ونحن نتحدث عن الذكرى الخامسة والخمسين لانقلاب شباط الدموي الذي استباح العراق وابناءه، وضرب ثورة تموز 1958 وقادتها، واستهدف الاحزاب الوطنية الديمقراطية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي هب ابناؤه دفاعا عن الثورة وانجازاتها. كما كان البعض من ابناء الوطن المخلصين لتجربة تموز من الديمقراطيين والمستقلين ابناء بررة للشعب والوطن، يتوجب ذكرهم والحرص على اعطائهم حقهم والتغني ببطولاتهم ومواقفهم الانسانية الخالدة.
ويسرنا اليوم ان نستعيد تلك الملحمة البطولية والشجاعة الاستثنائية التي سطرها ابناء العراق النشامى في مقاومة الانقلاب الفاشي الذي قادته القوى الرجعية المرتبطة بالمخططات المشبوهة تحت شعار (يا اعداء الشيوعية اتحدوا) وبرعاية امريكية رجعية، حيث اكد علي صالح السعدي كبير قادة البعث قائلا: (نحن جئنا بقطار امريكي).
نستذكر اليوم الشاب الوطني الذي هب صباح يوم الانقلاب لاحضار قائده الشهيد عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري، والمخلص الوفي لزعيم الثورة عبد الكريم قاسم وليشارك معهم في الدفاع المستميت عن الثورة وقادتها حتى الرمق الاخير.
من هو كنعان حداد؟
في عام 1935 ولد شهيدنا كنعان حداد القيسي في منطقة الفضل – سيد عبد الله في بغداد واكمل دراسته الابتدائية في مدرسة الحيدرية والمتوسطة في الغربية، اما الاعدادية فاكملها في الاعدادية المركزية. وولد البطل كنعان من عائلة بغدادية ملتزمة وكان ابوه المرحوم خليل حداد القيسي احد ضباط الجيش العراقي واحد شهدائه.
دخل الكلية العسكرية اواخر عام 1957 وتخرج بعد ثورة تموز ليصل الى رتبة ملازم اول قبل انقلاب 8 شباط 1963، وكان من منتسبي وحدة الانضباط العسكري.
وفي صباح يوم 8 شباط الاسود انطلق كنعان لاحضار آمره عبد الكريم الجدة الى وزارة الدفاع لمقاومة الانقلابيين. وتميز الملازم الاول كنعان حداد بشجاعة متميزة حيث قاوم الانقلابيين بقوة وقاد احدى المدرعات المتواجدة في وزارة الدفاع وخرج بها لمهاجمة بعض انصار الانقلاب عند منطقة العيواضية القريبة، الامر الذي جعلهم يهربون الى منطقة جسر الصرافية ويحتموا ببناية مركز للشرطة بانتظار الموقف.
الابطال يكتبون التاريخ بالدم
كنعان حداد لم يكن منتميا الى الحزب الشيوعي العراقي لكنه كان ضابطا وطنيا محبا لثورة 14 تموز 1958 وابنا بارا لها. وقد تميزت مواقفه بالشجاعة والصلابة ضد اعداء الثورة والحاقدين. وتؤكد المعلومات ان الملازم الاول كنعان قاتل ببسالة وقاوم بقوة، وقد كلفه الزعيم عبد الكريم قاسم بايصال خطاب مسجل على كاسيت يدعو فيه الجماهير الى مقاومة الانقلابيين وتحرك الوحدات العسكرية وطلب منه ايصاله الى معسكر الرشيد وحذره من تحركات وعصيان ضابط بعثي برتبة عقيد اسمه ابراهيم جاسم التكريتي وكان مرشحا لوزارة الدفاع في حكومة الانقلابيين. وكان لشجاعة كنعان وارادته الدور الكبير في مهاجمة القوة التي كان يقودها العقيد التكريتي واستطاع ان يقتله بشجاعة وارادة.
ومع ان الزعيم عبد الكريم قاسم وجه انصاره لمغادرة وزارة الدفاع ليلا لان المعركة اصبحت على وشك نهايتها وانه هو المطلوب، لكن كنعان النموذج العراقي الشهم ابى الا ان يبقى صامدا حتى الرمق الاخير، حيث استشهد الرفيق وصفي طاهر وآمر الانضباط العسكري العقيد عبد الكريم الجدة. وبعد انتهاء المعركة في اليوم الثاني للانقلاب في 9 شباط 1963 تم ارسال ابناء الثورة عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد وفاضل عباس المهداوي وكنعان حداد بالاضافة الى قاسم الجنابي الذي اعفاه بعض رجال الانقلاب من الاعدام والذي ذكر وللتاريخ ان الشهداء الذين تم اعدامهم عكسوا موقفا بطوليا وشجاعا وكان الشاب كنعان حداد نموذجا في التضحية والفداء.
تحية احترام وتقدير للشرفاء المضحين للوطن ومن اجله.
المجد والخلود لشهداء الشعب وابنائه البررة.
الخزي والعار للخونة واذناب الاستعمار والى مزبلة التاريخ.