أستضافت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في برلين يوم السبت 21 أيلول 2019، الناشط المدني الشاب "عمار البياتي"، والناشط في مجال حقوق الانسان والحركة الاحتجاجية الاستاذ "محمد السلامي ".

قدم الناشط المدني الشاب عمار البياتي محاضرة قيمة بعنوان " واقع ومعاناة الشبيبة العراقية في ظل نظام المحاصصة الطائفية والقومية" متناولا فيها الواقع المأساوي الذي تعيشه هذه الفئة الاجتماعية المهمة والتي تعتبر من اكبر شرائح المجتمع ، فهي تؤثر وتتأثر بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد . لقد أهملت الانظمة السياسية المتعاقبة الشبيبة ولم ترفع من المستوى التعليمي والثقافي لهم لانشغال هذه الانظمة بحروبها العبثية التي جرت الويلات على البلاد واهلها من تدميروخراب للبنية التحتية والحصار الاقتصادي، والموت والعوق الذي اصاب الملايين من الشباب ، وبعد التغيير في عام 2003 وتأسيس النظام السياسي الجديد الذي أعتمد المحاصصة الطائفية والقومية ودخول البلاد في اتون حرب طائفية طاحنة، وحالة التناحر والاستعصاءات السياسية وانتشار الفساد وتنامي نفوذ الارهاب واحتلاله لثلث اراضي الوطن قبل تحريرها منه ، تركت آثارها الكبيرة على شريحة الشباب . 

وتطرق الى اهم الاشكاليات التي تعاني منها الساحة الشبابية وهي:

- في الجانب الاقتصادي عانى الشباب ومنذ ثمانينيات القرن الماضي من الحروب العبثية التي خاضها النظام الدكتاتوري السابق وآثارها المدمرة على جميع فئات الشعب وبالاخص الشبيبة التي كانت وقودا لهذه الحروب ، واستنزفت الطاقات البشرية والاقتصادية للبلاد ، ونتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق حينها توقفت الدورة الاقتصادية وانهارت العملة مما دفع الكوادر العلمية الشابة الى الهجرة وترك البلاد للبحث عن عمل يضمن معيشتهم ومعيشة عوائلهم .

- أنتشار ظاهرة البطالة بشكل كبير في صفوف الشباب وخاصة الخريجين منهم نتيجة الركود الاقتصادي وتفشي الفساد في كل مفاصل الدولة ، وادى ذلك الى تبعات سلبية تهدد الاستقرار والسلم المجتمعي والاقتصادي كأنتشار تعاطي المخدرات وارتفاع معدلات الجريمة وتزايد حالات الانتحار .

- تدني الوعي العام لدى معظم الشباب نتيجة تراجع مستوى التعليم ، وحالة التسرب الكبيرة للطلاب بترك مقاعد الدراسة نتيجة الفقر والعوز  .

- عسكرة المجتمع وتوجه الشباب للانخراط في التشكيلات المسلحة والمليشيات .

- عدم السماح للمنظمات الشبابية ذات التوجه الديمقراطي بالعمل رسميا لعم وجود قانون ينظم عملها .

- المنظمات الشبابية الموجودة على الساحة اصبح أكثرها اداة بيد الاحزاب المتنفذة كوسيلة لدعم سلطتها، بدلا من الدفاع عن حقوق الشبيبة .

- أنتشالر التعليم الاهلي وبمواصفات تربوية وتعليمية متدنية وبأسعار عالية، الذي خلق حالة من الفوضى واثقل كاهل العوائل التي تريد توفير تعليم مناسب لاطفالهم .

- أزدياد حالة الهجرة والتهجير من خلال تنامي الارهاب وأزدياد العنف الطائفي .

من الاسباب الرئيسية التي ادت الى هذه الاشكاليات هي :

- الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراقيين نتيجة السياسات الهوجاء للنظام السابق الذي ادى الى ضعف القطاع العام وتراجع القطاع الخاص وانخفاض فرص العمل للشباب الذي رفع معدلات البطالة تراكميا.

- الاحتلال الامريكي الذي أنتج تدميرا للاقتصاد العراقي والبنية التحتية ومؤسسات الدولة وخصوصا المؤسسات الصناعية والتوقف التام للانتاج حيث توقفت 192 شركة صناعية حكومية كانت تستوعب 500 ألف عامل أضافة لحل الجيش والمؤسسات الامنية.

- فشل الاجهزة الحكومية في ايجاد فرص عمل للخريجين وحملة الشهادات ، وعدم وجود تناسب بين عدد الخريجين وفرص العمل .

- عدم توفير التسهيلات القانونية والائتمانية الكافية للقطاع الخاص ،وأستمرار تردي الوضع الامني الذي أعاق الاستثمارات الخارجية والداخلية .

- تخبط وعدم وضوح السياسة المالية والنقدية التي تحفز الانتاج وترفع النمو الاقتصادي .

- السياسات الخاطئة في التعيينات الزائدة عن الحاجة في اجهزة الدولة وتضخمها والتي انتجت البطالة المقنعة ، وأصبح عدد موظفي اجهزة الدولة مايقارب 7 ملايين .

وأضاف، ان المعاناة والاشكاليات الكثيرة التي تعاني منها الشبيبة العراقية تضع على عاتق الحكومة الحالية وضع استراتيجية شاملة للنهوض بواقع الشبيبة وتتمثل بما يلي:

- توفير الارضية المناسبة واللازمة لتحقيق النجاح في المجالين السياسي والاقتصادي والعمل الجاد والحقيقي لمكافحة الفساد والقضاء عليه .

- أعادة بناء المعامل والمصانع المتوقفة، وتطوير الصناعات الوطنية ودعمها.

- وضع استراتيجيات حقيقية للنهوض بالمستوى العلمي والثقافي والمهني للشباب ، وتوفير فرص العمل والتعليم الجيد والتأهيل المهني ، والحياة الكريمة .

- العمل على ترسيخ الروح الوطنية لدى الشباب .

بعدها قدم الاستاذ محمد السلامي الناشط في الحركة الاحتجاجية وحقوق الانسان محاضرته الموسومة "  اهمية الحركات الاحتجاجية في تطوير ملامح الديمقراطية"  وتناولت القضايا التالية :

   - ان الحركات الاحتجاجية ترتبط ارتباطا عضويا مع حرية التعبير عن الرأي في المنظومة الديمقراطية بالمستويين الفردي والجماعي، اي اعتناق الافكار والاراء والمواقف ونشرها وتلقيها وتداولها وهذا لم يكن مسموح له في العراق لعشرات السنوات.

- ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 قد نص عليه كحق اصيل للإنسان في المادة 19، وبعد التغيير في العراق سنة 2003 تم تشريع الدستور الدائم لسنة 2005 فقد نص عليه في المادة 38.

- لماذا هذا الاهتمام بموضوع حرية التعبير عن الرأي وترابطها مع الديمقراطية كمباديء ومفاهيم وآليات؟؟ لأن حرية التعبير هي روح الديمقراطية وحجر الزاوية للتحولات نحو الديمقراطية.

في الوضع العراقي

 - كانت الحكومة او مؤسساتها كافة منذ 2003 هي الفاعل الوحيد في الوضع العراقي، الحكومة – الجمعية الوطنية - الاعلام، اي في ادارة الدولة العراقية عبر انتخابات وكان للفكر الديني الطائفي والقومي عنصر حاسم في رفع الشخصيات، ولم يكن للشعب العراقي دور آخر سنة 2005 غير الذهاب الى صناديق الاقتراع للانتخابات الى سنة 2010 دون متابعة الناخب للمنتخب

- البرلمان من الاحزاب الدينية بشكل عام، الحكومة من نفس قوى البرلمان، المؤسسات الاخرى يترأسها شخوص من نفس قوى البرلمان، هي بلا برنامج للبناء، تمتلك السلطة السياسية والادارية والمالية والاعلام، والفكر الديني الشعبوي، فالمحاصصة اصبحت مقاعد البرلمان تساوي حصص لمقاعد الوزارة وحصص في المؤسسات الحكومية الاخرى، فاستغلت المؤسسات كلها لمجموعة:

الحزب السياسي = الطائفة الاجتماعية ، فالمؤسسات التي تشكلت حسب الدستور ، البرلمان – الحكومة – مؤسسات العدالة الانتقالية -الانتخابات – المفوضية العليا للانتخابات ، اصبحت مجرد حصص سياسية مغلقة للاحزاب والشصيات المتنفذة قد لا يزيد 20 شخصية تتحكم بالعراق.

 اصبحت وتحولت العملية الديمقراطية سلطة استبداد المكونات الاجتماعية، فكانت النتائج:

 أ- لا توجد تنمية اقتصادية اجتماعية، خدمات منعدمة، بطالة متزايدة، فضائح السرقات والامتيازات، تدوير المسؤولين في مؤسسات الدولة، تجهيل المجتمع عبر الثقافة الشعبية الطائفية التناحرية حد الحرب الاهلية، فتح الاستيراد وبلا تنمية صناعية زراعية علمية ثقافية.

ب – في الجانب السياسي انكشاف المحاصصة والامتيازات وتدوير المسؤولين وتهميش الكفاءات العلمية من غير الاحزاب المتنفذة ، التدخلات الخارجية ،الصراعات العلنية بين القوى السياسية ، فقدان السيادة الوطنية

ضمن هذا الوضع العام ظهر صوت جديد محتج على الخدمات من البصرة، حركة احتجاجية عبر التظاهرات العارمة في صيف 2010 امتدت الى بغداد يوم 25شباط 2011، استمرت الى يوم 8-ايلول يوم مقتل المرحوم هادي المهدي.

- هنا  يمكن القول ان العنصر الشعبي قد فاق واصبح يطالب من انتخبهم بالعمل لصالحه وان التهميش يجب ان يتوقف .

في عام 2011 تردت الخدمات وخصوصا الكهرباء ، استمرت المحاصصة فالجمود السياسي والتدهور الاجتماعي والاقتصادي والخدمي في تصاعد والامطار الغزيرة في سنة 2013 تصاعدت مرة اخرى الاحتجاجات الكبيرة للمطالبة بالغاء تقاعد البرلمانيين والامتيازات عموما .  

2015  قتل في مدينة المدينة " البصرة" الشاب منتظر الحلفي ، وكان الاتفاق على القيام بتظاهرات كل جمعة فاقيمت له الاربعينية في ساحة التحرير تطور الاحتجاج الى موضوعات تتعلق ببناء الدولة وقوانينها وسياستها مثل :

- تدوير شخصيات المسؤولين

- تدخل المحكمة الاتحادية لصالح المسؤولين

- دخول داعش وانهيار الجيش

- جريمة سبايكر والمسؤولية عنها

- القوانين الخاصة بالانتخابات

- تشخيص الفاسدين بالاسماء وليس الحديث العام

فما هي حركات الاحتجاج؟

- هي تنظيم اجتماعي لها سمات محددة شكليا قد تكون ضمن تنظيم هرمي بقيادة وقد لا يكون لها تنظيم سوى تنسيق لها اهداف واضحة مباشرة قد تكون مرحلية او طويلة المدى اساليبها متنوعة (تظاهرات – اعتصامات – ندوات توعية وتحريض – فعاليات فنية – حملة صحفية …. الخ.

- وجود قوى اساسية منظمة او منسقة لهذه الحركة حيث كان واضحا دور القوى الديمقراطية واليسارية وبالأخص الحزب الشيوعي العراقي.

-  ان توازن القوى السياسي لصالح الاحزاب التي تقود الدولة باتجاه الشلل السياسي والامتيازات الادارية وخسران السيادة مع زيادة البطالة والتخلف الاقتصادي والتخلف الثقافي … الخ.

- لذلك عمل الحزب الشيوعي العراقي وبالتعاون مع حلفائه على ضرورة تغيير موازين القوى والدعوة لبناء دولة مدنية ديمقراطية توفر العدالة الاجتماعية لمواطنيها .

- الاحتجاجات الشعبية والتعاون مع القوى الديمقراطية والمدنية والجماهير المتضررة من الوضع السياسي  والاقتصادي وكانت احدى الاساليب هي  التنسيق والتركيز على الحرك الاحتجاجية واستمرارها وتوسيعها والتنسيق مع القوى الاخرى سياسية او غير سياسية .

- كان الشباب هم القاعدة الاوسع للاحتجاجات وهم الضحايا الاكثر عددا، اعتقال الشباب الاربعة، خطف الشباب السبعة، مقتل الشاب منتظر الحلفي، ضحايا القنابل المسيلة للدموع في ساحة التحرير

 - مقتل واعتقال العشرات من المحتجين في مدن الوسط والجنوب وخاصة البصرة.

- أنضمام التيار الصدري الى الاحتجاجات فهم جماهير شعبية واسعة متضررة حتى من بعض قياداتها.

ماذا حققت حركة الاحتجاج على المستوى السياسي

- أصبح مفهوم الدولة المدنية شعارا لأغلب فئات المجتمع بما فيهم غير المتضررين من نهج المحاصصة.

- اصبح للتيار المدني عموما بكل تصنيفاته وزن سياسي وانه الامل للتغيير نحو دولة لصالح المواطن .

- تحالفات التيار المدني مع جماهير التيار الصدري الواسع والمتضرر.

-  تحريك المجتمع الراكد الذي يذهب الى التصويت دون محاسبة ومتابعة المنتخبين من قبله ، وكسر حاجز الخوف واللاأبالية .

- كل فئئة اجتماعية لها حقوق يمكن ان تتظاهر وتحتج في الساحات العامة .

- ان منهج المحاصصة على اساس المكونات الاجتماعية، الذي تغانم عليه المتنفذون يجب ايقافه والالتفات الى مصالح المجتمع.

- الدعوة لايقاف تدخل الدين او المذهب مع تسيير مؤسسات الدولة .

- توسع الحركة الاحتجاجية الى كردستان.

- أتساع الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات القطاعية في المصانع والمؤسسات والمحلات في مختلف مدن العراق ولا يكاد يمر يوم بدون وجود احتجاج او اضراب أو اعتصام.

ان حركة الاحتجاج هي الصوت الاعلامي البارز امام السلطة كمعارضة مدنية وسياسية

وفي ختام المحاضرة المهمة للاستاذ محمد السلامي فتح باب المداخلات والاسئلة للحضور وكانت تتركز على مواقف الحزب الشيوعي العراقي حول مختلف التطورات السياسة الاخيرة في البلد ،وتناوب بالاجابة عليها المحاضران بشكل وافي . وفي الختام قدم شكر باسم منظمة الحزب للمحاضريين والحضور الذي تفاعل معهما .