العنف الاسري هو العنف الذي يحدث بين الاشخاص الذين تجمعهم علاقة أسرية كزوج وزوجته او الاب مع اولاده او الاخ واخته وغيرها فالاسرة جزء صغير من المجتمع ..يحدث العنف الاسري نتيجة الاساءة العاطفية او البدنية او الجسدية او الجنسية او الحرمان من بعض الحقوق او قد تكون من جميعها الى جانب تهديدات بالاساءة ،وقلما نجد الاساءة للرجال من زوجاتهم ..لكن الكثير من حالات العنف الاسري نجدها ضد المرأة والاولاد ...وجميع ذلك يعتمد على طبيعة العلاقة الاسرية والوضع المعيشي وكذلك العادات والتقاليد التي تفرض دون وجه حق...
وتتعدد الاسباب وكلها تعتمد على موضوع اختلال التوازن بين القوة والسيطرة والأطباع التسلطية الخاطئة في حدود غير معقولة ومبالغ فيها بقصد التحكم غير الاخلاقي او فرض الذات او قد تدخل لاسباب مادية ودينية متطرفة ومبالغ بها.
يستخدم الطرف المسيء في العلاقة الزوجية بشكل او بآخر وحسب طبيعة كل شخص انواعا من فرض السيطرة كالتهديد بالكلمات البذيئة والسلوك الجارح او الحرمان من ابسط الحقوق وعلى الطرف الاخر القبول وعدم الأعتراض حتى لو وصل الأمر إلى الضرب والتجريح والاهانه مما يؤدي ذلك ألى تفكك الأسرة أحيانآ ويكون ضحيتها الزوجة والاولاد في ظل مجتمع شرقي مغلق لا يحترم حقوق المرأة ولا يعطي حق الطفل المعنف ولا يصغي لهم وتحت عنوان (العيب والممنوع).
وما يدخل تحت اطار العنف الاسري منع البنت من الالتحاق بالمدرسة او العمل بسبب حكم العادات والتقاليد او الاساءة بشكل مباشر او غير مباشر او التعامل القسري مع أمور شخصية كمنعها من أستخدام اجهزة الموبايل ومواقع التواصل الاجتماعي مثلا.
وهناك حالات أخرى كمنع الزوجة من زيارة اهلها او الاتصال بهم او حتى التواصل مع الاصدقاء وبدون سبب مقبول بحجة العادات والتقاليد وفرضها ولو بالقوة، وحالات الضرب والكسر والخنق والحرق وما الى ذلك من ممارسات منافية للاداب والأخلاق العامة . وهناك حالات أخرى كتسلط زوجة الأب وممارسة العنف المفرط مع أبناء زوجها إلى حد تعريضهم للخطر في بعض الأحيان كعرضهم للبيع والاتجار بهم أو رميهم في الشوارع بدون وجه حق.
كل ما نشاهده في مجتمعنا من حالات عنف واضطهاد وتحرش جنسي وانتهاكات بحق الطفولة والمرأة وعدم أنصافهما يستدعي الوقوف وبكل جرأة وتحدي وإصرار للمطالبة بألغاء ماورد في المادة (41) من قانون العقوبات العراقي لسنة1969المعدل التي سمحت لرب الأسرة بالتجاوز على الزوجة والأبناء وسلب ابسط حقوقهم وحرياتهم الشخصية بأدراج جريمة تعنيف المرأة أو الطفل كجريمة يحاسب عليها القانون حسب المواد410،411،412،413،414,415,416 لأيجاد حل متصف للمعنفة او المعنف وتجنب تكرار مثل هكذا حالات.
مصطلحات التربية والتأديب والعقاب غالبا مايفسرها القضاة تفسيرا ذكوري فيها من الظلم والإجحاف بحق الأنسان المعنف في بلد يعاني من عدم وضوح القانون. فكم من ضحية فقدت حياتها بسبب هذا التشريع الخاطئ وكم من طفل انتهك وعذب وشرد وحرم من حقوقه.؟ ناهيك عن عدم محاسبة الجاني في (جرائم الشرف) وأطلاق يده بفعل فعلته بحق أو بدون حق.
وفي إحصائيات للامم المتحدة حول هذا الموضوع نجد ان النسب ترتفع يوم بعد اخر خاصة في البلدان المتخلفة اجتماعيا وفكريا واظهرت نسبة عالية جدا تقدر من ٤٦ في المائة من النساء المتزوجات اللائي تعرضن لعنف جسدي او جنسي و ٨٥ في المائة من الرجال يمنعون اي امرأة من اقامة شكوى و ٧٥ في المائة من النساء تعرضن الى التهديد كي لا يلجأن الى تقديم شكوى في مراكز الشرطة.
وهناك موضوع اهم وهو يشكل نقصا في ادارة المشاكل العائلية في العراق وايواء المعنفات والمعنفين الذين لا مأوى لهم وليس لهم الدعم المادي المطلوب وتوفير سبل العيش الكريم بعيدا عن العنف وممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بل ان هذه الاماكن غير موجودة مقارنة بدول أخرى تحترم حقوق المرأة والطفولة وتعتبرها (خط احمر).
اضف الى ذلك هناك نواب في البرلمان العراقي يحاولون بشتى الطرق وبحجج واهية من عدم المساس بالتشريع السابق الذي يخص موضوع العنف الأسري بتبريرات دينية والدين براء منهم، في حين اننا نحتاج الى معالجة لهذه المشاكل المزمنة.
وعودة الى قانون العقوبات العراقي وما نصت عليه المواد التي ذكرناها سابقا فقد فرضت عقوبات على مرتكبي الفعل وهي الضرب المفضي الى الموت كالكسر والعاهة والحرق وغيرها ، تصل الى السجن وبعضها عقوبة مخففة ...لكن في ظل الظروف الحالية وما نشاهده من مشاهد ينأى بها الجبين من انواع التعذيب والتهديد والقتل المتعمد لنساء حتى هناك عوائل لم تفصح عن جرائم ارتكبت بحقها خوفا من فضحها أمام المجتمع. وعلى هذا الأساس نطالب كافة المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الأنسان بالوقوف وقفة جادة أتجاه العنف الأسري المفرط بحق المرأة والطفولة في العراق والعمل على تفعيل القرار 1325وأتفاقية سيداو لدرء خطر التفكك الأسرى المتزايد ونحن نمر بأزمات صحية واقتصادية خانقة بسبب وباء كورونا من شأنها خلق أجواء ومخرجات لا يحمد عقباها.