خيمة طريق الشعب تحتفل بالذكرى الخمسين لمشاركتها في المهرجان الأممي الأوسع باريس تعيش أحلى أعيادها وتتضامن مع شعبنا العراقي

محمد الكحط - باريس-

تصوير: علي البعاج وسمير خلف

اللومانتيه محطة أممية تجسد القيم الإنسانية، هنا من جديد في حدائق لوبورجيه، إحدى ضواحي باريس الجميلة، وفي أيام 14 ـ 16/ سبتمبر/ أيلول 2018، عاشت العاصمة الفرنسية باريس المهرجان السنوي لصحيفة اللومانتيه (ألإنسانية)، صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي، حيث القرية الأممية، هنا الجميع ينتظر هذا العيد الذي يحل كل عام عليهم ناثرا الفرح ونشوة اللقاء. فاللومانتيه عيد لكل الأحرار والثوار والمناضلين من أجل غدٍ أجمل للإنسانية بأسرها، وهذا العام يتجدد اللقاء، وخيمة طريق الشعب تحيي مرور خمسين عاما على مشاركتها مهرجان اللومانتيه "الإنسانية" وهي الصحيفة الناطقة بأسم الحزب الشيوعي الفرنسي والتي صدرت منذ عام 1903م، من قبل الحزب الاشتراكي الفرنسي آنذاك، بعد تحول الحزب إلى الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1920 في مؤتمر "تور" بموافقة الأكثرية والانضمام إلى الأممية الثالثة، أصبحت اللومانتيه هي جريدته، وواصلت الأقلية تحت راية الحزب الاشتراكي الفرنسي.

وكانت مساهمة جريدة طريق الشعب والحزب الشيوعي العراقي في عيد اللومانتيه تمتد منذ ستينيات القرن الماضي. كانت بداية بسيطة تطورت عاما بعد عام لتتحول إلى مساهمات سياسية إعلامية ثقافية كبيرة وخيمة تتسع للجميع، تجذب الآلاف من العراقيين والعرب والأجانب لما فيها من فعاليات ولقاءات مهمة للعديد من المثقفين والفنانين. ساهمت الخيمة من خلال نشاطاتها الأولى في تعرية النظام الدكتاتوري البائد، والتضامن مع أبناء شعبنا للخلاص من الدكتاتورية، وضد الحصار والحرب، وما زال نشاطها التضامني مع شعبنا في تصديه لقوى الإرهاب والفساد وسياسة المحاصصة السيئة الصيت.

 وهذا العام كان العمل في خيمة طريق الشعب له خصوصية حيث المساهمة الخمسين لطريق الشعب في المهرجان، فتجد الرفاق يعملون كخلية النحل لساعاتٍ طوال من أجل إظهار الخيمة بحلتها الجميلة بالوقت المحدد، وتقدم للزوار مختلف الخدمات.

وكما اعتادت خيمة طريق الشعب أن تبدأ مبكراً بلقاء مع أحد قادة الحزب، حيث حضر الرفاق والأصدقاء من عدة دول، عاشت الخيمة أجواء اللقاءات الحميمة والمفاجآت بلقاء أصدقاء قدامى، كانت المشاعر الوطنية والرفاقية طاغية بين الحضور، بدأت الفعاليات مساء الخميس 13 سبتمبر، بالترحيب من قبل الرفيق محمد الكيم، والوقوف وانشاد النشيد الوطني "موطني" ثم الوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الرفاق الذين فقدتهم الخيمة هذا العام ومنهم الرفيق الفقيد صباح الحويزاوي والرفيق باتريك ريبوا، وجميع شهداء الحزب والوطن، بعدها بكلمة من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في فرنسا قدمها الرفيق فؤاد الصفار الذي رحب بالحضور جميعا وبمنظمات الحزب الذين قدموا من مختلف الدول، وتحدث عن الرفيق الفقيد صباح والرفيق الفقيد باتريك من الحزب الشيوعي الفرنسي صديق الخيمة الدائم.

وبمناسبة هذه الذكرى الخمسينية تحدث الرفيق خالد الصالحي الذي أدار الخيمة لعدة سنوات، عن مراحل تطور خيمة طريق الشعب وأسماء الرفاق الذين كان لهم شرف المساهمة والمشاركة خلال تلك السنوات، وأشار الى الجهود التي بذلت لجمع الصور لأرشفة السنوات الأولى حيث أنجز معرض للصور الفوتوغرافية للمساهمات القديمة.

بعدها قدم الرفيق علي صاحب عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي عرضا مكثفا لمجمل الوضع السياسي في العراق، وتحدث عن بعض المؤشرات الجديدة في العملية السياسية، وموضوعة التحالفات الشائكة الحالية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وعبر عن شكره وعن أهمية هذه المساهمة ويتطلب أن تستثمر بشكل جيد لعكس سياسة الحزب ومن أجل التضامن مع شعبنا ووطنا. ودار حوار مع الحضور مما أتاح تسليط الضوء أكثر على العديد من القضايا.

وبعد وجبة عشاء على شرف الحضور، بدأت الفقرات الفنية التي ساهم فيها العديد من المبدعين.

وتم خلال هذا اليوم أيضا أجراء لقاء مهم مع سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي الرفيق بيير لورن الذي أشار الى عمق العلاقة مع حزبنا، وأهمية مساهمة طريق الشعب في مهرجان اللومانتيه، لما لها من نشاطات ثقافية وسياسية مهمة، وتطرق الى سياسة حزبنا والتي ينظر لها الحزب الشيوعي الفرنسي بأعتبارها تجربة جديدة تحتاج الى التقييم، وأشار الى لقاء حزبهم مع الرفيق رائد فهمي قبل شهرين، حيث تم توضيح العديد من الأمور المهمة. وأكد تضامنهم مع الحزب الشيوعي العراقي والشعب العراقي.

في اليوم الأولى الرسمي للمهرجان الجمعة 14 سبتمبر 2018، كانت الخيمة على موعد مع ندوة سياسية بعنوان (مناهضة المشروع الامريكي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ودور اليسار) ساهم فيها، بنعدي فادي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، والرفيق علي صاحب، وحسان حمدان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، يوسف حبش عضو مؤسسة لجان التنمية والتراث الفلسطينية، وسعودي العمالكي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المغربي.

أثارت الندوة العديد من القضايا، وأكدت على ضرورة استجماع قوى اليسار العربي لمناهضة القوى الأمبريالية والرجعية التي تريد أضعاف امكانيات بلداننا وشعوبنا.

 بعدها ساهم القاضي هادي عزيز مداخلة عن الدولة المدنية، وتناول فيها القضايا القانونية التي تسمح للحكومة من تحقيق مطالب الجماهير.

وكان للفن حضوره المميز، فهنالك معرض للفن التشكيلي الذي تضمن تسع لوحات فنية بالأكريلك للفنان عماد عاشور من العراق، كما قدم المطرب محمد البيك بمصاحبة الفنان ستار الساعدي والفنان مهدي الشريفي فقرة غنائية لمجموعة من الأغاني العراقية الشجية التي أطربت الحضور من العرب والأجانب الذين ساهموا بالفرح داخل وخارج الخيمة.

وفي المساء ساهمت فرقة بابل الغنائية القادمة من الدنمارك بتقديم أجمل الأغاني العراقية الوطنية التي تفاعل معها الحضور بالبهجة، كانت لحظات فرح وتفاؤل جميلة.

وشهد هذا اليوم عدة لقاءات سياسية مع رفاق الدرب الطريق الواحد منها، لقاءآت الرفيق علي صاحب مع حزب العمل البلجيكي، والحزب الشيوعي اللبناني، وحزب الطليعة التقدمي المغربي.

استمرت الفعاليات لليومين التاليين بهمة ونشاط، كخلية نحل يساهم فيها الجميع من الرفاق والأصدقاء من نساء ورجال، شباب وشياب، فيوم السبت 15 سبتمبر كان حافلا بالفعاليات، أولها فقرة ثقافية للأستاذ ذياب مهدي آل غلام عن كتابه (مقهى ننه) في النجف كونها أرثاً نجفيا وعراقيا حضاريا، قدم للفعالية الأستاذ  عبد الرزاق الحكيم، تطرق فيها الى تاريخ هذه المقهى في المجال الثقافي والسياسي والوطني، وتبرع الأستاذ ذياب بعدة نسخ للخيمة.

وفي فقرة ثقافية أخرى أستضافت الخيمة الأستاذ ناجح المعموري رئيس اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين في أول محاضرة له قدمه الأستاذ داود أمين، تناول الأرث الفكري والثقافي للشهيد كامل شياع، من خلال قراءة نقدية لنتاج الفقيد ومشروعه الثقافي.

وفي الخيمة الأممية قدم الرفيق علي صاحب عضو اللجنة المركزية للحزب عرضا سريعا لمجمل الأوضاع في العراق وتحالفات حزبنا والظروف التي يمر بها العراق، وبحضور كبير جدا من ممثلي القوى اليسارية في العالم والذين يحضرون المهرجان كل عام.

في الساعة الرابعة عصرا أنطلقت المسيرة التضامنية مع مطالب شعبنا نظمتها رابطة المرأة العراقية، انطلقت من أمام خيمة طريق الشعب، وطافت شوارع المدينة الأممية بمساهمة العديد من زوار الخيمة.

ثم  قدمت الفرقة الفنية العراقية  لزوار الخيمة عدة أغاني جديدة، جذبت العشرات من الزوار العرب والاجانب، ومن جديد عادت فرقة بابل لتقدم عدة فقرات  غنائية  جميلة أمتدت لساعات ضمت عددا من الاغاني الوطنية والسياسية والعراقية الأصيلة، تتألف الفرقة من السيدة بشرى علي مؤسسة الفرقة وسعد الأعظمي وكوران ابراهيم وبرهان محمد وصباح الحمدون وروبار الخياط، كما قدمت الفرقة أغنيتين جديدتين من كلمات محمد الكيم الأولى (وي عيد الحزب هلهوله غنينه) لحنها بشار غناوي وتوزيع سعد الأعظمي، والثانية (تجمعنه كلمة بهالحزب) من الحان وتوزيع سعد الأعظمي، حيث أمتلأت الخيمة من الداخل والخارج بالضيوف والزوار ليتابعوا فقرات هذه الفرقة الجميلة.

وفي يوم الأحد 16 ايلول، وهو آخر أيام المهرجان كان موعد اللقاء الثاني مع الاستاذ ناجح المعموري  تحدث فيها عن الحال الثقافي الراهن قدمه الاستاذ رشاد الشلاه.

كما قدم الشاعر عادل الياسري بعض قصائده، بعد تقديم وتعريف به من قبل الاستاذ ناجح المعموري.

 

وتم تكريم أكثر من ستين رفيق وصديق من المتميزين في نشاطات الخيمة، ومن الذين ساهموا لعدة سنوات، حيث جرى تقديم ميداليات خاصة لهم بمناسبة المساهمة الخمسين لطريق الشعب في المهرجان.

وطيلة أيام المهرجان كان للشباب دور متميز في العمل والنشاط دون كلل وبحماس، وكان هنالك مكان خاص للكتب والمطبوعات والهدايا الرمزية دعما للخيمة طيلة أيام المهرجان.

ثم اختتمت فعاليات الخيمة السياسية و الثقافية والفنية  بدبكات شعبية للفرقة الفلسطينية.

كانت أيام لا تنسى حيث سادت الروح الوطنية والرفاقية وأجواء المحبة والفرح والبهجة بين الجميع.