إلى أين وصل بنا المآل بحيث بتنا نسرق مستقبل أبنائنا التلاميذ ولا نبالي بما سيحدث ؟!
في سبعينات القرن الماضي سرقت أسئلة الامتحانات الوزارية للصف السادس الإعدادي ، فقامت الدنيا ولم تقعد! أعيد الامتحان وعوقب السارق بأشد العقوبات قسوةً ! اليوم وكلنا ينادي بالتغيير بعد خمس عشرة سنة من التدهور والخراب والموت المجاني الذي تفشّى بسبب الفساد وعدم محاسبة الفاسدين ، بل ( الطبطبة ) على أكتافهم وكأنهم صنعوا خيراً ، وصلنا إلى طرقٍ أكثر خراباً وإيغالا في الفساد ، لأنّ مَنْ أمن العقوبة أساء الأدب كما يقال.
ها نحن نسمع ونقرأ ونرى بأمِّ أعيننا ماذا حصل للتربية والتعليم في بلدنا ، والتي هي الأساس لتقدم وازدهار أي بلد: سوء في الإدارة ، مدارس متهرئة وبنايات بلا ترميم ، مناهج أغلبها يسبب التدهور العقلي والفكري والنفسي ، تدريس فاشل ، تزاحم وتقاتل على سرقة كل شيء حتى أقلام الرصاص وعقول الأطفال ، مدارس وجامعات أهلية لا همَّ لها سوى الربح وبأية وسيلة كانت ، أسئلة تُسرق وتُسرّب لأبناء الذوات ومَنْ يدفع أكثر ، قتل بلا رحمة وبدم بارد وكأن المجني عليه جاء من كوكب آخر علينا أن ننهي حياته بأي ثمن !
ان سرقة أسئلة الامتحانات وتسريبها يعني سرقة مستقبل أبنائنا ، بل مستقبل البلد برمّته ، ورغم ما حصل ويحصل يكاد يقتلنا الصمت واللامبالاة وكأن التلاميذ ليسوا أبناءنا ومستقبلهم ليس مستقبلنا !
في كل دول العالم للتربية والتعليم حظوة كبيرة ، حيث تتربع على أعلى المراتب والمستويات من اهتمام ومراقبة ودراسة وتخطيط ومتابعة ودعم وتشجيع بشتى الصور، إلاّ في العراق. والدليل ما حدث ويحدث من تردٍّ في كل مفاصلها !! وللتاريخ علينا أن نتذكر إنّ المركز الأول عام 1977 في بيانات اليونسكو حول نسبة تقدم التربية والتعليم كان من حصة العراق. فما الذي حصل في نفوسنا وضمائرنا وعقولنا حتى هبطت هذه النسبة إلى الأدنى وصرنا نسرق كل شيء حتى الأسئلة ؟!
علينا أن نراجع كل ما حصل خلال هذه السنوات ، إذ ابتدأ التدهور منذ اشتعال الحرب في ثمانينات القرن المنصرم وما سببته خناجر الحصار بعد ذلك ، ثم سوسة الفساد الذي استشرى في كل مفصل من مفاصل البلاد. كما ان علينا أن ندرس جيداً آلية التعليم الصحيح وما الضير إذا استعنّا بتجارب الدول المتقدمة واستفدنا منها لترميم ما يمكن ترميمه قبل أن نخسر كل شيء. فالوطن لا يمكن أن يتقدم وتصلح حاله إلاّ بإصلاح التربية والتعليم .
من الضروري ان يكون الضمير الإنساني والانتماء الحقيقي للوطن دليلنا وحادينا في العمل ، وإذا لم نلتفت لهذه الحالة ونصحح مسارها فعلى البلد السلام. وليعلم الجميع إن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا في خطر ما زالت المحاصصة والمحسوبية وعدم ردع ومحاسبة الفاسدين هي السائدة في كل مكان ، ولنعلم أيضا إننا إذا لم نصلح أنفسنا فليس بإمكاننا إصلاح أي شيء أبدا!