في تسعينيات القرن الماضي كتبت قصيدة فيها عبارة تقول ( وردية أحلامنا والمؤجلات كثار..)، نعم كانت جل أحلامنا مؤجلة لحين تشرق شمس الحرية ذات يوم، وحينما أشرقت ورحل الظلام ظلت أحلامنا على حالها ، كنا نمنّي النفس بحياة أفضل وأجمل ، أهمها التخلص من كل مخلفات الماضي وتراكماته الثقيلة ،وأهمها  البحث عن مأوى وخدمات وبنى تحتية  ومشاريع تنقل ناسنا ومدننا إلى مصاف الشعوب والمدن  المتقدمة والمتطورة،  ومنذ أول دورة انتخابية سمعنا بمشاريع كثيرة وخدمات أكثر لكننا لم نر شيئاً ، وعود هوائية فارغة  وكلام معسول ،، كل الذي رأيناه تراكم الخراب وازدياد نسبة الفساد والغش والفقر ونزيف الدم ، مشاريع كثيرة سجلتها موازنات الأعوام التي تلت عام 2003 لكن لم يتحقق منها سوى النزر اليسير، وكل مشروع يبدأ العمل فيه نستبشر خيراً  ونمنّي النفس بالفرح والسعادة ، إلاّ إنه يتوقف وتترك الشركة المقاولة العمل في منتصف الطريق ، مجسّرات عملاقة لكنها لم تكتمل وتمضي فترة إنشائها أدراج الرياح لتصبح عبئاً ثقيلا على المواطن ، جسور مشاة بلا سلالم وكأنها تقول اصعدوا لي واهبطوا بمنطاد، حدائق مات الزرع فيها وتحولت إلى ساحات جرداء ، وعود بقطع أراضي لم نبصر منها سوى المعاملات التي تتكدس ثم ترمى في سلّة المهملات، أما كان الأجدر بمتابعة ومراقبة كل الأعمال ومحاسبة المقصرين والفاسدين فيها؟!

خدمات المجاري ومياه الأمطار لم تكتمل أيضاً ، وماء الإسالة ظل على حاله مالحا وتزداد ملوحته كل صيف ، الكهرباء ومشاكلها، مشاريع  تبليط وإكساء الشوارع الفرعية والرئيسية للمناطق والأحياء السكنية توقف العمل فيها  وظلت كلما جاء الشتاء ونزل المطر تتحول إلى برك ومستنقعات  !!

إذا تساءلنا أين حل المطاف بها لن نحصل على إجابة، لأن الشركات المقاولة تركت كل شيء على حاله ورحلت  !!

لماذا لم تكن هناك متابعة ورقابة يومية لمعرفة جودة العمل والى أين وصل ؟!

وهل استلمت الشركة المبلغ المرصود للمشروع في الميزانية أم إنها لم تستلمه لهذا تركت العمل دون إتمامه ؟!

وعلى هذين التساؤلين يقف سؤال واحد ومهم جداً ،المشاريع ضمن موازنة سنة كذا وكذا ، وطبعا تم صرفها وفق ما يعرفه الناس جميعا من خلال التصريحات واللقاءات وغيرها، لكن أين ذهبت  والمشروع لم يكتمل ؟!

لا أحد يعرف الا الراسخون في .....، وتبقى عبارة ( رحم الله امرئ عمل عملا فأتقنه) تتردد في أذهاننا ونحن نمر كل يوم أمام المشاريع التي بقيت ( نص ستاو..) لا فائدة منها وفيها ، فقط غبار وأنقاض ومطبّات وطين ووحل عند المطر، ونظل ننظر إليها بعين يملأها  التساؤل والغرابة وقلب يتحسر على أحلام ستظل مؤجلة إلى حين ميسرة !

علينا أن نضع كل هذا نصب أعيننا ونحن نمضي الى صناديق الاقتراع كي لا نقع في الخطأ مرةً ثانية ، ونعضّ أصابعنا ندماً !

علينا أن ننتخب من سيبدأ بالعمل ويتقنه حقاً ، وان لا يتنصّل من وعوده وعهوده التي قطعها على نفسه ذات يوم .. وان يجعل الوطن والناس نصب عينيه دائماً !