وأصبحت متاحة للجميع".

وينوه رعد وهو طالب في كلية الإدارة والاقتصاد، الى أنه "الأخ الثالث لشبان تخرجوا منذ سنوات من الجامعات وبمختلف التخصصات ومازالوا يبحثون عن عمل"، مضيفاً "لا اريد ان أكون كأخوتي عاطلا عن العمل بل اريد ان اضمن عملاً لي ولأخوتي كي نستطيع من خلاله شراء بيت يأوينا بدلا من الايجار الذي هد ظهر والدي العامل في البناء".

عرض مقالات: