انخرط الشهيد عواد بشكل مبكر في الحركة الوطنية وفصيلها المقدام الحزب الشيوعي العراقي، وفي مقتبل العمر انغمس بحماس في النشاطات الجماهيرية التي كان يقودها الحزب، فشارك باندفاع عال في التظاهرات والاضرابات الطلابية التي اندلعت في مدينة النجف للسنوات 1946- 1948، وعلى اثر ذلك تم فصله من الدراسة وهو في الصف الثاني المتوسط. في سنة 1946 انضم الى الحزب الشيوعي العراقي واصبح عضوا فيه.

لقد حرص عواد ان يكون قريبا من افراد عائلته، يرعى شؤونها ويحنو عليها ولا سيما الصغار منهم، فقد كان ودوداً منفتحاً ويتصرف بأكبر من سنه، وسعى بمنتهى الحماس الى كسب العائلة الى الحزب والحركة الوطنية وان يجعلها تشعر بمعاناة الفقراء والكادحين وهمومهم، وكان له ذلك، فأخذت العائلة تتجه الى الحزب والشعب والوطن وانخرطت جميعها في صفوفه.

كان حريصا في المناسبات الوطنية والاممية وخاصة في الاول من أيار عيد العمال العالمي وذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى، ان ينظم للعائلة احتفالا بسيطا وفي اجواء عائلية حميمية وصادقة وكان يحث الجميع على إلقاء كلمات كل حسب مقدرته، ويجري منافسات ودية بيننا في مجال الخطابة والشعر ويقدم الجوائز والتشجيع لغرض زرع الثقة في النفس وغرس روح المبادرة في شخصياتنا.

لقد تعرض عواد في السنوات 1946- 1948 الى الاعتقال لمرات عديدة وما ان اندلعت وثبة كانون عام 1948 حتى اندفع مشاركاً فيها وبقوة، وبعد الانتكاسة التي تعرض لها الحزب، وخاصة بعد اعدام الرفيق الخالد فهد اندلعت تظاهرات عدة في مدينة النجف حيث تم اعتقاله وكان ذلك سنة 1949 ومثل امام المجلس العرفي العسكري في مدينة الديوانية وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين وهو لم يكمل السادسة عشرة من العمر، متنقلا بين معتقلات النجف وكربلاء وبغداد ومن ثم تم ترحيله الى سجن الكوت، حيث كان اصغر السجناء هو والشهيد شهاب التميمي نقيب الصحفيين السابق. واثناء مكوثه في سجن الكوت كان احد المشاركين في الاضراب عن الطعام الذي قام به السجناء السياسيون واستمر 23 يوماً، وكان للشهيد امنيات ان يلتقي الرفيق فهد في سجن الكوت ولكن لم تتحقق تلك الامنيات.

ذهبنا الى الكوت وفور وصولنا توجهنا الى السجن مباشرة وطلبنا السماح لنا وبإصرار على المواجهة، لكن حرس السجن منعنا من ذلك بحجة ان المواجهة ستكون يوم غد.  

في اليوم التالي ذهبنا جميعا الى السجن لمشاهدة عواد، الذي أطلّ علينا مبتسماً ومتفائلاً، فكان البكاء والعناق والقبلات. وعند دخول السجناء على التوالي وكان منهم من هو مقيد بالسلاسل الحديدية من الحزام الى اخمص القدمين، وهؤلاء السجناء من المحكوم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة.

بعد مضي سنتين قضاها عواد في السجن، اطلق سراحه وعاد الى مدينته الحبيبة النجف، وسرعان ما عاود نشاطه السياسي في صفوف الحزب بشكل اقوى واكثر حماساً وبمستوى فكري اكثر تقدماً وتطوراً، وتسلم مسؤوليات تنظيمية عديدة ومن ضمنها مسؤول لجنة مدينة الكوفة.

في بداية الخمسينات من القرن الماضي اندلعت اضرابات عديدة، كاضرابات الموانيء والنفط في البصرة، كما اندلعت في النجف تظاهرات عديدة تضامناً مع العمال البواسل في الموانئ والنفط، وشارك عواد بحماس واندفاع قل نظيره في تلك التظاهرات، بل كان احد منظميها وقياداتها، وعندما اندلعت انتفاضة عام 1952 كان حينها في بغداد زائرا لفترة قصيرة، وشارك في الانتفاضة وعند عودته الى النجف قام مع رفاقه في المنظمة بتنظيم تظاهرات جماهيرية استجابة لانتفاضة العاصمة، ولجأت السلطات حينها الى الاستعانة بالجيش وبعض القطعات العسكرية المتواجدة في مدينة الديوانية لضرب الانتفاضة وتحجيمها، لكن خاب ظنها وكان الجيش نصيراً ووفيا للشعب ورافضا استخدام القوة المفرطة ضد الجماهير.

في نهاية عام 1954 تم القاء القبض عليه من قبل زمرة من الشرطة السرية القادمة من النجف الى بغداد لغرض القاء القبض على المناضلين المحكومين غيابياً، وأودع في سجن بغداد المركزي (الموقف العام)، وفي اثناء مكوثه في سجن بغداد ساهم بفعالية في الاضراب عن الطعام الذي قام به السجناء السياسيون.

في تشرين الثاني عام 1956 اندلعت الانتفاضة التي عمت مدن عراقية عديدة تضامنا مع الشعب المصري الشقيق ضد الاعتداء الثلاثي الغاشم، وكان للحزب دور قيادي وطليعي فيها.

وكان عواد مرابطا في ساحات بغداد وشوارعها طيلة فترة الانتفاضة لا يكل ولا يتعب مواصلا النشاط لتجميع اكبر قدر ممكن من الجماهير وخاصة الطلابية لغرض المسير بها وايصال صرخة الشعب تضامنا مع الشقيقة مصر وشجبا للعدوان الثلاثي الغاشم.

ان نشاطاته المستمرة في قيادة التظاهرات والتي كانت تستمر من الصباح وحتى المساء قد شخصت من قبل زمر واعوان المقبور بهجت العطية، فوجهت سلاحها الغادر الجبان صوب قلب عواد ليخر صريعاً وشهيدا. ولغرض اخفاء الجريمة والتستر عليها وهروبا من الجماهير الصاخبة تم نقله وعلى وجه السرعة الى الطب العدلي ليدفن سراً.

لقد طالبت العائلة باستلام جثمان الشهيد وتشييعه، لكن جلاوزة السلطة اشترطت ان تكون مراسم الدفن سرية وبدون تشييع او اقامة مجلس الفاتحة، فرفضت العائلة ومعها الحزب تلك الاشتراطات المهينة والجائرة بشكل قاطع وبعد الرابع عشر من تموز عام 1958 وبجهود كل الخيرين تمت معرفة مكان دفنه في مقبرة الشيخ عمر، واستخرج الجثمان وتم تشييعه تشييعا مهيبا محمولا على اكتاف الجماهير ورفاقه المناضلين في شارع الرشيد ومن ثم واصل موكب التشييع صوب مدينته النجف ليقام له تشييع مهيب آخر من قبل الجماهير النجفية الوفية، وبعدئذ تم اجراء مراسم الدفن في مقبرة العائلة.

وهناك معلومة مهمة لابد من ذكرها ومفادها انه بعد استشهاد عواد كان في بيتنا الرفاق الشهداء ابو ايمان (سلام عادل) وجمال الحيدري واستذكارا لاستشهاده ذكر لنا الرفيق سلام عادل انه هو الذي قام بكسب وترشيح عواد الى صفوف الحزب. حقا انها معلومة فارقة حصلت عليها العائلة ولم تكن تعرفها من قبل.

لقد كان الشهيد عواد كادرا حزبياً متقدما وقائدا جماهيريا مقداماً.

لقد اعطى عواد كل ما يملك من فكر وطاقة وحماس لخدمة قضية الحزب والشعب.

وفي الختام ليس بوسعي الا ان اقول هذه الابيات الشعرية الشعبية كمرثية للشهيد الخالد:

ميادين النجف ما تنسى عواد

ترانيم الحزب جانت الهه عواد

گضه عمره بنضال وللسجن عواد

نذر نفسه العزيزة للقضية

عرض مقالات: