ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، الكاتب والصحفي قيس قاسم العجرش الذي تحدث عن كتابه الموسوم "ولي نصر: مقالات ومحاضرات"، بحضور حشد من المثقفين والإعلاميين والناشطين والمهتمين في الشأن السياسي.

الجلسة التي حملت عنوان "كاتب وكتاب"، والتي التأمت على "قاعة مصطفى جواد" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، ادارتها السيدة عفيفة سليمان، واستهلتها بتقديم السيرتين الذاتية والمهنية للضيف.

العجرش، وفي مفتتح حديثه، تساءل: "لماذا قمت بترجمة مقالات ومحاضرات ولي نصر، هذا الكاتب والاكاديمي الامريكي من اصل ايراني؟"، مشيرا إلى ان هذا السؤال صار يواجهه منذ أن أصدر في وقت سابق، ترجمة لكتاب نصر الموسوم "الأمة التي يمكن الاستغناء عنها".

وتابع قائلا انه كان يجيب المتسائلين بجواب مختزل، وهو "انني أرى في ولي نصر أطروحة تستحق القراءة والترجمة، وهو الكاتب المعاصر المتخصص في الشؤون السياسية الأمريكية المتعلقة بمنطقتنا".

وتحدث الضيف عن كتابه، مبينا انه يضم مجموعة من احدث مقالات ولي نصر ومحاضراته، جمعها خلال فترة قصيرة، وحرص على أن تكون حديثة جدا لتواكب الحدث اليومي الآني، موضحا انه "وبالرغم من كوني غير متخصص في العلوم السياسية، الا انني تلمست في كتابات نصر ومحاضراته قدرا غير قليل مما اسميه بـ "التأسيس الاكاديمي" لمفاهيم سياسية تنبثق بتجدد مع كل حالة يتعرض لها بالبحث".

وبين العجرش ان النصوص المتفرقة التي ترجمها وجمعها في كتابه، يظهر فيها جليا دور ولي نصر في ايضاح صورة عالية التشويش للسياسة الأمريكية، مضيفا ان "معطيات الصورة الأمريكية اختلطت امام دول العالم، وبشكل خاص أمام دول الشرق الاوسط، على اعتبار ان تصرفات وردود افعال أمريكا مرصودة بشكل عالي الدقة من قبل حكومات تلك الدول، ما يشير - وفقا لنصر – إلى ان ميزان الافعال الامريكية لم يعد قابلا للتنبؤ بمخرجاته. وهذا يعني ايضا، ان الادارة الامريكية هي الاخرى من جانبها يمكن ان تسيء قراءة الواقع".

وأضاف قائلا ان ولي نصر يشير في كتاباته الى مفارقة واضحة، وهي ان "الولايات المتحدة قد تصرف مئات المليارات بسهولة في الجانب العسكري لتنفيذ احتواء معين في مكان معين من هذا العالم، لكنها غير مستعدة ان تصرف اعشار هذه الاموال في سبيل مساعدات التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تهدف الى تخفيف اثر الفقر.. الفقر الذي يوضح نصر كيف انه يصنع الاضطرابات في الشرق الاوسط، وكيف تحصد الولايات المتحدة حصتها من هذا الاضطراب"، متابعا قوله ان نصر يقدم في مقالاته ومحاضراته "قراءة متمعنة ودقيقة للاستراتيجية الايرانية، التي تبنت الخيار النووي في مقابل قضية تتصاعد في المحافل الدولية، وفي مقابل تعهد قاسي ومحرج من ادارة ترامب التي تركت الاتفاق النووي، لتذهب الى خيار حرب اقتصادية مفتوحة تجاه طهران. هذا الحراك في منطقتنا ربما يكون هو الاهم خلال العقد القادم، حتى انه سيتفوق في استقطاب الموارد والاهتمام بمسألة الحرب ضد الارهاب".

وانتهى العجرش في حديثه معربا عن تصوره أن "قراءة ولي نصر للمنطق الذي يحكم السلوك الايراني وتصرفاته، هي قراءة متعمقة غير مسبوقة، لكنها تذهب الى استنتاجات قد لا تستوعب القدرة على التغيير اللحظي، التي تتمتع بها جميع الانظمة الشمولية. ولنا في التاريخ المعاصر امثلة كثيرة عن انظمة استجابت للضغوطات في اللحظة الاخيرة، ولم تستمر مقاومتها للهيمنة الامريكية الى الابد".

وفي الختام قدمت الإعلامية تضامن عبد المحسن، شهادة تقدير باسم التجمع إلى الكاتب والصحفي قيس العجرش. فيما قدم رئيس التجمع د. علي مهدي، لوح إبداع إلى المركز الثقافي البغدادي، تقديرا لدوره في دعم نشاطات التجمع.