فالح ياسين الربيعي

ضيّف "منتدى عشتار" الثقافي التابع لفرع اتحاد الطلبة العام في محافظة البصرة، مساء الخميس الماضي، التربوي قاسم حنون، الذي تحدث في جلسة حوار عن الظروف الموضوعية والذاتية لقيام ثورة تموز المجيدة 1958، في مناسبة حلول ذكراها الـ 61.

الجلسة التي التأمت على قاعة جمعية الاقتصاديين العراقيين في البصرة، حضرها العديد من الشخصيات الوطنية والطلبة. فيما استهلها الناشط أحمد ياسر بكلمة استذكر فيها الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي العميل، وأطلقت العنان للجماهير لتعبر عن تطلعاتها.

بعد ذلك افتتح الضيف حديثه مشيرا إلى أن هناك جدلا صاخبا حول ثورة 14 تموز، دار خلال الأيام الفائتة في مواقع التواصل الاجتماعي "فهناك من يتساءل عن كون هذه الحركة ثورة ام انقلابا، وهناك من يقول أن هذه الحركة جرّت علينا الويلات، وان النظام الملكي كان أفضل".

واستطرد قائلا، ان "التصورات المشار إليها وغيرها، ربما هي ردود أفعال لدى أجيال من العراقيين"، وأوضح أن هناك جيلا عايَش الثورة وهو لا يزال بيننا اليوم، وهناك من تعرف إلى الثورة من خلال قراءة تاريخها، مبينا أن هؤلاء يدركون أهمية تلك الثورة والأسباب الموضوعية والذاتية التي قامت على إثرها.

وتطرق حنون إلى التيارات المتناقضة في ثورة 14 تموز وغيرها من الثورات، مستذكرا الثورة الفرنسية التي شهدت تيارين ثوريين، الأول عنيف (جماعة روبسبير)، والآخر معتدل (جماعة دانتون)، ولافتا إلى ان الكثير من الحركات الثورية في العالم تقتفي أثر "روبسبير"، وأن التمايز بين التيارين المذكورين، استمر منذ ذلك الحين.

وتابع الضيف متطرقا إلى أعداء ثورة 14 تموز، الذين حاولوا منذ شهورها الأولى إجهاضها، مبينا ان الملكية جاءت برعاية استعمارية، وأن ذلك ترافق مع وجود موظفين بيروقراطيين كانوا يعملون في ظل الإمبراطورية العثمانية في العراق، واشتغلوا منذ منتصف العشرينيات في الدولة العراقية بعد تأسيسها، وتبوؤوا مناصب رفيعة.

وبيّن حنون أنه بعد رحيل فيصل الأول، أعقبه ابنه غازي، الذي كان يحمل أفكارا معادية للانكليز ومتوافقة إلى حد ما مع النازيين في ألمانيا، والذي كان يطمح إلى التخلي عن النفوذ البريطاني "حتى تدبير حادثة اغتياله"، لافتا إلى أن نوري السعيد لعب دورا في اغتيال غازي، وقام بتنصيب عبد الإله وصيا على العرش نظرا لصغر سن وريث العرش فيصل الثاني، ثم قام هذا الثنائي (نوري السعيد وعبد الإله)، برسم مصير العراق السياسي منذ العام 1939 حتى قيام ثورة تموز 1958.

وألقى الضيف الضوء على الحركات العسكرية التي حاولت الاطاحة بالنظام الملكي منذ منتصف الثلاثينيات، والتي لم يكتب لها النجاح. كما أشار إلى أن الأفكار اليسارية كانت قد انتشرت منذ ذلك الحين بين مئات الضباط والجنود.

وعرّج أيضا على انتفاضة مايس 1941، ووثبة كانون المجيدة عام 1948، وانتفاضة تشرين عام 1952، وغيرها من الحركات التي مهدت لقيام ثورة 14 تموز.

ولفت حنون إلى ان شعارات الحزب الشيوعي العراقي في الأربعينيات لم تكن تدعو إلى إسقاط النظام الملكي، إنما إلى إطلاق الحريات وتأمين حياة معيشية أفضل للمواطنين، وتحقيق نوع من الاستقلال السياسي، لكن الوضع تغير في مطلع الخمسينيات، بعد أن كشرت السلطة عن أنيابها في قمع المتظاهرين والنيل من خصومها السياسيين، وزج الأحرار والمناضلين الوطنيين في السجون، فضلا عن ارتباط الدولة بالنفوذ الأجنبي وتشكيل "حلف بغداد". 

وأضاف قائلا إن كل تلك الأحداث أدت إلى ظهور تبلور وطني في الجيش العراقي، حتى تشكلت تنظيمات الضباط الأحرار وجبهة الاتحاد الوطني المؤلفة من الحزب الشيوعي العراقي وبعض الأحزاب الديمقراطية والقومية المعارضة، ليعمل الجميع على تعزيز المواقف للإطاحة بالنظام الملكي. 

وانتهى حنون في حديثه متناولا الإنجازات التي حققتها الثورة والتي صبت في صالح الشعب العراقي، منها إصدار القوانين المهمة التي منحت حركة 14 تموز صفة الثورة وليس الانقلاب العسكري.

عرض مقالات: