وأنا أقرأ عن تزايد أعداد المصابين بوباء كورونا في بلادنا، أخذت التساؤلات تطرق رأسي: لماذا ؟! وكيف ؟! وما السبب في هذا الارتفاع، وصيفنا اللاهب قد خيّم علينا؟!
آراء وتقارير وتصريحات كثيرة قيلت حول هذا الفايروس، وآلية العدوى، وتأثيرات الحرارة عليه، ومدى تأثيره على الإنسان، لكن هل اتفق العلماء والباحثون والأطباء على شكل واحد من أشكال انتشاره وانحساره؟!
فايروس مجهري يعيش في نواة زيتية أو ما شابه ذلك، سيتأثر بارتفاع الحرارة حتما، كبقيّة الفايروسات الأخرى، لكن إذا استطاع الدخول إلى بيئة ملائمة لبقائه سيعيش ويستفحل وبقوة ، كيف ذلك ؟!
طبعا إذا استطاع الانتقال من المصاب إلى شخص آخر فسيجد خلية ملائمة لعيشه وتكاثره، هذا ما يحصل عندما نفقد خاصيّة الوقاية الحقيقيّة له، من خلال جهلنا أو تجاهلنا له، كذلك ضجرنا ومللنا من أيام الحظر التي لم نتعوّد عليها بالتأكيد!
الحظر شكل من أشكال الوقاية الذاتية والدفاع عن النفس، له ايجابياته وسلبياته، ومن ايجابياته حمايتنا من الاختلاط والملامسة وبالتالي التعرّض للعدوى والإصابة بالمرض، ولكن كيف سنقضي أيام الحظر بلا استعداد كافٍ لها؟!
البقاء في البيوت وعدم الاختلاط بالناس بأي شكل سيوقف عجلة الحياة العملية والإنتاجية والتعليمية بشكل تام!
لهذا توقفت أعمال ذوي الدخل المحدود، وانعدم القوت اليومي لمن يعملون بالأجر اليومي فقط، مثلما توقفت الدراسة وغيرها!
أصبح العامل والأجير اليومي والبائع المتجول وسائق الأجرة والفقير المعدم وعوائلهم، في مواجهة حتمية مع الجوع والموت، لأنهم بلا مورد معيشيً!
منذ ظهور الوباء والكل ينادي بالوقاية والالتزام بقرارات الحظر، والابتعاد عن التجمعات بكل أشكالها!
لكن هل فكّرت الحكومة بهؤلاء وكيفية معيشتهم؟!
بالتأكيد لا، في بداية الأمر تماهلت كثيراً وانشغل السياسيون بالحكومة واستقالتها، وكيفية قبول مرشح دون آخر، ولم تنته صراعات الكراسي والمناصب عند حد أبدا، تاركين المواطن يواجه مصيره أمام الوباء بصدره العاري وجيبه الخاوي وبيته المتهرئ، لم تفكر الحكومة بتوفير لقمة العيش التي هي عماد وجود الإنسان وبقائه حيا ، ولم تساعده بتوفير مستلزمات الوقاية من كفوف وكمّامات ومواد تعقيم، حيث ارتفعت تكاليف شرائها بشكل كبير، فظلّ المواطن يتقلّب على جمر الغضا!
والأدهى والأمرّ أنها أطلقت وعوداً عرقوبيةً بمساعدة الناس مالياً!
قبل يومين خرجت للتسوّق من العشّار وهالني ما رأيت رغم قرارات الحظر!
كنت محتاطاً لكل شيء، لبست الكمّامة والكفوف وأخذت معقمات في جيبي، لكنني صُدِمتُ عندما شاهدت لا مبالاة الناس بالأمر، وعدم ارتداء الغالبية العظمى منهم للكفوف والكمامات، ومصافحتهم لبعضهم وشرب الماء والعصائر واللبن من الباعة المتجولين وكأن شيئاً لم يكن!
بمعنى أنهم قد ضاقوا ذرعاً بما يحصل، فارتأوا مواجهة الوباء ومعايشته وجها لوجه وليحدث ما يحدث، والنتيجة ارتفاع نسب الإصابات !!
الحكومة مسؤولة عن توفير كل مستلزمات المعيشة والوقاية للمواطنين جميعاً، إذا أرادت حقا أن يلتزموا بقرارات الحظر وينفذوها !
وما عملت عليه حكومات البلدان الأخرى من توفير كل شيء لمواطنيها من مواد غذائية ومبالغ مالية (رواتبهم) ومشروبات ومستلزمات الوقاية خير دليل على نكوص الوباء وانحساره شيئا فشيئا عندهم!
إذا أردنا أن يلتزم المواطن بالحظر، وان نقاوم، بل نتغلّب على الوباء، علينا أن نشعر بشكل حقيقي وملموس بما يشعر به مواطننا، ونساعده على تخطّي الصعاب بكل ما أوتينا من حكمة وقوة وشهامة وإنسانية حتماً، وبهذا ننتصر على الجائحة!