يعد موقع مدينة لكش أو ما يسمى محلياً بـ "تلول الهباء"، أكبر المواقع الأثرية في الشرق الأوسط -بحسب خبراء الآثار – إذ يغطي مساحة 25 كيلومترا مربعا، يقع بالقرب من مدينة الدواية، شمال شرقي محافظة ذي قار.

وعلى الرغم من الأهمية التي تحظى بها "مملكة لكش" السومرية لدى الباحثين والمهتمين في مجال الآثار والتنقيب حول العالم، واعتقادهم أن الاكتشافات المتوقعة فيها من شأنها تغيير الكثير من القناعات المتعلقة بتاريخ العراق القديم، لكن هذه المدينة لا تزال مندثرة ومهملة منذ اكتشافها قبل أكثر من 130 عاما.

قصور مغطاة بالتلول

تختفي تحت "تلول الهباء" اليوم، قصور ومعابد كبيرة يعود تاريخها إلى عصر فجر السلالة السومرية الأول بحدود الألف الثالث قبل الميلاد.

ويذكر المنقب الآثاري ومدير "متحف الناصرية الحضاري" عامر عبد الرزاق، في حديث صحفي، أن "تلول الهباء" تم تسجيلها على أنها أكبر تلول أثرية في الشرق الأوسط، وتؤدي ضآلة فرص التنقيب فيها منذ اكتشافها، إلى قدوم الكثير من باحثي الجامعات العالمية ومنقبي الآثار إليها لغرض الدراسة والتنقيب.

تاريخ التنقيب

بدأ التنقيب في لكش عام 1886 على يد الآثاري الألماني كولد واي. وفي عام 1952 نشر الأمريكي جاكبسون دراسة عن المدينة لفتت الانتباه إليها، الأمر الذي جعل جاكبسون نفسه يقود رحلة استكشافية مع الآثاري العراقي فؤاد سفر- بحسب ما يؤكده المهتم بالآثار والمترجم ليث سهر.

ويلفت سهر، الذي رافق عددا من بعثات التنقيب في بعض المواقع الأثرية في ذي قار كمترجم، إلى أنه في العامين 1984 و1990 نُقب في مدينة لكش من قبل بعثتين أمريكيتين، إلا أن الظروف السياسية للبلد أدت إلى توقف التنقيب منذ ذلك الوقت حتى الربع الأول من عام 2019، حيث باشرت بعثة أمريكية التنقيب في الموقع.

أهم ما اكتشف في لكش

يؤكد سهر أنه بحسب الخبيرة الآثارية أوكيستا ماكماهون، فإن أهم ما عثرت عليه البعثة عام 2019 في لكش، منطقة صناعية مخصصة للمعامل والورش، مضيفا انه خلال المواسم التنقيبية السابقة، وجد الآثاريون الكثير من القطع الأثرية التي حفظت في المتاحف العالمية، وأصبحت أيقونات مرتبطة باسم دويلة لكش السومرية.

الموقع محمي من السرقة

يلفت المترجم سهر إلى أن الموقع الأثري لم يتعرض إلى أي عمليات نهب أو سلب طوال فترة الظروف السياسية والأمنية التي مرت بالعراق، مبينا ان ذلك يأتي لكون الموقع يحتل مكانا بين قرى وظٌف أبناؤها لحمايته، فضلا عن كونه محاطا بـ "هور الجبايش"، الذي أصبح حاميا طبيعيا له. 

أعمال التنقيب قليلة

مجلس محافظة ذي قار يسعى إلى تبني خطط مستقبلية بشأن المواقع الآثارية في المحافظة. إذ كشفت لجنة السياحة والآثار عن مساعيها إلى فتح الباب أمام البعثات الأجنبية، من أجل المزيد من الاكتشافات المهمة التي من المؤمل أنها قد تلفت الانتباه العالمي لمدينة لكش، فتصبح مكانا سياحيا عالميا - بحسب قول عضو اللجنة سعد البدري، الذي يؤكد في حديث صحفي، أن ذي قار تضم أكثر من 1200 موقع أثري، وما تم التنقيب فيه قليل.