كتب جاسم الحلفي:
قبل ١٤ عام، وبالتحديد عند الساعة السابعة والنصف مساء يوم 13/11/2004، رن تلفون الدكتور صالح ياسر، وظهر رقم رفيق الدرب سعدون، والمتصل يكلم الرفيق ابو سعد باللغة الكردية التي لا يعرفها.... سرعان ما اعطاني جهاز الهاتف قائلا (شوف هذا شيريد .. شو قلقني يتصل بي من تلفون سعدون).. صعقت من هول الصدمة حينما قال لي المتصل بما معناه( انا سائق على طريق بغداد كركوك، ووجدت ثلاث جثث على الطريق والهاتف الذي اتصل من خلاله بكم لأخبركم بالحادث) لم يزد شيئا على اسئلتي التي تبحث عن امل لسلامة ابو كفاح الاعز!
تمر ذكرى استشهاد صديقي الحبيب وضاح عبد الامير "سعدون" الذي عجزت عن اللحاق به، حتى سبقني الى المجد وكلل مسيرته النضالية بالخلود. كنت اقرأ له من الشعر البصري للشاعر الراحل مصطفى عبد الله سطوراً تقول:
غالبا ما ننام
وننسى الرصاص الذي لا يكف
ونحلم ان لا نموت..
يكملها هو قائلاً: " لم نعد نستحي عندما لا نموت.. فنحزن لحظة فتح التوابيت حتى تفوت".
صديقي الحبيب، نم قرير العين فقصيدة الشاعر أوشكت على الانتهاء، حيث يقول في سطرها الأخير:
يا خشبة التابوت.. تمهلي فكلنا نموت.
***
وكتب حيدر الشيخ علي:

أي مساء هذا الذي مر علي، إنه أكثر قساوة ، من ذلك المساء الحزين حيث تعرض الرفيق سعدون و الرفيقين نوزاد توفيق وحسيب مصطفى الى محاولة اغتيال و هل هو تدبير لتخفيف وقع الخبر حينما أخبرني الرفاق في بغداد، بأمل سلامة سعدون؟ إذ يتناقل الناس خبر نقله الى مستشفى بعقوبة أثر جرح ليس بخطير.. هذا الخبر الذي تمنيت أن يصمد ، لكنه تبدد أمام الحاحي الشديد بتدقيق الخبر و متابعته ، إذ تبين أن الشهيد فارق الحياة . عيني لم تغف حتى صباح اليوم التالي إذ استقبلنا جثمانه الطاهر عند مدخل مدينة أربيل .
لا أريد أن أتحدث عن المآثر البطولية للشهيد أبو كفاح فقد تناولها رفاق غيري . و تناقلها الناس، فقد لا أضيف شيئا هنا، حتى أصبح عند محبيه من أهالي أربيل أقرب الى أسطورة . ولا أريد أن أتناول علاقتي الإنسانية به، فميزة سعدون هي زرع المحبة و حرصه على التواصل ، و ازاحة الحواجز ، والحضور الاجتماعي الحميم . دعوني أتحدث عن علاقاتنا الكفاحية ، إذ عملنا سوية في أربيل بعد انتفاضة آذار المجيدة ، و عملنا معا في إعادة بناء منظمات الحزب ، وفتح المقرات. و بطبعه المعروف بدقة التنظيم و المثابرة و العمل بلا كلل و لا ملل، هذا الطبع الذي لا يفارقه ، إذ وجدت الصورة ذاتها و الهمة أيضا عند سقوط النظام الدكتاتوري، فكنا من الصفوة الاولى التي دخلت بغداد . لا يمكن أن لا نقف عند محطات إعادة نشاط حزبنا العلني في بغداد ، و دور ه المجيد حيث كان الأكثر حيوية و الأكثر نشاطا . ويبدو أن قوى الارهاب و بقايا أجهزة امن النظام المقبور التي طالما أعياها نشاط سعدون و هي في عز قوتها لم تتركه ، و هكذا تمكنت من اقتراف جريمتها النكراء يوم ١٣ تشرين الثاني ٢٠٠٤ هو في طريق عودته الى أربيل لقضاء أيام العيد مع عائلته في شقلاوة .
رحيله خساره كبيره لا يمكن تصورها إلا لمن يقدر دور قائد شجاع مقدام مثابر لم يتراجع أمام النكبات و النكسات التي مرت علينا بل وجدناه في الملمات أقوي و أكثر تماسكا . أيها الرفيق الغالي نم قرير العين ، فرايات حزبك خفاقه و المنظمات التي عملت على أعادة بنائها و تنظيمها ، ها هي تواصل كفاحها المتنوع في جميع ساحات العراق ، متمسكة بالدفاع عن قضايا الكادحين و لقمة عيشهم و تبنيه لمشروع الدولة المدنية الديمقراطية دولة المساواة و العدالة الاجتماعية ، لبناء نظام سياسي يحفظ كرامة الأنسان
لك المجد و العار للقتلة
***

وكتبت دنيا رامز :

أيها الحاضر دوما رفيقي وصديقي وزوجي الحبيب سعدون (وضاح)
الانسان.. المناضل.. القائد الشجاع المقدام والمثابر، أن رحيلك عن حزبك ورفاقك وأبنك وبيتك جعلنا أكثر إصرارا وثباتا على الكفاح والمضي حثيثا نحو الوطن الحر والشعب السعيد..
هذا الإصرار هو جوابنا على فعلة القتلة المجرمين، أعداء وطننا وشعبنا وحزبنا، مخربي كل شيء جميل، في بلدنا والمعتدين على الحرية والكرامة والأمان، و الواقفين ضد التطور وبناء الديمقراطية في العراق..
نم قرير العين وثق واطمئن وأجدد عهدي لك بأن كفاح أبننا سوف يسير على دربك وفي كنف حزبنا ، الدرب الذي سرت عليه من أجل أهداف سامية وكبيرة ، منها أن يكبر كل طفل عراقي بعز في عراق جميل وآمن.