حظر التجوال لتفادي تفشّي وباء ما، والالتزام به، واجب إنساني ووطني!
في كل دول العالم، وعلى مرّ التاريخ، وعند حدوث كوارث طبيعة كالأوبئة، تصدر قرارات عدة، منها حظر التجوال على جميع المواطنين، ويجب الالتزام به!
لكن، هناك مسألة إنسانية كبرى يجب التفكير بها، قبل حصول الكارثة ــ أي قبل ظهور الوباء ــ وتكون ضمن حسابات الحكومات والمسؤولين تحديدا في كل زمان ومكان!
منذ عام 2003 حين سقط النظام الفاشي، ولحد هذه اللحظة هل فكّر مسؤول ما بمثل هذه الكوارث، وكيفية الخروج منها بأقل الخسائر ؟!
لم يدر بخلد الواحد منهم ــ اقصد مسؤولي نظام المحاصصة ــ أن يفكّر لحظة واحدة بالشعب ومستقبل الوطن، رغم الشعارات البرّاقة والخطب والتصريحات النارية، كان تفكيرهم فقط ــ وللأسف ــ منصّبا على آلية المحاصصة وشرعنة الفساد، وتوزيع الثروات بين الاقربين، وكأنهم دخلوا حرباً انتصروا فيها ، وكل ما في البلاد غنيمة لهم !
منذ أكثر من سبع عشرة سنة: هل فكّروا بالعلم والتكنولوجيا وتطورهما؟
هل فكّروا بالبناء والأعمار ؟
هل فكّروا بتطوير التربية والتعليم ؟
هل فكّروا بالقضاء على البطالة وأزمة السكن ؟
هل فكّروا بالخدمات والبنى التحتية ؟
هل فكّروا بالثقافة والأدب والفن ؟
هل فكّروا باقتصاد البلاد، وصناعتها وزراعتها وتجارتها ؟
هل ..؟ وهل..؟
التساؤلات كثيرة والموازنات انفجارية! وأكثر هذه التساؤلات أهمية: هل فكّروا ببناء الإنسان العراقي، الذي كابد وعانى من نظام العسكرتاريا والحروب العبثية والحصار والخوف والموت ؟ هل فكّروا بإشاعة الروح الوطنية الحقيقية ؟ الإجابة: كلّا.. وكلا!
والدليل حين ظهر وباء كورونا صُدمنا بقلة المشافي وأجهزة التنفس الاصطناعي والعلاجات وآليات الوقاية. والاهم من كل ذلك معيشة الناس، وبالأخص الكسبة وأصحاب الدخل اليومي، الذين يحصلون على لقمة عيشهم من كدهم كل نهار ، فإذا توقف عملهم يواجهون غائلة الجوع !
كم من فقير وكادح وكاسب وأجير يومي انقطع رزقه بسبب الحظر ؟ ولابد من الالتزام بالحظر لسلامته وسلامة الجميع طبعاً، ولكن.. هل فكّرت الحكومة بتعويض هؤلاء، ودفع شبح الجوع عنهم، إضافة إلى دفع ضرر الوباء؟
إذاً، لابدّ من وقفةٍ حقيقيةٍ، ومراجعة النفس ومحاسبتها بضمير إنساني حي، وإيجاد حلٍّ لهؤلاء الكادحين، بأسرع وقت، قبل حصول الكارثة!
لأنهم، حين يثقل الجوع كاهلهم سيخرجون الى الشارع، وبالتالي يكسرون الحظر، وهذا ضرر كبير عليهم وعلى المجتمع برمّته!
على الحكومة أن تترك كل شيء الآن وتجد الحل لتعويضهم وبالسرعة الممكنة قبل فوات الأوان، لا بالوعود والكلام المعسول والأمل المفقود، لأن الشعب لم ولن يصدّق بأي وعد أو عهد او كلام، بعد ما انكشف المستور وبات كل شيء أوضح من شمس النهار!
الإسراع بتعويض هؤلاء، قبل أن ينكسر كل شيء ويتبدى الماء، وحينها لات ساعة مندم، بل كارثة كبرى!