في سنة 2003 أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يضفي فيه الشرعية على الاحتلال الأمريكي للعراق. وفي العام الذي تلاه تم تشكيل حكومة عراقية مؤقتة تهيأت لإجراء أول انتخابات برلمانية عراقية، تمخضت عن ولادة الجمعية الوطنية، التي بدورها أقرّت وجوب إجراء انتخابات عامة لاختيار مؤسسات حكم دائمة في العراق.
لكن للأسف الشديد بدلا من بناء دولة مدنية تقوم على المواطنة التي نص عليها الدستور العراقي ، تم تشكيل حكومة محاصصة. تم فيها تقاسم السلطة بين مجموعات سياسية باسم المكون والمذهب والقومية. واستطاعت هذه الحكومة حماية نفسها من القانون ، والسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة وتجييرها لصالحها , ومنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، والتي تعتبر من أهم العناصر الأساسية للنظام الديمقراطي والدستوري.
لكن القوى المتنفذة تمكنت من تشكيل مجلس المفوضية وتوزيعه على أحزابهم وكتلهم السياسية ، وهذا ما ولد عند الجماهير شكوكاً في المفوضية ، ودوافع لاتهامها بالتحزب والمطالبة بتغييرها من خلال تظاهرات عمت بغداد واغلب المحافظات العراقية.
وبعد انتهاء فترتها تمكنت القوى المتنفذة في الساحة السياسية العراقية من الاتفاق مرة أخرى على مفوضية محاصصة ، اختير أعضاؤها على أساس انتمائهم الطائفي أو الحزبي ، وليس بالاعتماد على استقلالية ونزاهة العضو وشفافيته، للقيام بمهامه وواجباته على أفضل وجه بحرية وحيادية ، وبأسلوب ديمقراطي بعيدا عن كل أنواع التأثيرات والضغوطات الانتمائية.
وفي الوقت نفسه تم سن قانون انتخابي غير عادل فصل على مقاسات كتلهم وأحزابهم من أجل الهيمنة على السلطة.
لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر. ولم ينقذهم من خسارتهم ممثلوهم في المفوضية التي شكلوها. واليوم اخذوا بمهاجمة المفوضية التي كانت من صنع أياديهم بأقسى العبارات التي تتهمهم بالخيانة والتزوير ، وبكلمات غير لائقة.
ان عليهم اليوم البحث عن سبب خسارتهم الكامن في ابتعاد الناس عنهم، لأنهم خذلوهم. ونقول لهم ( بدون شماتة ) يا حافر البير لاتغمج مساحيها، خاف الفلك يندار وأنت تقع بيها.