قبل أيام كنت أتحدث مع الدكتور مزاحم المبارك (طبيب الشعب) عبر الماسنجر ، حول الحظر وكورونا وما يعانيه الناس في كل مكان ، بسبب أزمة وبائية وأزمات أخرى ( اقتصادية ، سكنية ، بطالة وفقر ، وصولاً إلى أزمة الأخلاق التي نعاني منها)، وهي أزمة موت الضمير الإنساني بكل وجوده وأفعاله الحيوية ، وأي عطلٍ في جزء منه أو كلّه عطل في المنظومة الكونية كلها ، لأن موت الضمير هو موت الوجود الإنساني الحقيقي وسيطرة نظام الغاب وشريعة القويّ يأكل الضعيف الذي سيموت قهرا وظلما تحت سطوته وجبروته، ونصبح في حارة (كلمن ايدو الو) حسب تعبير غوّار الطوشة!
أعود إلى حديثي مع الدكتور مزاحم الذي تطرّقنا فيه إلى أمور كثيرة، حيث طلب منّي الدكتور أن أكتب راجياً الإخوة الأطباء أن يقلّلوا من أجور الكشفية (الفحص) في عياداتهم الخاصة، وكذلك اسعار الفحص في المختبرات والدواء في الصيدليات، خصوصاً وهم الآن يمثّلون قمّة البطولة، كونهم المتصدّين والمدافعين بأرواحهم ضد هذا الوباء اللعين!
نعم رجال الصحة العراقية ، ومعهم القوات الأمنية بكلّ صنوفها ، يقفون بشجاعة وبسالة قلَّ نظيرهما ليصدوا ويقللوا من انتشار الجائحة ، بكل ما متوفّر لديهم من إمكانيات بسيطة وقليلة نتيجة الهدر المالي بدون تخطيط ومن باب الفساد وموت الضمائر، الذي أوصل البلد إلى هذه الحالة المزرية منذ سنوات عديدة، ومازالوا يهدرون ويبعثرون أموالاً تبني البلدان وتجعلها قدوة ومنارا للآخرين في التقدم والازدهار. لكنّهم استكثروا الخير والفرح والسعادة على شعب عانى الويلات والحروب ، فسرقوا خيراته بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وموت ضمير ليستوردوا ( نعلاً ) وما شابه ، بدلاً من بناء مستشفيات حديثة مجهّزة بأحدث الأجهزة والمستلزمات الطبية، للأسف!
الآن ونحن نقف جميعا أمام هذا الوباء الذي سرق منا أعزّاء وأحبة، علينا أن نرفع أكفّنا احتجاجاً صارخين:
لماذا سرقتمونا ؟! ولماذا خرّبتم؟ّ! ولماذا أفسدتم ؟! ولماذا ..؟! ولماذا ..؟!
أما كان الأجدر بكم أن تكونوا خيرا لهذا البلد، ومصدر سعادة لهذا الشعب الطيّب الذي عانى ما عانى من جور وطغيان الحكّام المتجبّرين، فمن طاغية متعطّش للحروب والدماء إلى فاسدين ولا مبالين بما يعانيه الناس من أزمات ...!
لماذا لا نقف ونتأمل في التاريخ قليلا، ونقرأ ببصيرة ثاقبة ما حلّ بالطغاة والفاسدين، لأن التأريخ لن يرحم أبداً؟!
والحقّ الذي لابد أن نقوله بملء الفم .. ان علينا جميعا أن نتّعظ ونغيّر كل شيء نحو الأحسن والأصوب والأفضل ، وان نجعل من هذا البلد بستان محبة وأمان وسعادة!
ليس مجرد كلام.. لماذا.. ؟! / عبد السادة البصري
- التفاصيل
- oscar
- آعمدة طریق الشعب
- 3544